نشر موقع «إندبندنت عربية»، جزءا ثانيا من الحوار الموسع مع رئيس الاستخبارات السعودي السابق، والسفير السابق في واشنطن، الأمير بندر بن سلطان. وفتح بندر بن سلطان ملفات عديدة في المقابلة، التي قال الموقع إنها استمرت نحو 14 ساعة متواصلة في قصر ابن سلطان بمدينة جدة. ورأى ابن سلطان أن تنصيب الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، فيه «ضمانة لاستقرار السعودية لما يزيد على 20 سنة مقبلة». وأضاف: «حافظ الملك سلمان على استقرار السعودية لعشرين عاماً للأمام على أقل تقدير، كثيرون من أبناء الملك عبدالعزيز تجاوزوا الستين من عمرهم وليس هم فقط، بل حتى الأحفاد وأنا واحد منهم، وقد اتخذ الملك سلمان قراره بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد على هذا الأساس». واتهم ابن سلطان، رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات بـ«الإجرام في حق الشعب الفلسطيني، حين لم يقبل بمشروع السلام في عهد الرئيس الأميركي بيل كلنتون». وكشف بندر بن سلطان أنه التقى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني عن طريق الصدفة. وأضاف أنه التقى سليماني في طهران بعهد الملك عبد الله، وحينها لم يكن معروفا. وأضاف: «دخل علينا شخص خلال الاجتماع لم نره من قبل في جميع الزيارات الأربع لإيران، دخل ونحن في منتصف الاجتماع، وجلس في آخر مقعد، وكان معي الأمير سلمان بن سلطان ومساعدي رحاب مسعود. كان الأمير سلمان يضع هاتفه الجوال على وضعية «الهزاز» حتى لا يخرج نغمة، وعند تلقيه اتصالاً أخرج جواله للرد، وفجأة خرج الشخص الذي كان يجلس في زاوية القاعة بسرعة، ودخل آخر وتوجه نحو لاريجاني وهمس في أذنه. بعد ذلك طلب لاريجاني الانفراد بي وذهبنا إلى المكتب، فقال: ما حدث غير أخلاقي ومعيب، كيف تقومون بتصوير قاسم سليماني من جوال أحد أفراد وفدكم؟ فاستغربت وقلت: نصور سليماني!، قال: نعم، الأمير سلمان التقط له صورة ولهذا خرج. فضحكت وأجبت: شكراً لك لأنك أخبرتنا كيف هو شكل قاسم سليماني، دائماً أسمع عنه وعن تحركاته ونتائجها السيئة، شكراً لك لأنك عرّفتنا على ملامح وجهه وسنعود الآن لملفاتنا ونتفحصها أكثر». وتحدث بندر بن سلطان عن فترة صعود الخميني إلى الحكم، وقال: «كنا ننتظر كيف ستتطور الأمور هناك لكن في الوقت ذاته كانت السعودية أول من أرسل تهنئة للخميني». وعن سبب العداء الحاد بين السعودية وإيران، قال إن ذلك يعود إلى موقف الرياض في الحرب العراقية الإيرانية. وأضاف: «نعرف جميعاً أن صدام حسين حاكم مجرم وسفاح بمعنى الكلمة، لكن الخميني أعلن في خطاب له أنه سيحرر العراق أولاً، ثم يتوجه لتحرير دول الخليج بالقوة… ولم يكن أمام القيادة السعودية سوى خيارين: السيئ والأسوأ، فاختارت السيئ». العلاقات السعودية ــ السورية وفتح الأمير بندر ملف العلاقات السعودية السورية، قائلا: «عرفت بشار من قبل أن يصبح شيئا، وأخاه باسل، الذي توفي بحادث سيارة، وأعتقد أن رئيس النظام السوري لديه عقدة هي باسل حافظ الأسد، وما تزال موجودة حتى بعد وفاته، الفرق بين حافظ الأسد وبشار الأسد كالفرق بين السماء والأرض، الأب كان رجلاً، وهذا ولد حتى الآن، الأب كان صادقاً حتى في الخلاف معه، الولد يكذب أكثر مما يصدق، الأب كان محاطاً برجال يعتمد عليهم، الولد محاط بأناس مثله، حافظ الأسد كان عنيداً وله قدرة على الصبر، ولكن يعرف الحدود، بشار عنيد، ولكن لو غرزته شوكة لبكى. الأب يعرف متى يجازف ويتراجع، الولد بشار لا يعرف متى يجازف ولا متى يتراجع، ومثال على ذلك الانسحاب المذل للقوات السورية من لبنان عام 2005، رغم أن السعودية عرضت عليه قبل ذلك بأسبوع خطة توافق عليها الحكومة اللبنانية بضمانتنا، ينسحب من خلالها الجيش السوري تدريجياً إلى البقاع، ويكون هناك تجمع لهم، وبعدها بشهر يصدر طلب من رئيس الجمهورية، وشكر للرئيس السوري ويخرجون بوداعٍ رسمي وبشكل لا يكون فيه ذلة للجيش السوري، ولكن بشار رفض الخطة، وحدث ما حدث». وأضاف: «أول مرة سمعت بشيء اسمه بشار الأسد، كان عن طريق صديق سوري لي يريدني أن أتوسط لدى الحكومة البريطانية في الثمانينات الميلادية، لأن هناك طبيب عيون هو ابن الرئيس حافظ الأسد يريد الحصول على دورة تخصصية في لندن». وعن لقائه الأول ببشار، والذي طلب به الرئيس الراحل حافظ الاسد، قال الأمير بندر: «ذهبت إلى الفندق، ثم جاءني وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، وذهبنا إلى فيلا في طرف دمشق واستقبلني بشار» ودار الحديث حول الجولان، حيث قال بشار: «شو هالحكي 10 متر هون و10 متر هون، خلصونا». فقلت له: نخلصك من ايش؟ قال فيه حل أحسن من هيك؟ اللي عنده حل أحسن من هيك يجيبه. قلت نعم. قال من؟ قلت: «أبوك». قاطعنا فاروق الشرع قائلاً: رفيق بشار نحكي بالموضوع بعدين، فطرده بشار: «اطلع». وبالفعل خرج الشرع. ويروي الأمير بندر كيف اقترح على بشار الاسد ان يصطحبه الى واشنطن وينسق له لقاء مع احد المسؤولين في البيت الأبيض، موضحا أن حافظ الأسد كان يتجسس على اللقاء حينها، واتصل به عبدالحليم خدام، وقال له إن حافظ الأسد وبخ ابنه «الولد»، على حد وصفه.بعد وفاة حافظ المفاجأة التي تحدث عنها الأمير بندر أن الأسد طلب لقاءه بعد وفاة والده وقبل دفنه، مضيفاً: «وكما يقال اذكروا محاسن موتاكم، وأثناء ذكري لمحاسن الرئيس الراحل، قاطعني بشار وقال بلهجته «ايه ايه خير»، المهم كيف سنبدأ العمل مع الأميركيين، هل من الممكن أن تنقل لهم رسالة بأننا جاهزون… نظرت إليه وقلت له لم تدفنوا والدك حتى هذه اللحظة… أخ بشار، الملك مشغول عليك جداً، أنت متأكد؟ قال متأكد من ماذا؟ قلت له من نفسك، قال أها، تقصد الملك خائف عليّ، لا لا تخف… في الشهرين الماضيين، لم يعد والدي يذهب إلى المكتب، فصارت تأتيني المعاملات إلى البيت، وأنا آخذها له ونوقّع ما يحتاج إلى توقيع، وبعدها أعطيه للمرافق، وأذهب أنا إلى النادي للتمرين ثم أذهب للعمل». وتابع: «بشار قال لي، صباح أمس جئت بالأوراق وسلّمت على ماما وأختي بشرى، وقالت أبوك متعب قليلاً، فدخلت وكان بالكاد يفتح عينيه وجسست النبض واختفى النبض – أقسم الأمير فجأة أن هذا الكلام حرفياً حدث – وقلت للوالدة إنه نام، أغلقت الباب، ذهبت إلى النادي وتمرّنت، وأخبرت ماهر الأسد ومناف طلاس بخطة لضبط الأمن، وطلبت منهما أن يغلقا منافذ دمشق بالدبابات، وجاءت مجموعات أمنية، وأتوا بـ10 عمادات مع قادة المناطق ودخلت عليهم وقاموا بإلقاء التحية، وبعضهم يترحم، وقلت لهم: اششش… أنت ستغادر غداً، وأنت هذه السنة الأخيرة لك، أنت ستبقى، ما سمعته على لسانك عني أعجبني، أنت سأقطع لسانك… أنت أخذت كم مليون دولار حنحاسبك، وأنت كذا وكذا.. ومن هول الصدمة من سرد بشار لكل هذه التفاصيل وهو لم يدفن والده بعد، سألته مرة أخرى: هل تضمن بأن القوات المسلحة معك؟ قال نعم، ما هي القوات المسلحة، هذه كل القوات المسلحة، القيادات التي أتيت بها، استغربت وقلت في نفسي بالعامية «عز الله الجولان لن يتحرر ما دامت هذه قيادات الجيش». وعن لقاء الملك عبدالله بالأسد يوم وفاة والده، قال الأمير بندر: «لم أتوقع أن يأتي بشار لاستقبال الملك عبدالله في المطار وترك العزاء، وهذا ما قطع الفرصة عليه ليمهد للملك عن المحادثة التي حدثت، وهي سبب إصرار الوزيرين الراحلين: الفيصل والقصيبي على الأمير بندر بإخبار الملك». يقول الأمير عن تلك اللحظة: «انتظرنا حتى خرج الملك، وأصر بشار على توديعه، خرج الملك، وأسرعت إليه وقلت له إنني تحدثت معه قبل وصولكم، ولم تسنح الفرصة لإخبارك». قال الملك: «هذا غليّم ما يعرف يحكي، أقول لك هذا ما يعرف يحكي سألته من عندك من الرجال والمستشارين، ما يعرف يحكي، سوريا تهمنا، ما نبغاها تسقط».
مشاركة :