الأساتذة يهجرون جامعة دمشق.. أعرق المؤسسات التعليمية العربية

  • 10/3/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لندن: «الشرق الأوسط» أكثر من 10% بلغتها نسبة الأساتذة الذين غادروا جامعة دمشق إلى دول عربية أخرى، جراء الأوضاع الراهنة، إلا أن مصادر في الجامعة قالت لصحيفة «الوطن» المحلية في تقرير نشرته أمس إنهم غادروا لتفضيلهم عروضا «ممتازة جاءتهم من جامعات عربية». وأكدت المصادر أن «نصاب الهيئة التدريسية بجامعات دمشق لم يتأثر أبدا بهذا الرقم ولن يتأثر حتى لو زاد إلى 20%»، لافتا إلى أن أغلب العروض جاءت من سلطنة عمان التي تعد «الأكثر طلبا لأساتذة الجامعات السورية وتقدم لهم رواتب تعادل مثيلاتها في سوريا إلا أنها بالدولار». وجامعة دمشق كبرى الجامعات الحكومية السورية وأقدمها، وتعد من الجامعات العريقة على مستوى العالم العربي؛ إذ يتجاوز عمرها 90 عاما.. تخرج فيها كبار الشخصيات والعلماء في سوريا والعالم العربي، وكانت لها الريادة في تعريب المصطلحات العلمية وتدريس العلوم التطبيقية باللغة العربية منذ ثلاثينات القرن الماضي. وتعرضت جامعة دمشق، كغيرها من المؤسسات التعليمية في سوريا، خلال العامين الماضيين للعديد من الأحداث والاضطرابات، بعد خروج طلبتها في مظاهرات مناهضة للنظام، فتحولت إلى معسكر أمني حصين، مع تجنيد طلبتها من المنتسبين لاتحاد الطلبة في لجان للدفاع عن الجامعة وملاحقة رفاقهم من المعارضين والثوار.. فاعتقل عشرات الطلبة، لا سيما طلاب كليات الطب والهندسة، وتحولت بعض غرف مقر اتحاد الطلبة القريب من مجمع كلية الآداب والطب في حي المزة، إلى معتقلات يسلم من خلالها الطلبة المعتقلون للأفرع الأمنية، مما جعل أجواء الجامعة في حالة اضطراب دائم، وصلت إلى حد شروع أحد الطلبة من المعارضين في إطلاق النار على ثلاثة من زملائه في مدرج الجامعة في 2012 انتقاما من ممارستهم «القمعية» بحق زملائهم. كما تعرضت كلية الهندسة المعمارية لسقوط قذائف «هاون» خلال العام الدراسي الماضي، أودى بحياة عشرات الطلاب، مما جعل سير العملية التدريسية أمرا محفوفا بالمخاطر. يضاف إلى ذلك انقطاع كثيرين من أبناء المناطق الساخنة عن متابعة الدراسة بسبب صعوبة الوصول إلى الجامعة، في حين راح الأساتذة يتعرضون للتهديد؛ تارة من الطلاب الذين تعرضوا للاضطهاد والتحقوا بالثورة، وتارة من الأجهزة الأمنية التي تتعقب تحركاتهم وتضيق عليهم. كما منع أساتذة الجامعة من مغادرة البلاد دون الحصول على موافقة من رئاسة الجامعة؛ بمعنى موافقة الجهات الأمنية، والتأكد من أن سفرهم إلى الخارج ليس هروبا ولا انشقاقا. وكان خيار البعض منهم، خاصة المحايدين، مغادرة البلد وقبول أول عرض يأتي من الخارج. ويقول أستاذ جامعي رفض الإفصاح عن اسمه إنه يعيش في حالة رعب دائم بعدما وجد اسمه مدرجا في «قائمة العار» التي نشرت على صفحات الثوار في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». ويزداد رعبه كلما تعرض أحد من زملائه لاعتداء؛ فمنذ فترة قريبة انفجرت عبوة ناسفة في سيارة زميلة له في ضواحي دمشق، وقبلها اغتيل اثنان من أصدقائه في حي بقلب العاصمة. أما عن سبب إدراج اسمه في «قائمة العار»، فقال: «أظن أني محايد، لكن الحياد في بلدنا شبهة، فالتهديدات جاءتني بعد ظهوري في وسائل الإعلام الرسمية في أنشطة أقيمت لتأييد النظام». وأضاف: «أنا بصفتي عضو هيئة تدريسية في جامعة حكومية، لا أجرؤ على عدم المشاركة في مناسبات كهذه، وإلا تعرضت للمساءلة». هذا الأستاذ الجامعي الذي أمضى من حياته المهنية أكثر من عقدين في جامعة دمشق، يجد نفسه اليوم مضطرا للبحث عن فرصة للمغادرة إلى أي جامعة في الخارج حتى لو كانت في «أدغال أفريقيا»، فالعيش هناك، بحسب رأيه «أكثر أمنا من أجواء الترهيب التي يعيشها الأستاذ الجامعي في دمشق». نائب رئيس «جامعة دمشق» لشؤون التعليم المفتوح، أيمن أبو العيال في تصريحه لصحيفة «الوطن» لم يأت على ذكر الأسباب الأمنية لهجرة الأساتذة. وقال: «الرواتب والتعويضات التي يتلقاها أساتذة الجامعات كافية في الوقت الراهن لتأمين حياة كريمة لهم»، مشيرا إلى أنه «إضافة للراتب، يقبض الأساتذة تعويضا للتفرغ ومعه ما يسمى تعويض التفرغ الإضافي للمفرغ كليا، والأعمال الإضافية التي تضاعف راتب الدكتور لثلاث مرات ومنها: المراقبة والتصحيح وتحكيم الرسائل وحضور مجالس التعليم والتدريس المفتوح». يشار إلى أن رواتب أساتذة الجامعة المقطوعة تتراوح بين 25 و38 ألف ليرة في بداية التعيين لتتدرج في سقفها بعدد سنوات العمل والخبرة والمنصب إلى ما بين 47 و53 ألفا؛ أي ما يعادل 300 - 400 دولار. وقد يتضاعف الراتب مع التعويضات المالية ليصل إلى ما معدله ألف دولار شهريا، وهو ما يعد معدلا مرتفعا قياسا بمستوى رواتب وأجور العاملين في سوريا.

مشاركة :