أثبتت اختبارات التاريخ أن البطولة لا تعرف الأعمار وأن من البشر من يصنع الإنجاز في ساعة فيما يعجز عنه آخرون في سنوات كما أكدت أيضا بأن جينات الفروسية والإقدام والقدرة على تحمّل المسؤولية موروث يجري مجرى الدم في العروق تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل، هذه هي الحقيقة التي تحكيها المواقف وتؤكدها المهام الملقاة على أكتاف الرجال، لذا لم يكن غريبًا أن يعتلي محمد بن سلمان -ثلاثيني العمر- وزيرًا للدفاع ليكون بهذا الاختيار أول حفيد من أحفاد الملك عبدالعزيز الذي يتولى وزارة سيادية من هذا النوع إضافة إلى تعيينه أيضًا رئيسًا للديوان الملكي، نعم لقد كسر محمد بن سلمان قاعدة التزاوج بين المنصب والعمر وحطّم تابوت الخبرة المستقاه من السنوات وقدم أنموذجًا جديدًا ومغايرًا ينافي القواعد القديمة، مؤكدًا أن الإنجاز لحظة والخبرة وعي وإدراك والعمل طموح ورغبة. رحلة منصفة ولعل القارىء بإنصاف لرحلة الوزير الشاب الذي ناداه الوطن وتخيّره لتوّلي حقيبة هي الأهم في تاريخ البلاد يتأكد له أن الاختيار جاء مشفوعًا بالنجاح فقط، فالشاب شعلة متوقدة من النشاط يتنقل بين المهام كالفراشة ليدمغ على أوراقها خاتم التميز والإبداع، هذا بخلاف كونه من ذوي الثقافة العالية الأمر الذي أهّله للعمل في أكثر من حقل تنفيذيًا كان أو إداريًا أو اقتصاديًا أيضًا ومع ما ذكرت تأتي النقطة الأهم وهي «القدرة على القيادة» والتي تمثل في نظري عصا موسي التي تتلقف كل المزايا السابقة.. فما أكثرهم الناجحين وما أقلهم حقًا القادرين على قيادة ركب أو الوصول بسفينة إلى شاطىء الأمان، نعم فلقد قاد محمد بن سلمان مؤسسات وكيانات كبيرة -وهو يخطو خطواته الأولى على بساط العمل- وأثبت للمتابعين نجاحه اللافت في الوصول بها إلى ما تنشده من مكان. العمر والمنصب قدرة محمد بن سلمان على القيادة كانت جسر الاختيار الأول لتوّليه مهمتين فارقتين.. هذه القدرة لم يرصدها القريبون من عالم النجاح بل رصدتها عيون العالم من بعيد ودونتها «فوربس» العالمية في سجلها العامر بالناجحين يوم أن اختارته عام 2013 جائزة شخصية العام القيادية لدعم رواد الأعمال، تثمينًا لجهوده واعترافًا بقدرته على تنوير العالم بنجاحات فرسان أعمال المستقبل، ومحمد بن سلمان شخصية يعشق التفوق والتميز ولا يرتضي إلا المرتبة الأولى في كل شيء، ارتكز في مسيرة حياته على ساعدي العلم والمعرفة منذ أن تلقّى تعليمه الأولي في مدارس الرياض، وكان من ضمن العشرة الأوائل على مستوى المملكة، وبالإضافة إلى حصوله على بكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود في الرياض، حاصدًا الترتيب الثاني على دفعته من كلية القانون والعلوم السياسية. العمل الخيري عاش محمد بن سلمان مولعًا بالأعمال الخيرية حيث أسس مؤسسة خيرية تحمل اسمه وهى مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية «مسك الخيرية» التى تستهدف دعم وتطوير المشروعات الناشئة والتشجيع على الإبداع في المجتمع السعودى وتمكين الشباب السعودى وتطويرهم كما توّلى العديد من المشروعات التجارية المهمة كما عمل أمينًا عامًا لمركز الرياض للتنافسية، ومستشارًا خاصًا لسمو رئيس مجلس إدارة الملك عبدالعزيز. اعتلى محمد بن سلمان هرم العمل التنفيذى وقتما تم اختياره عام 2009م مستشارًا خاصاً للأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض آنذاك، كما عين أيضًا مستشارًا بهيئة الخبراء بمجلس الوزراء. لفت محمد سلمان بنشاطه وطموحه المتوقد وإصراره على اقتحام كل مجال ليدلي فيه بدلو إبداعه فعيّن عضوًا في اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية وفي أبريل ٢٠١٤ صدر أمر ملكي بتعيينه وزيرًا للدولة، عضوًا بمجلس الوزراء بالإضافة إلى عمله. نبع البطولة تشرب محمد بن سلمان البطولة من منبعها الأصيل واقتفى خطى والده في كثير من الأعمال وأبرزها النشاطات الخيرية والمبادرات الاجتماعية التي تثمر حصادًا نافعًا على المجتمع كله ويعد الأمير محمد بن سلمان من المالكين لجملة من المهارات الإدارية والتجارية والاقتصادية وسبق أن شغل منصب أمين عام مركز الرياض للتنافسية ونائب الرئيس ورئيس اللجنة التنفيذية لجمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري والتي تشكلت من مجموعة من الأكاديميين وخبراء علم الاجتماع وأعيان المجتمع لتغطية احتياجات أصحاب الدخل المحدود ورئيس لجنة تنمية الموارد المالية في الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض، وعضو اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية، وعضو المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية بمنطقة الرياض. ومع كل ما ذكرت يشغل عددًا من المناصب والمراكز الأخرى القيادية منها: الرئيس الفخري للجمعية السعودية للإدارة، والعضو الفخري للجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات، رئيس مجلس الأعضاء الفخريين لجمعية الأيادي الحرفية، وشغل من قبل أيضًا عضوية مجلس أمناء مؤسسة «ابن باز» الخيرية، ومجلس إدارة جمعية «البر» بمنطقة الرياض. إرهاص المستقبل أمام كل هذه المعطيات التي تظلل مسيرة وزير الدفاع الشاب محمد بن سلمان تبقى صفحة المستقبل مقروءة للجميع ويبقى أمام وزيرالدفاع الذي خبُر البطولة درسًا ميدانيًا ورصد مسيرة والده واقتفي خطى نجاحه خطوة خطوة مشوار آخر وحقل جديد وهو اليوم يحمل مهمتين هما الأهم ومنصبين فارقين في عمر الوطن. مرآة الأمس القناعة بأن الماضي هو أصدق مرآة للحاضر والإيمان بقاعدة «إذا أردت أن تعرف الغد فاقرأ الأمس جيدًا» تبقى هي الإرهاص الأصدق لما سيكون عليه المستقبل الناجح، فلقد قدم محمد بن سلمان في سنوات قليلة من الأعمال ما كانت تحتاج بحق لأضعاف هذا العمر، وها نحن نكرر لقد حطّم محمد بن سلمان القواعد وغيّر خارطة المعتقدات معلناً إنفصال التزاوج بين المناصب والأعمار، فاتحًا النافذة لشمس جديدة عنوانها «اعمل تناديك المناصب واجتهد تسبق نجاح من سبقك في كشوفات المواليد».
مشاركة :