قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد إن ملف حقوق الإنسان في مصر ينظر إليه بشكل متزايد على أنه في وضع أسوأ مما كان عليه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، الذي أطاحت به احتجاجات شعبية في 2011. ومثلت تصريحات ماكرون تشديدا في موقفه بعدما قال في 2017 إنه لن يقوم "بإلقاء محاضرة" على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بخصوص الحريات المدنية، التي تقول جماعات حقوقية إنها تتآكل. وأبلغ ماكرون الصحفيين على هامش زيارة لمصر "أعتقد أن المثقفين والمجتمع المدني في مصر يعتبرون السياسات الحالية أشد صرامة منها في عهد مبارك". وأضاف "لا يمكنني أن أفهم كيف يمكنك التظاهر بضمان الاستقرار على المدى الطويل في هذا البلد، الذي كان في لب انتفاضات الربيع العربي وتذوق طعم الحرية، وتتصور أن بإمكانك الاستمرار في التشديد بما يتجاوز المقبول أو المبرر لأسباب أمنية". وأضاف "أعتقد أنه ذلك أمر متناقض ويضر مصر نفسها". وذكر ماكرون أنه سيكون أكثر صراحة خلال زيارته وسيتطرق أيضا لذكر حالات فردية في اجتماعات مغلقة. ومن المقرر أن يلتقي مع السيسي يوم الاثنين. وقال "في مصر، لا نتحدث فقط عن المعارضين السياسيين المسجونين، ولكن أيضا عن المعارضين الذين هم جزء من المناخ الديمقراطي التقليدي ولا يشكلون خطرا على النظام". ويتهم معارضو السيسي بأنه يضيق الخناق على جميع المعارضين، لكن المؤيدين يقولون إن الإجراءات الصارمة ضرورية لتحقيق الاستقرار في مصر، التي هزتها سنوات الاضطراب التي أعقبت سقوط مبارك. وفي مقابلة نشرت في وقت سابق هذا الشهر، نفى السيسي أن يكون هناك أي معتقلين سياسيين في مصر، وإن كانت إحدى جماعات حقوق الإنسان تقدر بأن عددهم 60 ألف شخص. وكان ماكرون قد سلم السيسي خلال زيارة لباريس في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 قائمة بأسماء نشطاء يعتقد أنه يمكن الإفراج عنهم. وقال الأحد إن اثنين منهم فقط أفرج عنهما وهو ما اعتبره "غير كاف". وقال ماكرون "سأجري في نفس الوقت حوارا سريا بشأن حالات فردية وأتكلم بشكل أكثر وضوحا، بالإضافة إلى مناقشات رمزية، لأنني أعتقد أن ذلك في صالح الرئيس السيسي واستقرار مصر. "في مصر لا نتحدث فقط عن معارضين سياسيين يجري سجنهم ولكن عن معارضين يشكلون جزءا من الوسط الديمقراطي التقليدي ولا يشكلون تهديدا للنظام. صحفيون ومثليون ورجال ونساء من أصحاب الرأي". اقرأ أيضا على يورونيوز:فرنسا: "الأوشحة الحمراء" مقابل "السترات الصفراء" تنديدا بعنف الاحتجاجاتشاهد: محاكاة رائعة لمعركة لينينغرادمقتل 10 أشخاص في اعتداء "إرهابي" على قرية شمال بوركينافاسومبيعات فرنسا العسكرية لمصر تثير الشكوك خلال زيارة ماكرون ومع بدء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة تستغرق يومين لمصر واصلت منظمة العفو الدولية انتقاداتها لمبيعات السلاح الفرنسية لمصر قائلة إنها أسهمت في قمع المتظاهرين وانتهاكات حقوق الإنسان. ويفيد تقرير المنظمة غير الحكومية أنه منذ عام 2011 أصبحت فرنسا مُصدر الأسلحة الرئيسي لمصر متقدمة على الولايات المتحدة. وفي العام 2017 بلغت قيمة المعدات العسكرية والأمنية التي باعتها فرنسا لمصر 1.4 مليار يورو. ومنذ 2012 تضمنت المعدات التي تسلمتها مصر من فرنسا مدرعات تستخدمها قوات الأمن في احتواء الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وكانت حكومة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند هي التي استفادت من الصفقات العسكرية، التي تضمنت بيع 24 طائرة مقاتلة رافال، وفرقاطة متعددة المهام وسفينتين حربيتين من طراز مسترال، يبلغ إجمالي قيمتها نحو 6 مليارات يورو. ومنذ وصول ماكرون إلى السلطة خفت الأعمال، ولم يطرأ تحسن على الفائض التجاري لفرنسا مع مصر خلال ثلاث سنوات، ليحوم نحو مليار يورو. وتمكنت ألمانيا ودول أخرى من الحصول على عقود مدنية كبيرة. ومنذ عامين تقريبا جرى تعليق تعهد مصري بشراء 12 مقاتلة رافال فرنسية أخرى. ويأمل مسؤولون فرنسيون أن يتغير الوضع في الأسابيع المقبلة على الرغم من أن هناك وعيا بأن توقيع مثل هذا العقد خلال زيارة ماكرون سيكون قصر نظر وسط جلبة بشأن حقوق الإنسان. عندما استضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في باريس في أكتوبر تشرين الأول عام 2017 بعد خمسة أشهر من توليه منصبه، سلمه قائمة بأسماء نشطاء كان يعتقد أن السيسي يمكن أن يطلق سراحهم من السجن. وقالت ثلاثة مصادر أطلعت على الحوار لرويترز إن السيسي نظر إلى ماكرون، ولمح له بأنه ساذج، ومضى يعدد بالتفصيل الأسباب التي تدعو إلى عدم الإفراج عن كل شخص، مشددا على صلاتهم بالإسلاميين أو الإخوان المسلمين. وبعد أن ألجمته المفاجأة، قال الرئيس الفرنسي الشاب الذي ينظر إلى السيسي باعتباره قوة استقرار في المنطقة ويريد تعزيز العلاقات التجارية والدفاعية مع القاهرة، في مؤتمر صحفي لاحق إنه ليس من حقه "أن يلقي محاضرة" على مصر في مجال الحريات المدنية. ويقول مسؤولون فرنسيون إنه بعد 13 شهرا، يعمل ماكرون على تنقيح نهجه. وبينما يستعد ماكرون لزيارة مصر لمدة ثلاثة أيام بدءا من اليوم الأحد، فإنه يأمل في الحصول على مزيد من عقود الأعمال والدفاع دون التخلي عن ملف حقوق الإنسان. والمشكلة التي يواجهها ماكرون هي أنه بينما كان أقل صراحة في حديثه عن الحقوق منذ اجتماعه الأول مع السيسي، فإن مصر لم تف باتفاقات دفاعية ومدنية وتقول جماعات حقوق الإنسان إن قمع الحريات ازداد سوءا. وتزيد منظمات غير حكومية الضغوط على ماكرون لكي يكون حازما في مواجهة الرئيس المصري، الذي فاز في أبريل نيسان بفترة ولاية ثانية، معززا موقعه كوسيط قوي في المنطقة. وقال بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان "أنا نظرا لقصر الوقت أنا أتحدث عن أبرز المظاهر التي جرت فقط منذ اجتمع (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، لذلك أي مصري مخلص لابد أن يضع يده على قلبه خشية لما قد يحدث بعد الاجتماع القادم في القاهرة". وأضاف حسن "الرئيس ماكرون يزور مصر في وقت الموضوع الأساسي المفتوح هو تعديل الدستور من أجل أن يتمتع الرئيس عبد الفتاح السيسي بالبقاء رئيسا للجمهورية مدى الحياة وأن لا ينهي وضعه كرئيس في عام 2022. أظن أن زيارة الرئيس ماكرون، سواء شاء أم أبى، هي تصويت بنعم في الاستفتاء على التعديل الدستوري المقترح". وهذه المرة، بدلا من تقديم قائمة محدودة بأسماء الأشخاص الذين يجب الإفراج عنهم من السجن، أرسلت السلطات الفرنسية إلى القاهرة دراسة أوسع نطاقا لأوجه القصور في حقوق الإنسان وقائمة بنشطاء غير إسلاميين مسجونين تعتقد أن السيسي سيجد صعوبة في رفضها.
مشاركة :