تمتاز بيئة العمل السعودية بهويتها واختلافها؛ كون الثقافة السعودية المحلية تطغى على المهنية فيها؛ لغلبة الود والاحترام بين أفرادها، وغلبة الاحتواء والدعم بينهم في الأوقات السارة وغير السارة، كما أنَّ التعاون متعارف عليه من باب الإحسان والأجر من الله وبلا مقابل. ولا شك في أنَّ التعاون بين الأفراد، يدعم العلاقات المهنية أو القبائلية، كثقافة يتمسك أفرادها بهويتها، كحال الثقافات المنغلقة على ذاتها، والأكثر تمسكًا بهويتها؛ لذا ليس من السهل أن تقبل التغير أو التعامل مع التجديد في البيئة أو الأنظمة، علاوة على أسلوب العقود التشغيلية، والبيئات التي تتسم بعدم اليقين. إنَّ الممارسات المهنية- وإنْ كانت احترافية- تتبع ديناميكية المجتمع السعودي، فليس في البيئة السعودية، احتفالات بأعياد الميلاد- كما في البيئات الأخرى- لأنها ليست ثقافة محلية، ولكنها تحتفل بعيدي الفطر والأضحى، علاوة على ثقافة اليوم الوطني التي بدأت مؤخرًا، وكذلك الأيام العالمية حسب اهتمام منظمات العمل بتلك الأيام وتفعيلها؛ إذ يوفر قسم العلاقات العامة ارتباطًا وظيفيًا فعالًا. في الثقافة السعودية، تغلب علاقة الأخوة بين أفرادها، والكرم، والتعايش السلمي بين الجيران بالحي الواحد؛ لذا كانت التعاملات تميل للأخوة والسماحة، مع عدم وجود تعاملات مقبولة مع الغرباء؛ ما جعل الوضع المهني بتواجد كلا الجنسين مرفوض، فتجد غالب البيئات مفصولة المكاتب والإدارات. ومنذ عدة سنوات، بدأت بعض بيئات العمل تتجه إلى الدمج، تخفيضًا للتكاليف والإجراءات، وتوحيدًا للجهود، وزيادة التفاعل، والاندماج المهني، وتوفير الوقت؛ ما جعلها كطفل وليد لم يتمكن من المشي بعد في مجال الحدود غير المنطوقة التي تطورت لدى الثقافات المنفتحة، والتي عملت عليها مؤخرًا وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بخطاب رسمي؛ يوضح الحدود، وماهية التحرش، وغيره بميثاق أخلاقي لمكافحة التحرش. والذي أبهج كثيرًا من الجنسين؛ كون عدم وجود حدود، أثار لديهم فوضى نفسية ومهنية. لذلك، نجد منهج التغير لدى المجتمع السعودي المهني -حسب منحنى كوبلر، نسبةً إلى الطبيبة النفسية إليزابيث كوبلر- قد مر بأربع مراحل تصف كيفية فهم مراحل التحول الشخصي والمؤسسي؛ إذ تساعد ملاحظة المجتمع لهذا المنحني، على فهم كيفية تعامل أفراده مع التغيير، والتأكد من امتلاكهم الدعم والمساندة المطلوبة. وحيث إنَّ نموذج التغيير يتكون من أربع مراحل تصف الحالة؛ فإنَّ معظم الأشخاص أثناء تعاملهم مع التغيير، قد مروا بالمرحلة الأولى؛ وهي الوضع الراهن التابع لهوية المجتمع السعودي ذي الثقافات المختلفة حسب المناطق الجغرافية والتقسيمات القبلية والأصول، وأيضًا تداخل ثقافات أخرى بالزواج أو التعايش فيها، فأي تغير قد يمر- من خلال هذا التنوع- برد فعل؛ إما الصدمة أو الإنكار. وعندما يصطدم بواقع التغيير، يكون هناك رد فعل سلبي؛ فينتقل بالتالي للمرحلة الثانية؛ وهي الشعور بالغضب ومقاومة التغيير؛ وهو ما يكون- وفق المنحنى- ضمن ما يسمى بمرحلة الارتباك؛ حيث الشعور بعدم اليقين، وعدم الثقة في التغير، وبروز تساؤل حول مدى صحته أو ولائهم له. وهذا ما نجده مع تحول بعض المنظمات من العقود الحكومية إلى التشغيلية، أو ما يُسمَّى بالخصخصة في عالم الأعمال. قد يتخوف البعض من العواقب السلبية للتغيير، ويدقق البعض في المخاطر المحتملة من التغيير؛ لذا من يقاومون التغيير، يبقون في المرحلة الثانية؛ مثلما ما يفعله البعض من خلال الانسحاب أو التقاعد، وربما رفع الشكاوى المستمرة، ورفض التحول. بينما من يقبلها- رغم اتسام هذه المرحلة بالتوتر- يفضل الانتقال للمرحلة الثالثة؛ حيث يكون الوضع أقل مقاومة وأكثر تفاؤلًا؛ فهي مرحلة أكثر إشراقًا؛ إذ لا يركز أفرادها على المخاطر المحتملة، بل يسعون لاكتشاف معنى التغيير، وما يجلبه لهم من ارتقاء مهني، وتطور مادي، محاولين اختبار ما هو مفيد، وما هو غير مفيد في هذه المرحلة، وكيف يمكنهم التحول مع التغيير، ومن هنا يبدأ تقبلهم للتغيير. أمل الجمل مشرفة تربوية بإدارة التدريب التربوي والابتعاث بالرياض ماجستير الاستشارات والكوتشينج للتغيير 2017 – 2018 من جامعة إنسياد لإدارة الأعمال بكالوريوس تربية فنية 2001 – 2004 من جامعة الأميرة نورة بالرياض رقم الهاتف: 0966555444052 e-mail: [email protected]الحصول على الرابط المختصر
مشاركة :