تحاصر قوات سوريا الديمقراطية حاليا تنظيم داعش في منطقة تبلغ مساحتها أربعة كيلومترات مربعة قرب الحدود العراقية وتستعد للتقدم ضده، وفق ما قال قيادي لوكالة الصحافة الفرنسية.وقال قائد عمليات قوات سوريا الديمقراطية في منطقة هجين هفال روني لوكالة الصحافة الفرنسية: «من ناحية جغرافية لم يبق تحت سيطرة الدواعش سوى أربعة كيلومترات من الباغوز وصولا إلى الحدود العراقية».ومنذ تأسيسها خاضت هذه القوات، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، معارك كبرى ضد التنظيم. وطردته من مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا.وأشار القيادي الذي يستخدم اسمه العسكري أن قواته تنتظر «إتمام التحضيرات اللازمة» للتقدم في آخر بقعة يوجد فيها الجهاديون.وتوقع أن تنتهي السيطرة الجغرافية للتنظيم قريبا «ويبقى التمشيط والتخلص من الفلول والألغام وهذا يحتاج بعضا من الوقت». وأضاف: «مرات كثيرة ناقشنا ما الذي يتيح للدواعش أن يحاربوا والبقاء بهذا التنظيم حتى الآن، هذا يدل على أن قيادات كبيرة ما زالت موجودة في المنطقة».وأوضح القيادي «لديهم أسرى منا ونحاول الآن استعادتهم وإنقاذ آخر المدنيين هناك. لا نعرف ما إذا كنا سنصل إلى نتيجة»، مشيرا إلى أن قواته تتواصل مع وجهاء في المنطقة بهذا الصدد.وأشار إلى أن قواته سبق لها أن رفضت طلبا من تنظيم داعش نقله لها وجهاء بالسماح لهم بالانسحاب من المنطقة.وأشار إلى رصدهم عبر الأجهزة اللاسلكية واستخباراهم الخاصة في الفترة الأخيرة «خلافات بين المهاجرين (المتطرفين الأجانب بحسب تعبير التنظيم المتطرف) من جهة والقيادات العراقية والسورية من جهة ثانية».وأوضح: «المهاجرون كانوا قيادات كبارا وخصوصا في مرحلة التمدد أما الآن فبات القرار بيد العراقيين أساسا».ويتوقع القيادي وجود قياديين كبار وخصوصا من الجنسية العراقية في البقعة الأخيرة للتنظيم إلا أنه «ليس لدينا أنباء عن أبو بكر البغدادي».وتستعد قوات سوريا الديمقراطية لإعلان انتهاء التنظيم المتطرف في مهلة أقصاها شهر، وفق ما كان قال قائدها العام مظلوم كوبانيذلك بعد استعادة الكيلومترات الأخيرة وتمشيط المنطقة.وفي 10 سبتمبر (أيلول)، أطلقت القوات آخر المعارك لطرد التنظيم من آخر جيب له في شرق سوريا قرب الحدود العراقية بعد أن كان يسيطر في العام 2014 على مساحات شاسعة في سوريا والعراق المجاور وأعلن فيها إقامة «الخلافة الإسلامية» وطبق فيها قواعده المتشددة.على صعيد ذي صلة، ينهمك محققون من قوات سوريا الديمقراطية غالبيتهم ملثمون، في جمع معلومات شخصية وأخذ بصمات الفارين من الكيلومترات الأخيرة تحت سيطرة التنظيم في خطوة أولى تسبق مسار تحقيق طويل.فور وصول شاحنات تقلهم من عمق ريف دير الزور الشرقي، يسارع مقاتلون ومقاتلات من قوات سوريا الديمقراطية لإرشاد وتوجيه الرجال والنساء والأطفال. ويكرر أحدهم بصوت مرتفع: «ليذهب الرجال إلى هناك، والنساء إلى الجهة الأخرى».ويقف الرجال في طابورين، يتقدم كل بدوره إلى المحقق الذي يمسك بآلة صغيرة رقمية لأخذ البصمات، ثم يلتقط صورة ويسأل كل شخص عن اسمه الكامل وجنسيته.يتلعثم أحد الرجال الملتحين عند سؤاله عن بلده. يتمتم عبارة غير مفهوم قبل أن يجيب بعد تكرار المحقق لسؤاله: العراق. يطلب منه المحقق التوجه إلى محقق ثان من القوات الخاصة في قوات سوريا الديمقراطية ثم يوجه محقق ثالث أسئلة أخرى.بعد أخذ المعلومات والبصمات منهم، يُطلب من الرجال التوجه إلى مكان تجمع خاص بهم؛ حيث يجلسون في صفوف متراصة منتظمة على الأرض، يبعد الواحد عن الآخر المسافة نفسها.على مقربة منهم، يتجول عسكريون من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، من دون أن يتضح ما هو الدور الذي يقومون به في عملية الفرز.ويوضح أحد المحققين، رافضاً الكشف عن اسمه: «يتم تفتيشهم للمرة الأولى عند الجبهة، ثم يحصل تفتيش أدق هنا وتدقيق في المعلومات».وعدا عن المطلوبين من قوات سوريا الديمقراطية، يبحث المحققون عن أي مشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش.ويقول المحقق «تشعر أحياناً أن من يقف أمامك داعشي من طريقة كلامه أو تردده في الإجابة، أو إذا وجدت علامات على يده توحي باستخدام كثير للزناد أو على كتفه جراء حمل جعبهم».لدى وقوفه في أحد الطوابير، يقول رجل رداً على سؤال حول تأخره في الخروج: «كنت أخاف من الاعتقال»، ثم يضيف: «لكن عائلتي خرجت قبل أسبوع وجرى نقلها إلى مخيم الهول، تواصلت معهم وقالوا لي: أخرج ولن يحدث شيئا».ويوضح محمد سليمان عثمان، عضو مجلس سوريا الديمقراطي الذي يؤمن وصول النازحين إلى مخيم الهول، أن البعض منهم ينتمون إلى التنظيم. ويقول «منهم من يسلّم نفسه ومنهم من يكون مختبئاً بين المدنيين». ويشرح أن هدف «هذه العملية الأمنية أن نتأكد من هم هؤلاء النازحون، هل هم مدنيون أم مقاتلون مختبئون؟».وتخضع النساء بدورهن لعملية تفتيش دقيقة على أيدي مقاتلات من قوات سوريا الديمقراطية. ترفع المقاتلة الملثمة النقاب عن وجه كل سيدة وتبحث في حاجياتها جيداً.ويجري، وفق المحقق، جمع بصمات والتقاط صور للنساء «المهاجرات»، كما يسميهنّ التنظيم، وهن النساء غير السوريات أو العراقيات.ويكرر مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية هذه الإجراءات بشكل شبه يومي في الفترة الأخيرة مع تزايد موجات النزوح من آخر الكيلومترات الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش.ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان خروج نحو 11 ألف شخص منذ أسبوع، بينهم نحو 1.500 متطرف، ليرتفع بذلك إلى أكثر من 32 ألفاً عدد الخارجين منذ مطلع الشهر الماضي.بعد إنهاء عملية الفرز، يتمّ نقل النساء والرجال غير المشتبه بانتمائهم إلى صفوف التنظيم نحو مخيم الهول شمالاً. ويخضعون هناك مجدداً لتحقيق موسّع، بينما يتم توقيف المطلوبين أو المشتبه بهم.
مشاركة :