أكدت قيادات دينية مسلمة ومسيحية، أن الإمارات تقود مرحلة جديدة من الحوار الحضاري بين الأديان، لينطلق العالم إلى آفاق أرحب من التعايش الإنساني، وقبول الآخر واحترام الاختلاف بيننا كبشر وأصحاب عقائد مختلفة، مشيرين إلى أن الزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس، لدولة الإمارات الأسبوع المقبل تجسد بشكل واقعي وعملي لرؤية وريادة دولة الإمارات في الحوار الحضاري والتعايش. وأشارت هذه القيادات الدينية، في تصريحات خاصة لـ «الاتحاد»، إلى أن هذه الزيارة تعكس ريادة دولة الإمارات في نشر وتطبيق الدعوة إلى التسامح واحترام الآخر والتعايش السلمي بين الجنسيات والحضارات والديانات المختلفة على أرض الإمارات الحبيبة وحرية العبادة التي يتمتع بها الجميع في ربوع الدولة، وكذلك الاحترام المتبادل الذي يكنه البابا بصفته رئيس الكنيسة الكاثوليكية، لسياسة وحكام الدولة وتدعيمه لرؤيتها. وشددوا، على أن الإسلام دين حوار حضاري راقٍ؛ لأنه دين عالمي يرى الآخر أخاً له في الإنسانية وشريكاً له في عمارة الكون والبناء، منوهين بأن كل الأديان تطلب التعايش السلمي، وقيادات الأديان يعرفون أهمية ذلك وضرورته، إلا أنهم مدعوون إلى توعية شعوبهم ومجتمعاتهم بأهمية المحبة والحوار وقبول الآخر. أكد الدكتور حمد الشيخ أحمد الشيباني المدير العام لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي،العضو المنتدب للمعهد الدولي للتسامح على أهمية الحوار بين الأديان الذي يؤدي إلى تغليب صوت الحكمة والتسامح، وإحلال السلام العالمي، مشيراً إلى أن الإمارات من الدول الرائدة في مجال تعزيز وتجسيد روح التسامح بين الأديان، وضرورة قبول الاختلاف مع الآخر، باعتبارها من ضروريات العيش الآمن، واحترام الحقوق ووسيلة مباشرة لمد جسور التعاون والتواصل بين الشعوب. وأشار الشيباني، إلى أن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، خطت لنفسها طريقاً يقوم على تقبل الآخر بكل اختلافاته الدينية والأيدلوجية والثقافية، منوهاً بأن القيادة الرشيدة تبذل جهوداً متواصلة وبناءة لتشجيع ومأسسة «الحوار بين الأديان»، وتفعيله وإشاعة ثقافة السلم ونبذ العنف والتطرف والإرهاب وتحقيق الأمن والسلام لشعوب العالم كافة. رسالة الإمارات من جانبه، قال الأب مينا حنا، كاهن بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية بجبل علي في دبي: الحوار الذي تتبناه دولة الإمارات بين الأديان، هو فكر منفتح جداً بالنسبة للمنطقة العربية، وهو جهد وعمل كبير يرسل رسالة إلى الأشخاص غير الفاهمين من مختلف الأديان، بأن الأخوة الإنسانية ضرورة وهدف مهم، يجب العمل على الوصول إليه. وأضاف: دولة الإمارات سباقة في جانب التعايش، وليس هناك دليل أكبر وأوضح من وجود 200 جنسية تعيش على أرضها، وأنا على المستوى الشخصي أعيش في الإمارات منذ 25 عاماً، ولم أرَ أي تمييز أو تعصب، بل أشاهد محبة وتعايشاً وقبولاً للآخر رغم الاختلاف. ووصف الأب حنا، الإمارات بأنها «مثال متميز للعالم أجمع في التعايش والسلام والوئام»، مشيراً إلى أن اللقاء بين الأديان الذي تستضيفه الإمارات الأسبوع المقبل يُجسد مرحلة جديدة من الحوار الحضاري الإنساني بين الديانات، وهو نقلة حضارية أمام الغرب والعالم، ودليل صادق على أن العالم يسير بخطى جيدة وصادقة في طريق التقارب الإنساني. وأكد أن كل الأديان تطلب التعايش السلمي، وقيادات الأديان يعرفون أهمية ذلك وضرورته، إلا أنهم مدعوون إلى توعية شعوبهم ومجتمعاتهم بأهمية المحبة والحوار وقبول الآخر. نشر المحبة بدوره، تحدث خليفة الشاعر السويدي، أمين عام جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتسامح بالإنابة، عن الدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات في تكريس صور الاحترام المتبادل بين شعوب العالم، مؤكداً أهمية الحوار بين الأديان ودوره في نشر المحبة والتسامح بين الناس. واعتبر السويدي أن دولة الإمارات التي يعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية بكل انسجام واحترام وتقبل، فضاء خصب للتعايش السلمي بين الأمم ونموذج يحتذى به. ريادة الإمارات وقال هشام يوسف، رئيس مركز الكنيسة الإنجيلية بجبل علي بدبي: تعكس هذه الزيارة ريادة دولة الإمارات في نشر وتطبيق الدعوة إلى التسامح واحترام الآخر، والتعايش السلمي بين الجنسيات والحضارات والديانات المختلفة على أرض الإمارات الحبيبة وحرية العبادة التي نتمتع بها جميعاً في ربوع الدولة، وكذلك الاحترام المتبادل الذي يكنه البابا بصفته رئيس الكنيسة الكاثوليكية، لسياسة وحكام الدولة وتدعيمه لرؤيتها. وأضاف: نحن نصلي ونشكر الله دائماً في كل حين من أجل السلام والأمان والطمأنينة التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل كثير من الصراعات المنتشرة في جميع أنحاء العالم بسبب الاختلافات، وعدم الاستعداد للحوار وقبول المختلف ورفض الآخر. ولفت يوسف إلى ما تقدمه دولة الإمارات من أراضٍ لبناء الكنائس والمعابد، مؤكداً أن هذه الزيارة ستكون داعمة لتوطيد أواصر العلاقات على مختلف المستويات. حوار حضاري من جانبه، أكد الدكتور أحمد عبد العزيز الحداد، كبير مفتين، مدير إدارة الإفتاء بدبي، عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، أن الإسلام دين حوار حضاري راقٍ؛ لأنه دين عالمي يرى الآخر أخاً له في الإنسانية وشريكاً له في عمارة الكون والبناء. وقال الحداد: دعوة الإسلام إلى الحوار دعوة محكمة تضمنتها آيات كثيرة من كتاب الله الكريم ودعوات وتطبيقات نبينا الخاتم سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وقد استفاد الإسلام من الحوارات الحضارية ما لم يستفده من الصدام الذي كانت تفرضه ظروف خاصة من محاولة منعه من الوصول إلى البشرية أو محاولة وأده في مهده. وشدد على ضرورة أن يستمر هذا المنهج الإسلامي العظيم في عصرنا هذا، كما كان قبل بل بأحسن صورة، لا سيما بعد أن شوهت صورة الإسلام بفعل الغوغائيين، كما شوهت المسيحية بالهجمات الصليبية، واليهودية بأساليبها الصهيونية، فكان لزاماً على أرباب الديانات السماوية أن يعيدوا الرشاد للعباد ليتحاوروا على كلمة سواء، ففي القواسم المشتركة التي يعود نفعها للناس أجمعين ويعذر بعضهم بعضاً في الخصائص الذاتية التي هي لكل دين سماوي أو وضعي؛ لأن ذلك الاختلاف هو سنة الله في خلقه (ولن تجد لسنة الله تبديلا) (ولن تجد لسنة الله تحويلا). وأضاف: «الإمارات دولة إسلامية حضارية تستقي من معين الإسلام ومنهجه الواضح القائم على الاعتراف بالآخر والاستفادة منه والتعايش معه، فتطبق هذه المنهجية الكريمة اليوم كما حققته الحضارة الإسلامية». وقال د. الحداد: إن إقامة مؤتمر الأخوة الإنسانية أكبر دليل على سياسية التسامح العالمي الذي تنتهجه الدولة، وتعامل به الكل لإعادة الحضارة الإسلامية إلى نهجها الصحيح، لذلك تحظى الدولة بهذا التقدير والاحترام العالمي، بحيث أصبح الجواز الإماراتي الأول على مستوى العالم. رجال دين كاثوليك: الزيارة تعزز موقع الإمارات «عاصمة» للتسامح أكد رجال دين كاثوليك في عدد من الدول العربية أن دولة الإمارات تعد نموذجاً بارزاً في التسامح ومركزاً مهماً في الحوار بين الديانات والثقافات والحضارات على أسس قوامها الاحترام المتبادل وقبول الآخر وإشاعة روح السلام. منوهين في هذا الصدد بالزيارة المقررة لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إلى أبوظبي. واعتبروا في لقاءات مع «وام» أن هذه الزيارة تبرز دور الإمارات الرائد في ترسيخ قيم السلام في المنطقة والعالم، خاصة أنها لرمزين لهما ثقلهما على المستويين الديني والسياسي، وفي هذه المرحلة الاستثنائية للعمل معاً لمواجهة خطاب الكراهية الذي تبنته عدد من التيارات المتطرفة بمختلف أشكالها وانتماءاتها. وأكدوا أن اللقاء الذي تستضيفه أبوظبي يعزز مكانتها لتتحول إلى مركز عالمي للتسامح والوسطية، وتعزيز مناخات الحوار والتعايش السلمي بين الشعوب والأديان. وأكد البطريرك يوسف العبسي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، أن زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى دولة الإمارات في هذا التوقيت، تكتسب أهمية استثنائية خاصة مع ما تحمله في طياتها من رسائل محبة وسلام لجميع شعوب المنطقة، ودعوة لتعظيم فرص الحوار والتعايش بين مختلف الأديان والأعراق على أسس الاحترام المتبادل، ونبذ التعصب والتطرف اللذين يهددان التعايش السلمي في العديد من المجتمعات والدول حول العالم. وقال إن دولة الإمارات مكان مميز لتنطلق منه هذه الرسالة السامية نظراً لوجود أكثر من 200 جنسية تعيش على أرضها من مختلف الأديان والأعراق والطوائف والمذاهب، تعمل جميعها وتقيم تحت مظلة من القوانين والأعراف والتقاليد التي تسمح في التعايش السلمي والتسامح والانفتاح على الآخر. وأشار إلى الأسبقية العالمية التي حققتها دولة الإمارات في إنشاء وزارة خاصة للتسامح ورعايتها لأهم المنتديات والملتقيات التي تدعو إلى إعلاء روح التسامح والحوار بين جميع الأديان والمذاهب مثل حلف الفضول العالمي الذي يضم جميع الأديان ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وغيرها من المبادرات التي أسهمت في تشكيل خط دفاع حصين في وجه التيارات والأفكار المتطرفة بجميع أشكالها. رسالة محبة حقيقية وأوضح أن «لقاء الأخوة الإنسانية» المرتقب ما بين قداسة البابا والإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، يجسد رسالة محبة حقيقية ودعوة للتلاقي والتعايش السلمي بين جميع الشعوب في مختلف بقاع الأرض. وأكد أن أي لقاء بين هذين القطبين الدينيين الكبيرين يترك آثاره المباشرة على الصعيد الجماهيري، ويخلق حالة من الإيجابية والطمأنينة التي نحن بأشد الحاجة لها، خاصة في هذا الوقت الذي باتت فيه مجتمعاتنا تتعرض لأشرس استهداف من قبل التيارات التي تهدد السلم الأهلي بشكل كبير. وعبر البطريرك العبسي عن أمله في أن تجسد الزيارة وكل ما يخرج عنها من توصيات ومقترحات، برامج عمل من ضمنها إطلاق حوارات متخصصة وأخرى شعبية حول التعايش السلمي والتقارب بين الشعوب، ونشر قيم المحبة والسلام. وأوضح أن دولة الإمارات قادرة على الاستثمار بالشكل الأمثل في جميع نتائج هذه الزيارة بما يصب في مصلحة تعزيز السلام والتسامح في العالم، وذلك استناداً إلى تجربتها الرائدة في تحويل هذه القيم النبيلة والخروج بها من النطاق النظري إلى الطابع العملي الذي يتخذ صفة المؤسسات والمنتديات العاملة على الأرض والناشطة في جميع دول العالم. الوجود الكنسي العربي وكشف البطريرك العبسي أن الوفد اللبناني المرافق لقداسة البابا سيكون على أعلى مستوى من رجال الدين المسيحي، حيث يحرص قداسته على إظهار الوجود الكنسي العربي في البلاد العربية للتذكير بأنه من مكونات شعوب المنطقة الأصليين من جهة، والاستمرار في شهادة المحبة المسيحية الشاملة من جهة أخرى. شهادة ناصعة بدوره، قال المطران جوزيف بشارة، مطران الروم الملكيين الكاثوليك في المملكة الأردنية الهاشمية، إن الرسالة الأساسية لهذه الزيارة هي رسالة محبة لشعب الإمارات، ومن خلاله لكل الشعوب الخليجية والعربية. وأضاف أن اللقاءات المنتظرة لقداسة البابا وكبار رجال الدين الإسلامي، وفي مقدمتهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر هي لقاءات أخوة وتعارف، وشهادة ناصعة لعمق المحبة والتواضع والانفتاح التي ينبغي أن تزين حياة ومسلك كل الذين كرسوا حياتهم لخدمة البشر. وعبر المطران عن يقينه بأن انعكاسات هذه الزيارة ستترك آثارها الإيجابية على كل الصعد، لا سيما حوار الأديان وتلاقي الشعوب ونبذ الفرقة والتعصب والانغلاق، وستشكل سداً منيعاً في وجه التباغض ونبذ الآخر. وقال: «نتوقع أن يعمق اللقاء مساحات التلاقي بين المسيحية والإسلام، لا سيما في محاربة الفقر والظلم والتخلف والجهل واستغلال البشر والاتجار بهم، والعمل على توطيد السلام والطمأنينة في مختلف البلدان، خصوصاً في بلداننا العربية التي هي بأمس الحاجة لهذه الأمور». وأضاف المطران بشارة: «نحن على ثقة أن قداسة البابا سيكون بين أهله ومحبيه أثناء زيارته لدولة الإمارات، وما اصطحابه للعدد الأكبر من رجال الدين المسيحي العربي، إلا دليل على كرم وحسن ضيافة شعب الإمارات ورحابة قلوب قيادته الرشيدة والمسؤولين فيها». الإمارات ملتقى قـادة الديانـات التعددية الدينية في دولة الإمارات ظاهرة صحية طبيعية في دولة منفتحة على التنوع الحضاري والثراء المعرفي منذ العصور القديمة، حيث تم الكشف الأثري عن دير وكنيسة في جزيرة صير بني ياس تعود إلى القرن السابع الميلادي واليوم حيث تشهد الدولة نهضة حضارية حديثة ومعاصرة توجتها القيادة الرشيدة بإصدار عدد من القوانين والممارسات التي تعزز هذا التنوع والتعددية في المجتمع المتسامح بازدهار والمتعايش بسعادة وحرية وحوار فتعاليم الدين الإسلامي هي الأساس والمنطلق لمنهجية الوسطية والاعتدال وعليهما تبنى الحياة الكريمة لجميع بني الإنسان، حيث جاء في القرآن الكريم (لا إكراه في الدين) وقوله تعالى: [ وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ] الحجرات: 13 وقوله سبحانه: (لكم دينكم ولي دين). وأكد هذا المنحى والنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله «ألا من ظلم مُعاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة» رواه أصحاب السنن. وتعد الإمارات أنموذجاً للتعايش الحضاري والتسامح الديني بما توفره للأقليات من بيئة عمل ورضى وظيفي، واستقرار نفسي، وسكن، ودور عبادة، باعتبارها دولة عربية إسلامية، تؤكد هويتها وأصالتها والتسامح الديني فيها. ولذلك كان من الطبيعي أن تعززت العلاقات الرسمية والدينية بين الإمارات، والفاتيكان منذ عهد البابا بندكت السادس عشر إلى العهد الحالي للبابا فرنسيس، حيث سبق أن زار العديد من الوفود البابا بندكت الذي وصف دولة الإمارات حينها بأنها واجهة للسلام والاستقرار في العالم، يتعايش فيها أصحاب الديانات المختلفة، وقال: إن الإمارات أنموج لدولة إسلامية متسامحة، وتعمل على تشجيع الحوار بين أبناء الأديان.. وتدعو إلى خير البشرية جمعاء، فالإمارات بفضل توجيهات قيادتها الحكيمة تعد أنموذجاً للتعايش بين مختلف الشعوب على اختلاف أديانهم وألوانهم وأعراقهم. ثم تواصلت زيارات الوفود بين الجانبين إلى أن توّجت بزيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في منتصف سبتمبر 2016 إلى إيطاليا والفاتيكان والتي أسست لرؤية عميقة لمستقبل التعاون الدولي. وتعد الإمارات من الدول الأكثر استجابة لروح التفاهم الديني والتواصل الحضاري، نظراً لاستقطابها مئات الجنسيات والأعراف والديانات المنخرطة في سوق العمل، والأنشطة التجارية والاستثمارية الرائجة في الدولة. ثقافة التسامح إن مجتمع دولة الإمارات في ظل قيادته الرشيدة يعيش ثقافة التسامح والتعايش الحضاري بين جميع مكونات المجتمع من مواطنين ووافدين باحثين عن أفضل بيئات التعاون والاستثمار والعمل الشريف في ظل الحقوق والحريات التي يصونها دستور الدولة وفق ما جاء في المادة «40» وقد نصت على أنه «يتمتع الأجانب في الاتحاد بالحقوق والحريات المقررة في المواثيق الدولية المرعية، أو في المعاهدات والاتفاقيات التي يكون الاتحاد طرفاً فيها، وعليه الواجبات المقابلة لها». كما نص الدستور على صون شعائر الأديان ومنع الإساءة إليها فصدر بذلك مرسوم القانون الاتحادي رقم «2» لسنة 2015 فحظّرت المادة «4» منه الإساءة إلى أي دين من الأديان أو إحدى شعائرها أو مقدساتها أو تجريحها أو التطاول عليها أو السخرية منها أو المساس بها أو التشويش على إقامة الشعائر أو الاحتفالات الدينية المرخصة أو تعطيلها بالعنف والتهديد، كما حظرت التعدي على أي من الكتب السماوية بالتحريف أو الإتلاف أو التدنيس أو الإساءة بأي وجه من الوجوه، كما حظرت التطاول على أحد الأنبياء أو الرسل أو زوجاتهم أو آلهم أو أصحابهم، أو السخرية منهم أو المساس بهم أو الإساءة إليهم، وحظرت كذلك التخريب أو الإتلاف أو الإساءة أو التدنيس لدور العبادة وللمقابر والقبور أو ملحقاتها أو أي من محتوياتها. مبادرات حضارية يضاف إلى ذلك أن الدولة قدمت العديد من المبادرات الحضارية في ظل الانفتاح على الحداثة والمعاصرة والتطور من أهمها إنشاء وزارتي التسامح والسعادة، كما رعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، ودعمت عدداً من المنتديات والمجالس المحلية والدولية كمجلس حكماء المسلمين، ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وأثمر ذلك عدداً من الفعاليات واللقاءات الدولية بين القيادات الدينية والفكرية أهمها نشر ثقافة السلام والتعايش بين الأديان، كل ذلك جعل من دولة الإمارات منصة للحوار الحضاري والثقافي والتعايش السلمي بين الناس. ويؤمن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إيماناً راسخاً بقيم التسامح والاعتدال والتعايش الثقافي والحضاري، ونبذ عوامل التمييز والتعصب والكراهية بين الشعوب. والهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وقد تلقت صدور هذا القانون بكل الحفاوة والإشادة فإنها ترى فيه منطلقاً لترشيد خطاب الوسطية والرحمة والتسامح الذي يعزز الصورة الناصعة لديننا الحنيف، لأن الكراهية ثقافة انغلاق، تقود إلى العنصرية والعنف والتنافر بين مكونات المجتمع الواحد. وبينت مؤشرات الأداء والتحليل أن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في الدولة، تمتلك فكراً ريادياً متطوراً وبيئة علمية استراتيجية، تتفهم الواقع، وتستشرف المستقبل، وتعمل باستمرار على تنقية فهم الدين، وتصويب دلالات نصوصه، وتأصيل ثوابته ومتابعة المتغيرات، من خلال خطة الوعظ السنوية وخطب الجمعة ودروس المساجد والمركز الرسمي للإفتاء، والمنشورات الصادرة عنها، مما رسخ في المجتمع ثقافة التسامح واحترام ما لدى الآخرين من مميزات تثري البناء الوطني والاجتماعي والإنساني والثقافي في الدولة. ولذلك لا يستغرب أي زائر أو سائح إلى دولة الإمارات فيرى المساجد والكنائس ودور العبادات، متاحة لجميع الأجناس والأديان. شيخ الأزهر وأشاد فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر في العديد من التصريحات بمناخ الحريات الدينية في الإمارات، لافتاً إلى أن احتضانها لأكثر من 200 جنسية عربية وإسلامية وصديقة وعدة عقائد وديانات، في وطن واحد، مؤشرات إيجابية لابد من الوقوف عندها وقفة إجلال واحترام وتقدير. وتوضح وثائق الأرشيف الوطني بالدولة لفهم عميق واستشراف دقيق للقائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قبل أن يصبح رئيس دولة الاتحاد، فقد منح أرضاً في أبوظبي لبناء كنيسة القديس جورج للجالية الهندية الأرثوذكسية في عام 1969 وما تزال هذه الكنيسة متنامية قائمة حتى اليوم مع نحو 76 كنيسة على مستوى إمارات الدولة. أبوظبي تحتضن المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الأسبوع المقبل برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبمشاركة قيادات دينية وشخصيات فكرية وإعلامية من مختلف دول العالم، ينظم مجلس حكماء المسلمين الذي يرأسه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ويتخذ من أبوظبي مقرا لأمانته العامة، «المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية»، وذلك خلال الفترة ما بين الثالث والرابع من فبراير 2019. ويأتي تنظيم المؤتمر ضمن فعاليات الزيارة التاريخية والأولى من نوعها لمنطقة الخليج العربي لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى دولة الإمارات. وتثبت زيارة البابا نهج دولة الإمارات العربية المتحدة، كما تعزز جهودها في التحول إلى عاصمة للتسامح والأخوة الإنسانية لطالما دعت إلى التآخي ونبذ الكراهية بمختلف أشكالها، خاصةً تلك القائمة على أساس عرقي أو عقدي. وقال الدكتور سلطان فيصل الرميثي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين: «إن المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية هو مشروع فكري مكتمل الأركان، يدعو إلى التعقل والحكمة في التعامل بين البشر، باختلاف أعراقهم ومعتقداتهم، ترسيخاً لمفهوم المواطنة والتعايش المشترك». وأضاف أن المؤتمر «يعلي من شأن فضيلة التسامح، ويؤكد أن منطلقات الحوار أساسها القبول، وركيزتها القواسم والآمال المشتركة بين البشر في حياة كريمة». وستشمل أعمال المؤتمر العديد من الجلسات العلمية تناقش محاور عدة، وهي: منطلقات الأخوَّة الإنسانية والتي ستفتح النقاش بين المتحدثين والحضور حول أفضل السبل لإرساء ثقافة السلم بديلاً للعنف والنزاعات العقدية والعرقية، وترسيخ المواطنة بمفهومها الشمولي.
مشاركة :