هبطت أسعار النفط 1 في المائة خلال تداولات اليوم، بعدما رفعت الشركات الأمريكية عدد الحفارات للمرة الأولى هذا العام في مؤشر على أن إنتاج الخام قد يزيد أكثر إلا أن الأسعار ما زالت في سبيلها لتسجيل أقوى مكاسب في شهر كانون الثاني (يناير) في 14 عاما، في حين ظهرت مؤشرات جديدة على تباطؤ اقتصادي في الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم. وبحسب "رويترز، سجل الخام الأمريكي 53.13 دولار للبرميل بحلول الساعة 0543 بتوقيت جرينتش بانخفاض 56 سنتا بما يعادل 1 في المائة عن آخر تسوية، بينما سجل خام برنت 61.03 دولار للبرميل منخفضا 61 سنتا أو 1 في المائة. وفي مؤشر على أن الإنتاج الأمريكي، قد يرتفع قالت بيكر هيوز لخدمات النفط في تقريرها الأسبوعي يوم الجمعة إن شركات الطاقة الأمريكية رفعت عدد الحفارات التي تبحث عن نفط للمرة الأولى في 2019 إلى 862 حفارا بإضافة عشرة حفارات. وإلى جانب الإنتاج، فإن القضية الرئيسة هذا العام ستكون نمو الطلب. ويزيد استهلاك النفط باطراد، ومن المرجح أن يصل المتوسط لأكثر من 100 مليون برميل يوميا للمرة الأولى على الإطلاق في 2019، ويرجع ذلك بالأساس إلى نمو الاستهلاك في الصين. لكن التباطؤ الاقتصادي في ظل الخلاف التجاري بين واشنطن وبكين يؤثر علي توقعات نمو الطلب على الوقود. وانكمشت أرباح الشركات الصناعية في الصين للشهر الثاني على التوالي في كانون الأول (ديسمبر)، بعد تباطؤ نشاط المصانع ليزيد الضغط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي سجل أبطأ وتيرة نمو منذ 1990 في العام الماضي. وفيما يخص توقعات الأسعار، رجحت شركة "وود ماكينزي" الدولية لاستشارات الطاقة، أن يبلغ متوسط سعر خام برنت مستوى 65 دولارا للبرميل في العام الجاري 2019، ومتوسط سعر 68 دولارا للبرميل في 2020. وفي المقابل توقع محللون في شركة فيتش سوليوشن ماكرو ريسيرش، أن يبلغ سعر خام برنت 75 دولارا للبرميل خلال العام الجاري، لافتين إلى أن متوسط سعر خام برنت قد يرتفع إلى 82 دولارا للبرميل في 2020، ونحو 84 دولارا للبرميل في عام 2021، وفي عام 2022 سيبلغ 85 دولارا للبرميل. من جانبه، رجح تقرير "ريج زون" الدولي، أن يبلغ سعر النفط الخام 90 دولارا للبرميل من النفط، وهو الاحتمال الأقرب من توقعات أخرى متشائمة ترى أن الأسعار ربما قد تنخفض إلى مستوى نحو 40 دولارا للبرميل خلال العام الجاري. ونقل التقرير، عن بعض المحللين تفاؤلهم باستعادة الاستقرار في السوق، وقرب إبرام صفقة تجارية بين أمريكا والصين تكون بمنزلة نقطة انطلاق لتهدئة النزاع وإنهاء الحرب التجارية بين البلدين. وشدد التقرير، على ضرورة تعاون الأطراف كافة لإنعاش الاقتصاد العالمي، والتغلب على حالة من الكآبة والغموض لا تزال تحيط بالاقتصاد العالمي على الرغم من أنه ينمو بالفعل بشكل جيد حتى الآن. ورجح التقرير، عودة الاقتصاد الصيني لمواصلة النمو بشكل جيد ربما حول مستوى 6 في المائة سنويا، وتجاوز حالة التباطؤ والانكماش التي يتوقعها البعض، حيث يراهنون على انخفاض معدل النمو إلى مستوى 3 في المائة. وحدد، نطاقا لأسعار النفط الخام في حدود 60 دولارا للبرميل إلى 80 دولارا للبرميل خلال 2019، على الرغم من الوضع المتقلب في السوق، ولكن مستوى 90 دولارا للبرميل ليس بعيدا أيضا. ونوه تقرير "ريج زون"، إلى تأكيد بعض المحللين أن العام الحالي ربما يكون أحد أصعب السنوات في التنبؤ بها، خاصة أن التحديات كبيرة والمتغيرات متلاحقة، مشيرا إلى تقلب غير مسبوق في الأشهر القليلة الماضية. وتواصل دول "أوبك" وخارجها جهود إنعاش الأسعار من خلال الالتزام المتنامي بحصص خفض الإنتاج، وفق الاتفاق الذي تم التوصل إليه في فيينا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وقال لـ"الاقتصادية" روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن السوق تواجه حاليا وفرة في الإمدادات، ولكن قراءة تطورات السوق تشير إلى أن هذه الوفرة ستتراجع سريعا وبوتيرة ربما تكون غير متوقعة، خاصة إذا تم التطبيق الصارم للعقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا. وأضاف شتيهرير، أنه يمكن القول إننا على أعتاب عودة الأسعار المرتفعة، خاصة أن العقوبات المرتقبة على فنزويلا ستؤدي إلى تأثير واسع في النفط الخام ومنتجاته، مشيرا إلى أن "أوبك" ستواصل استخدام آلياتها لاستعادة الاستقرار في السوق، في ضوء الشراكة الناجحة والمتطورة مع دول خارج المنظمة بقيادة روسيا. ومن جانبه، قال جون هال مدير شركة ألفا إنرجي للطاقة، إن البيانات الصينية تؤثر بقوة في مسار الأسعار، مشيرا إلى أن الفترة الحالية يواجه فيها الاقتصاد الصيني تحديات التغلب على الركود والتباطؤ الاقتصادي، وهو ما يثير المخاوف على الطلب، وقد يدفع في اتجاه استمرار نزيف الأسعار على الرغم من خفض الإنتاج وتأثير العوامل الجيوسياسية. وأشار هال، إلى أبرز الضغوط على الأسعار في تلك المرحلة تجيء من طفرة الإنتاج الأمريكي المتسارعة، حيث ما زالت أنشطة الحفر تتسع وتدفق الاستثمارات يتوالى على قطاع النفط الصخري، وهو ما يجعل مستوى الإمدادات الأمريكية عند أرقام قياسية، تفاقم من حالة تخمة المعروض في الأسواق. بدوره، أوضح أندريه يانييف المحلل البلغاري ومختص شؤون الطاقة، أن أزمة فنزويلا أضافت أعباء جديدة إلى سوق النفط غير المستقرة، مشيرا إلى أن فنزويلا من الدول الرئيسة المؤثرة داخل منظمة "أوبك"، ووجود صراع على السلطة داخلها سيكون له انعكاسات على دعم استقرار سوق النفط الخام. وأشار يانييف، إلى أن البعض يرى الأزمة الحالية في فنزويلا ربما تكون إيجابية لسوق النفط التي تعاني من تخمة المعروض، وأن الانخفاضات الحادة في إمدادات فنزويلا ربما تساعد بقية المنتجين على استعادة التوازن في السوق على المدى القصير، ولكنها من المؤكد على المدى الطويل لن تكون جيدة لأن عدم استقرار دولة مهمة مثل فنزويلا ليست في صالح السوق أو في صالح "أوبك". ومن جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 60.90 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 60.22 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" اليوم، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة، حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وأن السلة استقرت عند سعر الأسبوع الماضي نفسه الذي بلغ 60.90 دولار للبرميل.
مشاركة :