ضمن مؤتمر علمي رعته شركة «فايزر» Pfizer العالمية للأدوية في دبي، استعرضت مجموعة من كبار أساتذة الطب الذين جاؤوا من دول غربية وشرق أوسطية، مستجدات علمية في طب الألم وأمراض الروماتيزم والتهاب المفاصل وأمراض الجهاز العصبي. وشارك في المؤتمر الإقليمي ما يزيد على 300 طبيب واختصاصي. وتطرق المؤتمر إلى دراسات علمية حديثة عن التعامل مع الألم بفعالية وأمان، عبر طُرُق أكثر مواءمة من الناحية الاقتصادية. وعلى هامش المؤتمر، انعقدت وُرَش عمل متخصصة حول مواجهة تحديات التعامل مع الألم في شكل عام. وأجمع الخبراء على أن انتشار المعاناة من الألم بين المرضى في منطقة الشرق الأوسط، ناتج من أسباب فائقة التنوع. وتشمل قائمة تلك الأسباب السمنة وزيادة وزن الجسم، وارتفاع معدلات الإصابة بمرض السُكري، وحمل الأوزان بطريقة غير صحيحة، والجلوس في وضعية غير صحية لساعات طويلة أثناء العمل أو مشاهدة التلفاز أو الجلوس أمام أجهزة الكومبيوتر وغيرها. واعتبروا أن الألم المزمن والحاد، سواء أكان منشأه عضوياً أم نفسي، يولد عبئاً اقتصادياً كبيراً. ويأتي ذلك من إهدار موارد هائلة في شكل مباشر على العلاج وشغل الأسرة في المستشفيات. وهناك تكاليف غير مباشرة تأتي نتيجة التغيب عن العمل، أو التواجد في العمل مع معاناة الآلام، ما يؤدي إلى انخفاض الأداء والإنتاج والقدرة على التركيز في شكل ملحوظ. في تعريف ظاهرة مقلقة في إطار ورشة العمل الأولى، ناقش المؤتمِرون تعريف الألم بنوعيه الحاد والمزمن، ومدى فعالية استخدام «مُضادات الالتهاب التقليدية الخالية من الاستيرويدات» («آنساييدس» NSAIDs) و»مُضادات الالتهاب الانتقائية» التي تعرف اختصاراً باسم «كوكس 2» COX 2، لأنها تعطل مادة تحمل ذلك الاسم ما يؤدي إلى تخفيف الأوجاع والالتهابات. وأجمع الخبراء على أن كلا الخيارين العلاجيين يملك فعالية جيدة في التعامل مع الآلام الحادة. ويكمن الفارق بينهما في تمتع «مُضادات الالتهاب الانتقائية» بمعامل أمان أكثر ارتفاعاً، خصوصاً بالنسبة إلى الجهاز الهضمي والحفاظ على وظائف الصفائح الدموية، مقارنة بـ «مُضادات الالتهاب التقليدية الخالية من الاستيرويدات». وفي هذا الصدد، أوضح البروفسور ستيفن شاغ، أستاذ التخدير في كلية الطب والصيدلة في «جامعة غرب أستراليا»، ورئيس قسم طب الألم في «مستشفى بيرث الملكي» الأسترالي، أن معالجة الألم كانت تعتمد في السابق على مُسكنات الألم المخدرة القوية كمادة المورفين. وأوضح أن تلك المادة تملك قابلية مرتفعة تماماً للإدمان، إضافة إلى أنها تؤدي إلى أعراض جانبية تشمل القيء والإمساك والغثيان وعدم القدرة على الحركة والتنفس في شكل طبيعي. وبين شاغ أن الأطباء باتوا يميلون حاضراً إلى مُضادات الالتهاب بنوعيها المذكورين آنفاً. وذكر بأن النوعين يعملان على مادتين ، هما «كوكس 1» و»كوكس 2»، متصلتين بالألم والالتهاب ما يؤدي إلى تخفيف الآلام مع التأثير على عمل صفائح الدم التي تساهم في كبح سيولة الدم. وفي المقابل، لا تعمل المُضادات الانتقائية إلا على مادة «كوكس 2»، ما يعني أنها لا تؤثر على سيولة الدم، واستطراداً فإنها لا تتسبب في نزف من الجهاز الهضمي، وهو من الآثار الجانبية المعروفة لأدوية «مُضادات الالتهاب التقليدية الخالية من الاستيرويدات». وأكدت نتائج دراسة حديثة نشرتها مجلة «لانست» Lancet الطبية الشهيرة، أن مرضى آلام المفاصل والتهاباتها ممن يعالَجون باستخدام «مُضادات الالتهاب التقليدية الخالية من الاستيرويدات»، مع استعمال مواد تخفف إفراز حمض المعدة عبر التدخل في آلية تحرك البروتونات أثناء تكون ذلك الحمض، هم عرضة لمشاكل الجهاز الهضمي وفقدان عمل الصفائح الدموية. ويعتبر كلا الأمرين من الآثار الجانبية لخيار استعمال «مُضادات الالتهاب التقليدية الخالية من الاستيرويدات» علاجياً. وتظهر تلك الآثار بأربعة أضعاف ما يكونه الحال لدى عند استعمال «مُضادات الالتهابات الانتقائية- كوكس 2» كالأدوية التي تحتوي عقار «سِلِكوكسيب» CELECOXIB. في السياق عينه، اتفق الخبراء على أن «مُضادات كوكس 2» تقلل فرص حدوث النزيف بعد العمليات الجراحية عندما تستعمل للتحكم في الآلام، بالمقارنة مع «مُضادات الالتهاب التقليدية». واستطراداً، دعا البروفسور شاغ إلى ضرورة أن يعمد الأطباء إلى تعريف مرضاهم بإجراءات العلاج في فترة ما بعد العملية الجراحية، كي يقدر المرضى على توقع ما يحدث حينها، معتبراً ذلك الأمر عنصراً أساسياً في علاج الألم بكفاءة وفعالية. وفي المؤتمر عينه، تناولت ورشة عمل أخرى مجموعة من التحديات التي تواجه طب الألم بشكل عام، كان أبرزها عدم قدرة المريض على وصف طبيعة الألم بشكل واضح، ما يؤثر في دقة التشخيص وكذلك عدم حصول المريض على العلاج المناسب. وفي ذلك الصدد، أشار البروفسور ديديه بوهاسيرا، مدير البحوث في «المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية»، إلى أن كثيرين ممن يعانون الألم يستخدمون علاجات ومُسكنات عادية ظناً منهم أنها تصلح لجميع أنواع الألم، بمعنى أن ما يعالج حالات الألم لدى آخرين يصلح لعلاج الألم لديهم أيضاً. وشدد بوهاسيرا على خطأ تلك النظرة، مشيراً إلى أنها تساهم في تفاقم الأعراض وزيادة الشعور بالألم
مشاركة :