لم تحل الأجواء الإيجابية التي تبشر بإمكانية ولادة الحكومة خلال الساعات المقبلة، دون إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على عقد جلسات تشريعية للبرلمان الأسبوع المقبل، لإقرار حزمة القوانين التي تحمل صفة «المعجَّل» وتندرج تحت عنوان «تشريع الضرورة»، للإجازة لحكومة تصريف الأعمال الإنفاق المالي، وفق القاعدة الاثني عشرية، بسبب استحالة إقرار الموازنة العامة للسنة الحالية قبل ستة أشهر.وتحضيراً للجلسة التي لم يحدد اليوم الذي ستنعقد فيه من الأسبوع المقبل، ترأس بري اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس، ناقش جدول الأعمال المؤلف من تسعة بنود. ونقل النواب الذين التقوا بري في إطار «لقاء الأربعاء» النيابي، عنه أنه «مُصرّ على تحديد موعد للجلسة التشريعية التي سيدرج على جدول أعمالها تسعة بنود، هي 6 مشروعات قوانين و3 اقتراحات قوانين».وأعلن عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي بزّي، أن رئيس المجلس «تطرق إلى بعض الاجتهادات الدستورية، وأعلن أن هناك مشرّعين كباراً يعتبرون أنه بإمكان الحكومة المستقيلة أن تجتمع لتعالج الأمور العادية، والبند الأول فيها يكون الموازنة (في حال تعثّر تأليف الحكومة)».وقالت مصادر نيابية شاركت في الاجتماع لـ«الشرق الأوسط»، إن أبرز بنود الجلسة هو طلب سلفة خزينة لشركة كهرباء لبنان، يعتقد أنها ستواجه باعتراضات بعض الكتل البرلمانية، وثانيها قانون يتيح للحكومة إصدار سندات «يورو بوند»، وثالثها اقتراح يتيح للحكومة الصرف على القاعدة الاثني عشرية في غياب الموازنة؛ لكن اللافت بشأن القانون هو أنه لشهر واحد فقط، ويحتاج تجديده لقانون جديد.الخبير المالي والاقتصادي غازي وزنة، أوضح أن البرلمان «مضطر للتوجه لإقرار القوانين الضرورية، وفق المادة 60 من قانون المحاسبة العامة، وحتى تنتظم عملية الصرف من خارج الموازنة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدافع الأساس لإقرار القوانين المالية هي الإجازة للحكومة باستمرار الصرف في الوزارات والإدارات وفق القاعدة الاثني عشرية، وكذلك أعمال الجباية، إلى حين إقرار موازنة عام 2019». ولفت إلى أن «ثمة أموراً أخرى تحتاج إلى قوانين، أهمها إصدار سندات بالعملات الأجنبية بقيمة 500 مليون دولار خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل». وقال: «حتى لو تشكلت الحكومة اليوم فهي لن تتمكن من إقرار مشروع الموازنة وتقديمه إلى المجلس النيابي، وهذا يحتاج إلى مدّة زمنية تتراوح بين خمسة أو ستة أشهر، وبالتالي يكون الإنفاق مخالفاً للقانون».في هذا الوقت لا تمانع الكتل النيابية في الذهاب نحو إقرار قوانين تكتسب طابع الضرورة، وأكد مصدر نيابي في تيّار «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»، إن «لا خلاف مع الرئيس برّي على عقد جلسات تنظّم صرف الأموال». وأشار المصدر الذي رفض ذكر اسمه أن «كتلة المستقبل تؤيد إقرار القوانين التي تضبط عملية الصرف بحسب القاعدة الاثني عشرية، والقوانين التي تجيز إصدار سندات الـ(يورو بوند)؛ لكنها لا تحبّذ التصويت على بنود مطاطة، لا ترتدي صفة الضرورة، وبما يحفظ للحكومة (الجديدة) حق استعادة بعض القوانين لدراستها وإدخال تعديلات عليها»، لافتاً إلى أن بري «حريص على أن تكون الأمور المالية منتظمة؛ خصوصاً أن وزارة المال محسوبة عليه، ولا يقبل أي شوائب تعتري عملها».وسبق للبرلمان اللبناني أن أقرّ خلال فترة الفراغ الحكومي المستمرّة من شهر مايو (أيار) الماضي، مجموعة من القوانين المالية، وتلك المتعلّقة بالإصلاحات المالية التي تعهد لبنان بها خلال مؤتمر «سيدر»، بالإضافة إلى القوانين الخاصّة بعملية تلزيم استخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية.وتحضيراً للجلسة، ترأس بري أمس اجتماع هيئة مكتب المجلس، وبعد الاجتماع أعلن نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي أنه «جرت مناقشة جدول أعمال الجلسة المحتملة». وقال: «أسست هيئة المكتب لكل الاحتمالات التي قد تطرأ على الساحة، وخلقت نوعاً من شبكة الأمان للبدائل، وفقاً لما قد يستجد، سواء لجهة تأليف حكومة أو لعدم تأليفها، ونتمنى أن يصار إلى تشكيلها، وبالتالي يبنى على الشيء مقتضاه، ويتخذ القرار المناسب في كل احتمال إذا تألفت الحكومة أم لم تتألف». ورداً على سؤال حول الصرف حسب القاعدة الاثني عشرية، أوضح الفرزلي أنه «تم الأخذ بعين الاعتبار كل الاحتمالات، وسيتم التصرف على هذا الأساس، وما تقتضيه مصلحة البلد العليا يأخذ الرئيس بري القرار المناسب بشأنها، وبتفويض من هيئة مكتب المجلس».
مشاركة :