دلالات التقارب الإنساني في مساندة الجمهور الواسع لمنتخب الإمارات

  • 1/28/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دلالات التقارب الإنساني في مساندة الجمهور الواسع لمنتخب الإماراتلقد كان تنظيم الإمارات لحدث كأس آسيا بالصورة المشرفة التي ظهر من خلالها ترجمة عملية لإعلان عام 2019 عاما للتسامح.إمارات التسامح قبلة الجميعاعتدنا في دولة الإمارات العربية المتحدة على حالة الوئام والتسامح وتبادل المشاعر الإيجابية بين المواطنين والمقيمين. وندرك أن كل مقيم على أرض الإمارات مساند للقانون وصاحب مصلحة في الاستقرار والتعايش الذي يعين على الإنتاج والسعادة وتطوير الذات.وفي كل مناسبة إماراتية نلمس تفاعل المقيمين بشكل إيجابي خلاق ومدهش، سواء في احتفالاتنا الوطنية أو الدينية أو في المناسبات الرياضية ذات البعد المحلي أو الإقليمي أو العالمي. وبتنظيم الإمارات لدورة كأس آسيا الحالية يلمس المتابع مدى تفاعل كافة الجنسيات المقيمة على أرض الإمارات مع هذا الحدث الآسيوي الذي يكتسب نكهة عالمية نظرا لقوة وأهمية وتنوع المنتخبات الكروية المشاركة.ومنذ افتتاح بطولة كأس آسيا في نسختها الـ17 نجحت الإمارات على أكثر من صعيد، فقدمت افتتاحا مشوقا للحدث أبهر الجمهور بكافة مستوياته الرسمية والشعبية. كما استوعبت الإمارات متطلبات تنظيم هذا الحدث الرياضي البارز الذي يتم بمشاركة 24 منتخبا. وعلى الجانب الآخر قدم المنتخب الوطني الإماراتي على أرضه ووسط جمهوره الواسع والمتنوع مباريات تليق بالحدث أمتعت الجمهور الذي اتسعت رقعته لتشمل المواطنين والمقيمين بل وحتى أعداد غفيرة من جماهير المنتخبات الأخرى المشاركة في الحدث. وهنا نلتقط قيمة التسامح وتأثير أجواء التعايش والمحبة في الإمارات على الروح الرياضية للجمهور الذي اتجه نحو تشجيع الإبداع واللعب الجميل والاحترافي، بالإضافة إلى رغبة الجمهور في إيصال رسالة امتنان إلى الإمارات أرضا وقيادة وشعبا، بالنظر إلى التنظيم الممتاز لكأس آسيا، والسلاسة في الانتقال من مباراة إلى أخرى، مما ولد الارتياح لدى الجمهور والمشجعين الذين حضروا خصيصا لمواكبة مباريات المجموعات في طور التصفية للوصول إلى تتويج المنتخب الفائز.وشئنا أم أبينا لا يمكن الفصل بين لعبة كرة القدم بما لها من شعبية عالمية وبين انفعالات الجمهور والرسائل التي تتمكن الحشود من إيصالها من على المدرجات. وهي رسائل تعكس في مضمونها الانطباع العام الذي يتغلغل في الأذهان ويوجه مسار المشاعر الجمعية للجمهور والتي يصعب السيطرة عليها أو توجيهها. ففي كرة القدم تحديدا لا يمكن توجيه الجمهور أو التحكم بهتافاته والأعلام التي يرفعها والفرحة التي يرسمها بشكل تلقائي. ومن تابع مجريات كأس آسيا والمباريات التي كان المنتخب الإماراتي أحد أبرز نجومها، لا شك أنه يلمس دور الجمهور العريض المساند لمنتخب الإمارات في كافة مبارياته.الرسالة التي وصلت لنا نحن الإماراتيين كانت جميلة جدا وذات معنى يحمل البهجة ويعزز الثقة بنهج دولتنا ورؤيتها في التعاطي مع كل مقيم وافد يعمل في الإمارات أو سائح لفترة قصيرة. مضمون الرسالة التي وصلت خلال دورة كأس آسيا مفاده أن منتخب الإمارات حظي بتشجيع كبير كان حافزا قويا وعونا له مكنه من تحقيق نتائج مشرفة في مبارياته أمام الفرق المنافسة داخل مجموعته. وآخر مباراة كانت مع المنتخب الأسترالي وجاءت النتيجة لصالح المنتخب الإماراتي.المدهش أن الذين كانوا يشجعون منتخب الإمارات على المدرجات لم يكونوا فقط من أهل البلد وممن يحملون الهوية الإماراتية، لكنهم كانوا إلى جانب المشجع المحلي الإماراتي بانوراما عربية وآسيوية وعالمية، وهذا هو وجه الإمارات المتنوع الذي يكاد أن يترجم بشكل عملي مباشر تجليات العولمة والتقارب الإنساني والتعايش الفريد الذي نلمسه بوضوح أكثر على أرض الإمارات أكثر من غيرها.صحيح أن الحدث رياضي كروي، وقد أشبعه المحللون في المجال الرياضي نقاشات مفصلة ركزت على مقاربة المباريات من زاوية التكتيك واللعب والاحتراف ومستويات اللاعبين، لكن ما فات على البعض هو الشغف الذي ترجمه الجمهور المتنوع الذي وجد في مناسبة كأس آسيا فرصة ذهبية للتعبير عن الارتياح والسعادة بقطف ثمار الأمان والتسامح والتعايش وكل ما يمثله الأنموذج الإماراتي الفريد في المنطقة العربية، من حيث التركيز على البناء والتنمية والاستقرار، واستثمار حياة الفرد لإسعاد أسرته وتعليم أبنائه وتطوير موارده.صحيح أن الأغلبية سوف تنشغل بتتبع نتائج المباريات نظرا لأهمية الحدث في إطار كأس آسيا وانتظار التتويج في ختام البطولة، لكن من المهم كذلك أن نقرأ الرسائل التي أوصلها لنا الجمهور بعفوية، والرسالة التي وصلت بوضوح مفادها أن كل من يقيم على أرض الإمارات أثبت أنه يحب الإمارات تلقائيا، وذلك من خلال نسبة تشجيع المنتخب الإماراتي التي أدهشت المتابعين، وبالتحديد عقب فوز الإمارات على أستراليا وظهور حجم مساندة الجماهير العربية وغير العربية للمنتخب الوطني الإماراتي على أرض الإمارات، مما عكس محبة مختلف الجنسيات للإمارات، تأكيدا لما لمسه كل مقيم من تسامح على أرض التسامح والتعايش.لقد كان تنظيم الإمارات لحدث كأس آسيا بالصورة المشرفة التي ظهر من خلالها ترجمة عملية لإعلان عام 2019 عاما للتسامح. ولن نجد ما هو أفضل من الرياضة والمنافسة الرياضية لتعميق التسامح وتوطينه في النفوس وجعله ثقافة حية في العقول، لنبذ التطرف والغلو والكراهية. فليس التطرف فقط هو ذلك المرتبط بتبني الأفكار الدينية التي تحرض على كراهية وتكفير الآخر، بل إن التطرف قد يكون أيضا التعصب الأعمى في التشجيع الرياضي، ونسيان أن الرياضة إنما هي فرصة للتحلي بروح إيجابية متسامحة.ولا ننسى أن أغلب الأحداث الرياضية العالمية لا تخلو من تعصب المشجعين وتطرف بعضهم، وقد تنجم عنها أحيانا أحداث شغب عنيفة وإصابات وحساسيات لا تندمل بسهولة بين جماهير الفرق والمنتخبات والأندية. فيما نجحت الإمارات بتحويل حدث كأس آسيا إلى رسالة عالمية لبث التسامح وتعزيز التعايش وتأكيد القيمة الراقية للمنافسات الرياضية بأفق إنساني. ولذلك استحقت الإمارات ومنتخبها الوطني محبة الجمهور وتشجيعه التلقائي الذي أدهش الجميع. فعندما تشاهد علم بلدك مرفوعا يرفرف بيد شقيق عربي أو منافس آسيوي لا تملك إلا أن تكن عونا وسندا لهؤلاء جميعا وأن تفتخر ببلدك الذي يجمع مختلف الجنسيات على المحبة والإنتاج والتعايش والتسامح.رئيس مركز المزماة للدراسات والبحوث- دبي

مشاركة :