أحرز الأديب البرتغالي نونو جوديس جائزة الأركانة العالمية للشعر في دورتها التاسعة التي ينظمها بيت الشعر بالمغرب بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير وبتعاون مع وزارة الثقافة. وسلم وزير الثقافة المغربي محمد الأمين الصبيحي الجائزة لجوديس، وسط حضور مكثف من المثقفين المغاربة والعرب، في احتفالية شهدتها قاعة القدس على هامش الدورة الـ21 للمعرض الدولي للكتاب بالمغرب الذي تحتضنه الدار البيضاء حتى 22 فبراير/شباط الجاري. وأحيت الحفل -الذي تخللته كلمات الجهات المنظمة- الفنانة سميرة القادري التي عرفت بأدائها الجميل للطبوع الغنائية المنحدرة من تقاليد الموسيقى القروسطية والنهضوية للجزيرة الأيبيرية، في محاولة لإيصال رسائل إنسانية هدفها ردّ الاعتبار للحضارة الإنسانية التي رأت النور بشبه الجزيرة الأيبيرية -ومنها البرتغال- البلد الذي ولد تحت سمائه الشاعر نونو جوديس. ثقافة متوسطية وأكدت الجهة التي تحتضن جائزة الأركانة العالمية -في بيان لها- أن لجنة تحكيم الجائزة -المشكلة من حسن مكوار وعبد الرحمن طنكول وحسن نجمي ونجيب خداري ورشيد المومني وخالد الريسوني- ارتأت تتويج الشاعر البرتغالي نونو جوديس، أحد الأسماء الشعرية الأكثر حضورا وتأثيرا في المشهد الشعري المعاصر في بلاده وفي الشعرية الإنسانية، وذلك من خلال تجربته الشعرية الطليعية التي عرفت انطلاقتها مع بداية احتضار الديكتاتورية السالازارية، وانبثاق لحظة جديدة في حياة البرتغال. وأضاف البيان أن التبصر والعمق في تأمل الأشياء لدى الشاعر البرتغالي جعلاه يستقصي الجذور الخفية للقول الشعري في مسارات بحث لا تنقطع عن الجوهر اللغوي للإبداع الشعري. وللإشارة، تربط جوديس علاقات متميزة مع الشعراء المغاربة، وهو أحد أعضاء هيئة أصدقاء البيت وأحد الشعراء الذين شاركوا في بعض أنشطة البيت، ومنها الدورة الرابعة لمهرجان الدار البيضاء العالمي للشعر. ويراهن بيت الشعر من خلال احتفائه بشعراء حوض المتوسط على تعميق الهوية الثقافية المغربية في اتجاه جذورها المتوسطية، نظرا للروابط التاريخية الراسخة التي تصله بثقافات المتوسط في تجلياتها المتعددة، حيث اعتبر نجيب خداري -في كلمته- أن الجائزة تسعى من خلال تكريم الشاعر البرتغالي نونو جوديس إلى ملامسة عمق الجوار بين القصيدة المغربية والعربية وجوارها المتوسطي والشعرية الأوروبية بمنجزاتها الجمالية العميقة. مسار غزير ولد الشاعر البرتغالي نونو جوديس في بميشلويرا غراندي بإقليم ألغربي سنة 1949، ودرس الآداب الرومانية في جامعة لشبونة الكلاسيكية، ويعمل حاليا منسق دراسات الدكتوراه في اللغات والآداب والثقافات بالجامعة الجديدة للشبونة. وتقلد الشاعر البرتغالي عدة مناصب، حيث عمل مستشارا ثقافيا بسفارة البرتغال في فرنسا، ومديرا لمعهد كامويش بباريس، واشتغل في تحرير مجلة الزمن والموضة بين 1969 و1974، وشغل إلى حدود 1999 منصب مدير مجلة طاباكيريا التي يصدرها بيت فرناندو بيسوا. وأصدر الشاعر المتوّج عددا كبيرا من المؤلفات التي تتوزع بين الشعر والنقد والرواية، منها مفهوم القصيدة، والطاووس المصوت، والمياه اللامحدودة 1974، وآلية التشظي الرومانسي 1975، وبين ذراعي ضوء ضئيل 1976، وتوزيع الأساطير 1982. وألف في السنوات الأخيرة أعمالا بينها جغرافية الفوضى 2005، والأشياء الأشد بساطة 2006، ومادة القصيدة 2008، والإحساس الوجيز بالأبدي 2008، ودليل المفاهيم الأساسية 2010، وإبحار صدفوي 2013، وغيرها. وترجمت أعمال جوديس إلى العديد من اللغات كالفرنسية والإسبانية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والعربية.
مشاركة :