كما أشرت في مقال أمس إلى ضرورة العودة إلى تناول جلسة مجلس النواب أمس الأول وهي الجلسة التي نُوقش وأُقر فيها برنامج عمل الحكومة وذلك بسبب أهميتها وأهمية ما دار خلالها وما يجب الوقوف عنده من أجل تفاديه أو الاستفادة منه في المستقبل بإذن الله. لم يلتفت الكثيرون إلى ما فعلته رئيسة المجلس السيدة فوزية زينل من حركة جديدة في إدارة الجلسات لا ينقصها الذكاء أو ما يقربها من «الحرفنة» التي كانت تخبؤها عنا! رئيسا المجلس السابقان كانا يبدآن الجلسة بإعلان السادة النواب المعتذرين عن حضور الجلسة فقط ثم يصمتان ويبدآن السير في أعمال الجلسة بشكل مباشر. الأستاذة فوزية زينل فعلت غير ذلك تماما ابتداء من جلسة أمس الأول.. وكما قلت «حركة جاءت محمولة عبر ذكاء إداري مطلوب».. وقد جاءت به أو فعلته للمرة الأولى في إدارة جلسات مجلس النواب قاطبة منذ بدء مسيرته. بدأت الجلسة بالقول: لا يوجد نواب معتذرون عن الجلسة.. لكن هناك متغيبون وهم (........)، معلنة جميع أسمائهم. وكان عدد المتغيبين الذين نطقت بأسمائهم (9) نواب، رئيسة المجلس تعلم أنهم متأخرون وأنهم سيحضرون إلى الجلسة.. لكنها أرادت أن تقول للسادة النواب جميعهم إنها لن تقبل التأخير عن موعد بدء الجلسة.. وقد تكون تُبيِّت لإجراء آخر تقطع به دابر ظاهرة التأخير هذه.. بعكس الرؤساء السابقين الذين كانوا لا يشيرون إلا إلى المعتذرين رسميا لوجودهم في مهام رسمية أو أنهم سيتأخرون لأسباب طارئة فقط.. وقد كانت رئيسة المجلس تعلم أن السادة النواب الذين ذكرت أسماءهم سيأتون إلى الجلسة حتما ماداموا لم يعتذروا!! ومن ناحيتنا نحن في الصحافة سنعطي فترة سماح بعدم نشر أسماء المتأخرين الذين تعلن معالي الرئيسة أسماءهم وهي التي تركت الحرية للصحافة لنشر أسمائهم من عدمه.. ولكن فترة السماح هذه ستقتصر على الجلسة السابقة فقط.. أي أننا سننشر أسماء المتأخرين عن الجلسة اعتبارا من جلسة الثلاثاء القادم بالضبط كما ستعلنها الرئيسة بإذن الله. المهم أن السادة النواب التسعة قد توافدوا على حضور الجلسة تدريجيا بعد بدئها.. ولم تبدأ المناقشات حول برنامج عمل الحكومة إلا وجميع السادة النواب كانوا فوق مقاعدهم تحت القبة «39 نائبا زائد الرئيسة». يعني إذا كان رؤساء المجلس السابقون لم يستطيعوا القضاء على ظواهر الغياب والتأخير والتزويغ فإن رئيسة المجلس فوزية زينل لديها القرار لوقف كل هذه الظواهر غير المستحبة؛ يعني «ما يجيبها إلا.....»!! ثانيا: من المواقف المهمة في جلسة أمس الأول -أعني «جلسة برنامج العمل الوطني»- هو ما أعلنه النائب الثاني لرئيس المجلس ورئيس الجانب النيابي في اللجنة المشتركة لمناقشة مشروع برنامج عمل الحكومة قد أعلن خلال مداخلته الأولى حول البرنامج في بداية الجلسة: اسمحوا لي أن «أفشي سرا».. ألا وهو أن الحكومة الموقرة قد بدأت فعلا في تطبيق برنامج عمل الحكومة على الأرض قبل إقراره؛ أي قبل أن يقرّه مجلس النواب.. وإن كان ما قامت به الحكومة مخالفة دستورية.. إلا أنها مخالفة مستحبة قد جاءت محمولة عبر دلائل في غاية الأهمية.. جاءت كلها محمولة عبر ثقة السلطتين في بعضهما بعضا. والحقيقة أن ما أقدمت عليه الحكومة هو مخالفة دستورية واضحة.. إلا أنها لم تقدم على ارتكاب هذه المخالفة إلا لأنها متأكدة وتمتلئ يقينا بأن مجلس النواب سيقر هذا البرنامج إذا لم يكن بالإجماع.. وقد كان هذا هو الواجب.. فقد جاء بأغلبية الأصوات وهذا هو أضعف الإيمان.. وقد حدث ذلك بجدارة (38 صوتا موافقا من بين 40 صوتا). ثالثا: الحكومة مقدمة على مرحلة جديدة من العمل الوطني -كما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء- ومعنى ذلك أن لديها القرار أيضا بأنها لن تضيع أو تهدر وقتا ينتقص من العطاء للوطن والمواطنين. هذا من ناحية.. أما من الناحية الأخرى فقد علم الجميع أن مجلس النواب سيصوّت بالموافقة مُرحبا ببرنامج عمل الحكومة بعد أن أقرته اللجنة الحكومية والبرلمانية المشتركة.. وصفق لها المواطنون؛ ذلك لأن البرنامج قد جاء غير منتقص أو مغيب لأي شيء من مكاسب المواطنين.. ونصَّ صراحةً على حماية المواطنين من الجور على حقوقهم ومزاياهم في المستقبل أو أي نية للإتيان بأي شيء ينتقص من هذه الحقوق، وإن حدث فسوف تقوم الحكومة بالتعويض الكامل عنه! الموقف الثالث في الجلسة: هو أن عددا كبيرا من السادة النواب الذين كانت لهم مداخلات خلال الجلسة قد جاءت مداخلاتهم محمولة عبر انتقادات للبرنامج، أبرزها أنه قد خلا من ضمانات التطبيق.. والخوف من أن يأتي التطبيق منقوصا أو ضعيفا.. مطالبين بلجنة نيابية لمراقبة التطبيق.. هم أنفسهم هؤلاء السادة النواب المنتقدون كانوا أول من سارعوا بإعلان موافقتهم على البرنامج.. ليس هذا فقط، بل جاء إعلاؤهم لكلمة «موافق» مقرونا بكلمة «بقوة».. أي موافقين بقوة. الموقف الرابع: وقد جاء به معالي الأستاذ محمد إبراهيم المطوع وزير شؤون مجلس الوزراء.. وذلك عندما حرص على أن يضمن كلمته في الجلسة نفسها قائلا: لماذا هذه المخاوف وكل شيء في أيديكم.. أقصد أن جميع التشريعات والقوانين والإجراءات لتطبيق برنامج عمل الحكومة وغيره ستأتيكم ولن تمرر إلا من خلالكم؛ أي أن تمرير هذه القرارات من عدمه هو في أيديكم؟!! الموقف الخامس: وهو المخيب للآمال دائما، وقد جاء هذا الموقف المرفوض من خلال السادة الذين انتقدوا البرنامج.. فقد ظهر أن كل هؤلاء كانوا هم السباقون لإعلان موافقتهم على برنامج عمل الحكومة.. وخاصةً بعد أن واجههم زميلهم النائب علي إسحاقي مقرر لجنة مناقشة البرنامج.. وقال: لماذا تؤخرون مقترحاتكم بالتعديل على البرنامج إلى جلسة التصويت عليه.. ألم تكن أمامكم فسحة كبيرة من الوقت من خلال اللجنة المشتركة واجتماعاتها وهي التي كانت صدور أعضائها جميعا مفتوحة لتقبل أي نقد أو اقتراحات تحقق الأفضل.. فوق أنه قد جاء ديدنهم الاستجابة لكل ما سيأتيهم أو يُطرح عليهم. وقد أيد هذا الكلام أيضا رئيس اللجنة النيابية السيد علي زايد الذي قال: لقد حضر اجتماعات لجنتنا كثيرٌ من السادة النواب من غير أعضائها، وقد كانت لهم آراء وبصمات في غاية الأهمية!!
مشاركة :