إعداد: علي نجم انتهت حقبة المدير الفني لمنتخبنا الوطني الإيطالي ألبرتو زاكيروني، وبات المدرب على أهبة الاستعداد لحزم الحقائب والعودة إلى بلاده، بعدما أنهى رحلته الآسيوية الثانية بخسارة «قاسية» ومؤلمة في الدور نصف النهائي أمام المنتخب القطري، ليفشل في تكرار إنجاز 2011 حين نال مع الساموراي الياباني الكأس القارية على أرض الخصم الذي أطاح برأسه في التاسع والعشرين من يناير.لم يتوقع المدير الفني ل «الأبيض» أن تكون نهاية رحلته مع منتخبنا بهذه الصورة «الدراماتيكية»، تلك الرحلة التي بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، بعدما عمل منذ اليوم الأول على مبدأ تحصين الدفاع ثم الدفاع ومن بعده الدفاع!كان السقوط المريع بالأربعة أمام المنتخب القطري أقرب إلى «صفعة» وضربة قاضية للمدرب الإيطالي الذي خرج من الباب الخلفي غير مأسوف عليه «جماهيرياً» بعدما عانى المنتخب تحت قيادته ضعف الأداء وسوء المردود، وإن كانت الأرقام تبدو إيجابية .16 شهراً أمضاها المدير الفني لمنتخبنا الوطني السابق على رأس قيادة «الأبيض» كان خلالها على موعد مع مشاركتين رسميتين، كانت الأولى في خليجي 23 في الكويت، والثانية بالموعد والاستحقاق الأهم في كأس آسيا، وهو الهدف الذي تم من أجله التعاقد معه.كانت رحلة المدير الفني أشبه برحلة حافلة ب «آلام» ومخاض ضعف الأداء، وإن كان قد عبر كل محطات البطولتين، بنجاح، لكن دون أن ينال يوماً الإعجاب أو الثناء، إلا حين تفوق على منتخب أستراليا في الدور ربع النهائي، ليصبح في تلك الأمسية «بطلاً» و«ثعلباً» و«داهية».وقد تتفق الكثير من الآراء على أن رحلة زاكيروني لم تكن «ناجحة»، لكن لغة الأرقام تمنح المدرب «العجوز» الكثير من حقوق التميز، خاصة أن رحلته التي امتدت في 11 مباراة رسمية، لم يعرف فيها طعم الهزيمة سوى مرة واحدة، وكانت أمام المنتخب القطري في نصف النهائي الآسيوي.ووسط سهام الانتقادات التي انهالت على المدير الفني الإيطالي من كل حدب وصوب، وفي وقت حمل «البعض» المدرب زاكيروني كل أسباب الهزيمة والخسارة والإخفاق والفشل في عدم التأهل إلى المباراة النهائية، من أجل ضرب «آخرين» عند رمي المدرب بكل تلك السهام، كانت أفكار ورؤية المدرب تختلف عن الآخرين.قناعة المدرب كانت منذ البداية «واضحة» وصريحة، وجد أن هناك الكثير من الثغرات والعيوب الفنية يعانيها المنتخب في الأداء الجماعي كفريق، وفي الأداء الفردي للاعبين، ليلجأ إلى سياسة «الدفاع» التي نال بسببها الكثير من جرعات الغضب والانتقادات، وإن نجح من خلالها المدرب بقيادة المنتخب إلى المباراة النهائية لكأس الخليج التي أقيمت في الكويت قبل عام واحد.ولم يتمكن المدرب من إكمال رحلته في تطبيق رؤيته الفنية، حين «أجبر» على تغيير قناعته خلال معسكر جيرونا الإعدادي في سبتمبر/ أيلول الماضي، عقب الهزيمة أمام ترينيداد وتوباغو بهدفين دون مقابل، حيث واجه المدرب «اعتراضاً» من اللاعبين ومن خلفهم الإعلام الذي انتقد بشدة مستوى المنتخب في المعسكر، حين خسر أمام ترينيداد وتوباجو قبل أن يفوز على لاوس المتواضع بثلاثية.منذ نهاية معسكر جيرونا، دخل زاكيروني مع المنتخب في «دوامة»، فتارة كان يبحث عن إشراك ثلاثي في الارتكاز، وتارة أخرى لعب بثنائي في المحور، وكل ذلك من أجل التعامل مع مواجهات المنافسين بما يمتلكون من مقومات وقدرات ومصادر خطر، وليس بناء على ما يمتلك المنتخب من أوراق قوة تعكس شخصية المنتخب الفنية.وقد يرى البعض أن المدير الفني الإيطالي وقع في خطأ كبير، حين قرر لعب مباريات دون المستوى المأمول في فترات الإعداد والتحضير، وهو من قام باختيار المباريات الودية سواء تلك التي جرت في إسبانيا، أو حتى في دبي خلال فترات التجمع التي سبقت بداية العرس الآسيوي.وعمد المدير الفني الإيطالي إلى تطبيق فلسفة، لعب مباراة قوية وأخرى ضعيفة في كل فترة من فترات التجمع، وطبق ذلك بداية من سبتمبر، حين لعب مع ترينيداد وتوباغو ومن بعدها مع لاوس، وفي معسكر برشلونة حيث واجه هندوراس وفنزويلا في أكتوبر، قبل أن يكمل على نفس الدرب من خلال اللعب مع بوليفيا واليمن في دبي في نوفمبر، ما حرم «الأبيض» من نعمة وخبرة لعب مباريات قوية مع منتخبات بمستوى عال. لعنة الإصابات وكان «غير محظوظ» إذ مني المنتخب بخسارة لا تعوض، بعد إصابة عمر عبد الرحمن مع الهلال السعودي، ليفقد الأبيض نصف قوته الفنية، قياساً على قدرات ودور «عموري» في تشكيلة الأبيض.ولم تقتصر الإصابات على عموري وحسب، بل انضم إلى قائمة الغيابات أحمد برمان وريان يسلم، خلال مشاركتهما مع العين في مونديال الأندية،وكان خروج محمود خميس من قائمة المنتخب بسبب «عدم الانضباط» ضربة جديدة.ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد خسر منتخبنا خدمات كل من خليفة مبارك في لقاء قيرغزستان، قبل أن يتعرض لضربة موجعة ثانية بإصابة محمد أحمد في مباراة أستراليا. خطأ فادح وقد كشفت الساعات الأخيرة عن الخطأ الفادح الذي وقع فيه الجهاز الفني، ومن خلفه الكادر الإداري، حين قرر منح اللاعبين إجازة قصيرة عقب الفوز على المنتخب الأسترالي في الدور ربع النهائي، قبل يومين من موقعة قطر في المربع الذهبي.وشكلت تلك الراحة وخروج اللاعبين من المعسكر «صدمة» وذهولاً لمن يعلم عقلية وأسلوب تفكير لاعبينا، ولمن يدرك أهمية فترات الراحة والاستشفاء العضلي التي كان يحتاج إليها لاعبو منتخبنا في التجمع بإشراف ورقابة إدارية وفنية، وليس في منازلهم وسط عائلاتهم ومع أصدقائهم.وإذا كان المدرب قد تعامل مع اللاعبين ب«عقلية الطليان»، فقد كان على الجهاز الإداري والمشرف على منتخبنا تحذير المدرب من خطورة تلك الخطوة، ومن تأثيرها السلبي في اللاعبين قبل موقعة مصيرية بقيمة خوض مباراة الدور نصف النهائي. حقيقة مرة وتبقى الحقيقة الأكثر وضوحاً، والتي قد لا يرغب البعض في الوقوف عندها، أو التطرق إليها، أو حتى الاعتراف بها، وهي أن كرة الإمارات تعاني مرض «ندرة المواهب»، وغياب الجيل الواعد الذي يمكن البناء والرهان عليه، وهي مشكلة ليس زاكيروني المسؤول عنها، ولا حتى اتحاد الكرة برئاسة مروان بن غليطة أو نائبه عبد الله الجنيبي، بل هي مشكلة «كرة الإمارات».لغة الأرقام أما رحلة المدير الفني الإيطالي زاكيروني فقد تلخصها الأرقام التي قد تقف في صالح المدرب الذي لم يعرف طعم الهزيمة «رسمياً»، إلا أمس الأول، بينما حقق الانتصار 4 مرات والتعادل في 6 مناسبات.خاض منتخبنا تحت قيادة المدرب 11 مباراة رسمية، سجل خلالها 9 أهداف، كانت 3 منها في مباراة قيرغزستان، بينما أنهى 5 مباريات دون أن يسجل أي هدف وكانت أمام كل من السعودية والكويت والعراق وعمان (في كأس الخليج)، وأمام قطر (كأس آسيا).وإذا كان المنتخب قد تميز على المستوى الدفاعي في كأس الخليج، ولم يتلق أي هدف، فقد تبدل المشهد آسيوياً، حين تلقى منتخبنا 8 أهداف في 6 مباريات، ولم يحافظ على نظافة الشباك سوى في مباراة الهند، التي كان خلالها خالد عيسى أبرز نجوم المباراة.أما الطامة الكبرى، فقد وضحت في «مجموع» المباريات التي لعبها منتخبنا مع المدرب، حيث تولى الإشراف على الأبيض في 24 مباراة لم يسجل فيها منتخبنا سوى 18 هدفاً، مقابل 19 هدفاً سكنت شباك «الأبيض».
مشاركة :