الرد الحضاري الحازم سبيل المملكة العربية السعودية لمواجهة التحديات الراهنة (2-2)

  • 1/28/2019
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

أوضحنا في المقال المنشور يوم الخميس 24/يناير/2019 أن السياسة النهضوية التي اعتمدتها المملكة العربية السعودية كانت وستبقى المحرك الحقيقي لقوى الشر والإرهاب الدولي للنيل منها لثنيها عن مواصلة تنفيذ استراتيجيتها للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة، والتحول إلى قوة اقتصادية كبيرة متعددة الموارد، قادرة على تحقيق نسب عالية من الاكتفاء الذاتي في قطاعات الاقتصاد المختلفة وفي مقدمتها الصناعات الاستراتيجية، وتحويل صناعتها الاستخراجية للموارد النفطية إلى صناعات ذكية مولدة ومغذية لسلسلة من الصناعات الوطنية بدلا من تصديرها خامات متذبذبة العائد وفقا لتقلبات السوق الدولي، واعتمادا على الموارد البشرية المواطنة المؤهلة تأهيلا علميا ومهنيا ارتقائيا رفيع المستوى، بما يفجر لديها القدرة على الابتكار والإبداع ومحاكاة متطلبات المستقبل. بالإضافة إلى الأطماع الكامنة والمعلنة في ثروتها، فما الرد الحضاري الذي اعتمدته المملكة؟ الرد الذي انتهجته قيادة المملكة لمواجهة التحديات، كان دائما وسيبقى ردا حضاريا مدروسا بعناية، وليس ردا انفعاليا غوغائيا كما يفعل البعض، أو الاعتذار والتراجع عن خطواتها التنموية كما تفعل بعض الحكومات الضعيفة، إنه رد الأقوياء المؤمنين بالله والمتوكلين عليه، العارفين مكانهم وإمكاناتهم، المحددين هدفهم بدقة، ففي المجال الاقتصادي كان رد المملكة مواصلة المسيرة بعنفوان أشد، وإنجازات أكبر، والنهوض بقدرات الموارد البشرية المواطنة التي هي غاية الدولة وهدفها الأسمى وثروتها التي لا تنضب. وإذا كان الاقتصاد السعودي قويا وفقا لمعطيات الواقع وتقارير الخبراء ووكالات التصنيف العالمية، وبموقع السعودية ضمن مجموعة العشرين، فإن قيادتها تطمح وتسعى إلى أن تكون في المراتب العليا من بين الاقتصادات الأقوى عالميا. وقد لخص الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الرد الحضاري السعودي بتأكيده «أن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية في الاقتصاد الوطني تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف (رؤية المملكة 2030) الرامية إلى تنويع الاقتصاد وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية، إلى جانب تحفيز القطاع الخاص والعمل على تحسين مستويات المعيشة للمواطنين». وبين سموه «أن حكومة المملكة ستستمر خلال العام 2019م في العمل على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية في مختلف المجالات، مؤكدًا اهتمام الحكومة برفع كفاءة الإنفاق لضمان تحقيق أفضل عائد اقتصادي واجتماعي». كما أن تجربة المملكة العربية السعودية في الحكم والإدارة والثقافة والإعلام، والجمع بين التمسك بالعقيدة والشريعة والمحافظة على الثوابت الإسلامية، وتعزيز مبادئ الوسطية والاعتدال، وبين الانفتاح المتوازن على الحضارات الحديثة، والأخذ بوسائل وتقنيات التقدم والرقي، تجربة رائدة تعبر أصدق تعبير عن حيوية فكر قياداتها وتطبيقهم السليم لمبادئ الدين الحنيف. وفي المجال السياسي حرصت المملكة العربية السعودية على دعم وتوحيد مواقف دول الأمة العربية والإسلامية، ورفض الفتن والانقسامات وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية واستخدام المليشيات المسلحة لغرض زعزعة أمن الدول العربية واستقرارها، من دون أن تتدخل في شؤونها الداخلية، فكانت المملكة دائما صوت السلام ونداء المحبة ومحطة التقاء الخصوم وموئل التسامح ليغادروها إخوة متحابين، وفي مجال السياسة الدولية اعتمدت المملكة نهج التعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق السلام العالمي، وتعزيز التفاعل مع الشعوب لترسيخ قيم التسامح والتعايش المشترك، وعدت خيار الحل السياسي للأزمات الدولية الخيار الأمثل. كما أن المملكة تدرك تماما أن العلاقات السياسية في عالم اليوم هي الوجه الآخر للمصالح الاقتصادية، والغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية تعلنها بكل وضوح أنها تقايض مواقفها السياسية بحجم العائد من علاقاتها الاقتصادية مع هذه الدولة أو تلك باستثناء الكيان الصهيوني طبعا حيث علاقتهما عضوية، ومن ثم فإن المملكة العربية السعودية لا تجد ضيرا من تشابك علاقاتها الاقتصادية مع مختلف دول العالم بما يعود بالنفع على تطورها الاقتصادي والصناعي، وبما ينعكس إيجابا على استقرارها الأمني والسياسي أو على الأقل يحد من غلواء المواقف العدائية تجاهها، وقد نجحت في الإسهام في تغيير السياسة الأمريكية تجاه إيران، والذي توج بانسحابها من الاتفاق النووي الذي يمثل مصدر خطر كامن يهدد ليس المملكة وحدها بل العالم العربي والإسلامي، وفرض عقوبات جديدة ضد إيران، ما يخفف من قدراتها العدائية. وهذا قمة النجاح في عالم إدارة السياسة الخارجية. وختاما نشد على أيدي قيادة المملكة ونقول سيروا على نهجكم فأنتم الأعلون، ونتطلع إلى دوركم الريادي في تعزيز وحدة الخليج العربي والجزيرة العربية وتدعيم قوة مجلس التعاون الخليجي، ومساندة أشقائكم أينما كانوا في الخلاص من نير الابتزاز والهيمنة الإيرانية، ونحن وكل عربي ومسلم معكم، نتطلع إليكم بعد الله العلي القدير، وليبقى عهد الملك سلمان حفظه الله عهد الحزم والحسم والإنجاز والرفعة والتقدم والتنمية والأمن والسلام. ‭{‬ أكاديمي وخبير اقتصادي

مشاركة :