علي بونغو صاحب الوجوه المتعددة

  • 1/28/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قد يكون رئيس الغابون، علي بونغو، أحد أكثر زعماء أفريقيا إثارة للجدل. بالنسبة إلى البعض، هو الأمير المدلل اللعوب الذي ينظر إلى حكم الغابون حقاً مكتسباً بالولادة، بعد أن قضى الفترة الأكبر من حياته في ظل أبيه، الذي حكم المستعمرة الفرنسية السابقة 42 عاماً، وهو مغني موسيقى «الفنك» في شبابه قبل أن يسلمه والده مسؤوليات رسمية، ليتولى الحكم من بعده عام 2009، ضامناً استمرار سيطرة أسرة بونغو على البلاد الغنية بالنفط لأكثر من 50 عاماً. وهو أيضاً، بالنسبة إلى آخرين، الرئيس الذي وصل إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية بالرغم من الطعن المستمر بمشروعية حكمه من قبل خصومه، والمكافح للخروج من عباءة والده، الحاكم السابق، الذي استخدم سلطته للانتفاع من موارد بلاده وأحد أعمدة سياسة «أفريقيا الفرنسية»، التي شابها انتهاكات لحقوق الإنسان ومحاباة الأقارب. غيابه الطويل عن البلاد للعلاج إثر عارض صحي ألم به في أكتوبر، طفا بالتوترات السياسية في البلاد إلى سطح الأحداث أخيراً، وأثبت أن عهد الانقلابات العسكرية في القارة الأفريقية لا يزال حاضراً، مع اقتحام مجموعة في الجنود لمحطة الإذاعة في ليبرفيل بدعوى «استعادة الديمقراطية». ميلاد مشكوك به!الرجل العريض المنكبين الصغير البنية المعروف بـ«مسيو في» أو «الابن» بالفرنسية، كان قد ولد باسم الين برنارد بونغو في برازافيل الكونغولية ضمن مستعمرات فرنسا الكولونيالية عام 1959. لا يزال ميلاده محط جدل إلى اليوم، لا سيما مع استمرار الشائعات التي نفاها باستمرار، بأنه ابن بالتبني من دولة نيجيريا خلال فترة الحرب الأهلية المعروفة بحرب بيافرا. كان في الثامنة عندما تولى والده، عمر بونغو، الحكم في الغابون عام 1967، وقد درس الفتى في أهم مدارس برازفيل، لكنه لم يتعلم أي من اللغات المحلية، مما عرضه لحملة انتقادات. ثم في عام 1973 اعتنقت أسرة بونغو الإسلام، وتغير اسم الين إلى علي، كما اسم والده إلى عمر، لكن الفتى لم يكن مهتماً بالسياسة الرسمية بعد، وقد أظهر شغفاً بكرة القدم والموسيقى، شيء ورثه عن والدته المغنية الغابونية بايشنس داباني. انتقل إلى باريس لدراسة الحقوق، وتردد على حانات المدينة وأصدر ألبوماً عام 1977 بعنوان «رجل جديد تماماً» بإنتاج سخي رسخ صورته بين الأثرياء اللعوبين، ثم في غضون ثلاث سنوات دخل «رجلاً جديداً تماماً» لكن هذه المرة في السياسة، حيث عينه والده وزيراً للخارجية عام 1989، ثم تولى قيادة وزارة الدفاع إلى حين وفاة الأب عام 2009، حيث بدأ بالظهور بمظهر أكثر تحفظاً، مرتدياً ملابس رسمية، ومتنقلاً في المحافظات لخوض حملته الانتخابية. دخول السياسة لذا، لم يكن توليه السلطة عام 2009 أمراً مستغرباً، بعد كل التحضيرات التي خضع لها، وقد خاض الانتخابات على الرغم من معارضة بعض أعضاء الحزب الديمقراطي الحاكم، وفاز بنسبة 42% من الأصوات، لكن مشروعية النتائج ظلت موضع تشكيك من معارضيه. هذه الشكوك طفت على السطح مجدداً عام 2016، بعد فوزه بهامش ضئيل جداً، بنحو 6 آلاف صوت فقط، في انتخابات تخللها اشتباكات دموية وادعاءات بالتزوير من جانب منافسه، رئيس الاتحاد الأفريقي السابق ووالد اثنين من أولاد شقيقته، جين بينغ. وقد حاول بونغو، الذي ينتمي إلى عائلة تولت إدارة البلاد لعقود، تنصيب نفسه رجل التغيير، من خلال تضمين خطاباته كلمات طنانة مثل «التجديد» و«الابتكار»، وإحلال جيل شاب جديد مكان مسؤولي الحكومة القدامى من عهد والده، لكنه يبقى بعيداً عن الناس بسبب نشأته المرفهة، وفقاً لموقع «دويتشه فيليه»، وتحديداً إسرافه في الإنفاق لا سيما على السيارات، في بلاد يعيش أكثر من ثلث سكانها تحت خط الفقر. وتبقى صورة الرئيس بونغو يقود سيارته مع لاعب الكرة الأرجنتيني ليونيل ميسي حول العاصمة في سيارة مبهرجة عام 2017 عالقة في الأذهان. تلطخت فترة حكمه بتحقيق فرنسي في ادعاءات بالاختلاس تشمل أرصدة لعائلة بونغو بما في ذلك 39 ملكية في فرنسا وتسع سيارات فاخرة، لكن الشرطة الفرنسية تخلت عن التحقيق عام 2017 بحجة عدم توفر أدلة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. ادعاءات بالفساد الانتقاد لحكم بونغو لم يأت من جماعات حقوق الإنسان فحسب، وفقاً لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية «بي بي سي»، بل من خصومه أيضاً الذين يزعمون أن عائلة بونغو حولت الغابون إلى «نظام كليبتوقراطي»، منتفع من الموارد الطبيعية والثروة النفطية والغابات المطيرة، فيما اتهم آخرون أعضاء أسرته باختلاس المال العام وإدارة البلاد كونها ملكية خاصة لهم. وتنفي العائلة جميع تلك الادعاءات. وكان محط انتقادات أيضاً بسبب ترؤسه للمحفل الماسوني في البلاد، حيث يعتبر واحداً من الرؤساء الأفارقة الفرنكوفيين الحاليين، الذين أعلنوا عضويتهم في الماسونية، وفقاً للمؤلف الفرنسي فنست هوغو. يعتقد المؤرخ الفرنسي فرنسوا غولمه أن بونغو: «يرغب في النظر لنفسه كالوريث، وفي الاعتقاد أن الغابون ملكيته»، لكن المراقبين يعترفون بتطبيقه عدداً من الإصلاحات في محاولة لـ «طرد شبح والده»، حسب تعبير أحد المراقبين الدبلوماسيين. وتعزو الصحافية، سيديك أبا، الفضل إليه في الضغط لتبني قانون يحظر تصدير الأخشاب المدارية، ويشير مؤيدوه إلى سلسلة مشاريع لتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط بنسبة 60% من الإيرادات، وبناء مرسى عملاق في قلب العاصمة ليبرفيل، وإنشاء منتزه يحيط بالعاصمة. وقد استخدم اتصالاته أثناء سفره لإيجاد مستثمرين آسيويين جدد وشركاء مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع فرنسا، لكن منتقديه يتساءلون: «هل أدت إلى أي شيء بالنسبة إلى العاطلين عن العمل؟». إحباط عام الإحباط بشأن نقص المعلومات المحيطة بمرضه، والتأخر أسابيع عدة قبل تنصب الحكومة نائب الرئيس بيير– كلافير موسافو كالرئيس المؤقت، ورفض المسؤولون الحكوميون استحضار البنود الدستورية التي تسمح للناطق باسم الجمعية الوطنية أن يصبح الرئيس المؤقت بتفويض محدود بالدعوة إلى انتخابات في غضون 45 يوماً. كل تلك الأسباب قد تكون وراء محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة في يناير، بما في ذلك دعوة 44 من الأحزاب السياسية المعارضة لتشكيل حكومة مؤقتة لسنتين، بحيث يجري خلالها إصلاح دستور البلاد ومؤسساتها للتغلب على إرث سلالة بونغو العائلي، وفقاً للكاتب مارتن روبيا، وقد حاول علي بونغو تهدئة الشائعات عبر رسالة تم بثها في رأس السنة الجديدة، معلناً عودته القريبة، لكن الجنود الذين استولوا على الإذاعة وصفوا الخطاب بأنه «مثير للشفقة» و«ومحاولة مستميتة للتشبث بالسلطة». بونغو المتزوج من سيلفيا الفرنسية الغابونية، يبقى رئيس الغابون، ويبقى شغوفاً بالموسيقى كعادته، حيث أفيد عن مشاركته في تسجيل ألبوم آخر عام 2017 مع فرقة أوركسترا لندن السمفونية بعنوان «رؤى سيمفونية من الغابون».طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App

مشاركة :