الأوقاف السنية وخطاب الوسطية

  • 1/31/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

منذ فترة تابعت على أحد مواقع التواصل الاجتماعي خبر دعوة أحد خطباء الجمعة إلى عدم خروج المرأة للعمل، وكثيرا ما تصلنا شكاوى من بعض المصلين عن قيام بعض الخطباء بإطالة خطبة الجمعة، لدرجة أنك تجد جامعا أنهى صلاة الجمعة فيما جامع آخر لا يزال الخطيب واقفا على منبره، هذا بجانب حديث كثير من الخطباء عن قضايا ومواضيع بعيدة كل البعد عن الواقع، وعن إدراك وفهم المصلين من مختلف الجنسيات. خطبة الجمعة من أهم الملفات التي يجب أن تضاعف إدارة الأوقاف السنية اهتمامها ورعايتها بها، وحتى متابعتها لها، فليس من المعقول أن يتحدث خطيب عن «عطلة الربيع وإجازة منتصف العام الدراسي» ومعظم المصلين في الجامع من العمال أصحاب الجنسيات الآسيوية، أو أن يتحدث خطيب عن فضل موسم الحج ونحن في شهر جمادى الأولى، أو أن يتحدث خطيب عن أفضلية اللغة العربية، فيما إمام ومؤذن الجامع نفسه من جنسيات غير عربية، أو أن يتناول خطيب آخر آداب المسلم في السفر ونحن قد أنهينا العطلة الصيفية والربيع وبدأ موسم العودة إلى المدارس والأشغال. بالأمس قرأت خبر اعتماد مجلس الأوقاف السنية قرار تشكيل لجنة عليا لعقد ندوة علمية سنوية تحت عنوان «الوسطية في الخطاب الديني»، وذلك بالتعاون مع عدة مؤسسات رسمية وجامعات بمملكة البحرين، وبلا شك أن مثل هذه الندوة العلمية الرفيعة، التي تعكس اهتمام مملكة البحرين بالنهج الإسلامي الوسطي، وحرصها على تعزيز قيم التسامح والسلام والتعايش ومفهوم الوسطية من دون تشدد وحتى من دون تساهل كذلك، ولكن السؤال الأهم: لمن ستوجه أهداف الندوة؟ وما الفئة المستهدفة والمدعوة إلى الحضور؟ وماذا بعد إصدار توصيات ومخرجات الندوة؟؟ ستكون الندوة العلمية ولجنتها العليا، موفقة جدا لو دعي وشارك فيها جميع خطباء الجمعة في مملكة البحرين. ستكون الندوة العلمية أكثر فاعلية لو تم إلزام الخطباء بمنهجية وسطية واقعية ومعاصرة. ستكون الندوة العلمية أكبر جدوى لو تم تنفيذ وتطبيق توصياتها ومخرجاتها في خطب الجمعة في جوامع ومساجد البلاد بعد ذلك. أما إذا اقتصرت الندوة على شخصيات محددة، وفئات معينة، دينية نخبوية، فإنها ستكون بمثابة لقاء علمي، وملتقى ديني، وتبادل للحديث الودي، من دون هدف واضح، وإذا كانت الندوة مجرد محاضرات ثم يعقبها إشادات واستفسارات، فإنها ستكون أقرب لندوة في جمعية خيرية لا يحضرها سوى كبار السن، وإذا ما كانت مخرجات وتوصيات الندوة ستنشر في الوسائل الإعلامية، ويتبعها إصدار كتيب يوضع في سجل الإنجازات السنوية، فإن التبرع بأموال تلك الندوة لصالح الفقراء والمساكين، أو إصلاح «كولر الماء بالجامع» أنفع وأصلح. إننا مع إقامة ندوة الوسطية، بل إقامة العديد من الفعاليات التي ترسخ مفهوم الوسطية في جميع مجالات الحياة، ومختلف المنابر، وخاصة المنبر الديني وخطب الجمعة بشكل أكثر تحديدا، ونقترح على اللجنة العليا أن تضاعف من جهودها في التغطية الإعلامية المتعددة لتصل رسائل توصيات ومخرجات الندوة إلى المعنيين والخطباء، بصورة مباشرة وسهلة وواضحة، لأنهم هم الفئة المستهدفة بشكل أكبر، وهم من ينقل إلى الناس والمصلين ويرسخون في الأذهان مبادئ وقيم الوسطية الدينية. مع خالص تمنياتنا لإدارة الأوقاف السنية ورئيسها الفاضل الشيخ العزيز د. راشد بن محمد الهاجري، وبالتوفيق والنجاح والسداد.

مشاركة :