شملت العروض السينمائية في الدورة الأولى من منصة الشارقة للأفلام والتي اختتمت قبل أيام، طيفاً واسعاً من المدارس والاتجاهات الفنية المتداخلة مع التيارات البصرية الحديثة والمعاصرة، خصوصاً فيما يتعلق بتطوير أساليب العمل السينمائي، ونضج الرؤية التعبيرية للمخرجين، خصوصاً المواهب الشابة التي استفادت من المنح المخصصة للأفلام القصيرة، ومن برامج تمويل المشاريع السينمائية الواعدة في الإمارات والدول العربية. ضمت الدورة الأولى من هذا الحدث السينمائي الذي يقام برعاية ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، 140 فيلماً، تنتمي لأكثر من أربعين دولة، وتوزعت على حقول سينمائية متنوعة مثل الفيلم الروائي القصير، والروائي الطويل، والوثائقي، والتجريبي، وتم عرضها في أربعة مواقع من الإمارة هي سينما سراب المدينة، وسينما الحمراء، ومعهد الشارقة للفنون المسرحية، وقاعة أفريقيا، إضافة لتنظيم ندوات نوعية تتطرق لواقع السينما المعاصرة وتحدياتها المستقبلية، وكيفية استثمار المواهب الشابة، وطرق دعم مشاريعها ومحاولاتها الأولى في هذا المجال. انطلقت فكرة تنظيم تجمّع سينمائي في الشارقة من خلال نقاشات جرت في بينالي الشارقة السادس عام 2003، حسب ما أشارت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون، والتي أوضحت أن الفكرة تجسدت في تنظيم مبادرة سنوية تتوسم عرض الأفلام السينمائية الفارقة، وتكريس الأعمال الفيلمية التي تتقاطع مع الفنون المعاصرة. فهذه المبادرة التي أطلقتها الشيخة حور تهدف إلى تنمية المناخ الثقافي والفني في الشارقة من خلال ضخه بالإبداعات البصرية المميزة والمعبّرة عن الفضاء التفاعلي المتقاطع مع الثقافات الأخرى عبر الحوار الفكري والتبادل المعرفي، وهو الفضاء الذي تمثله السينما بامتياز، كونها وسيلة تعبيرية تختزن فنوناً متعددة تجمع بين السرد والخيال والتنفيذ المبتكر والخلاق لصور تتدفق على الشاشة وتروي قصصاً وحالات ومواقف يمكن تأملها، والخروج منها بانطباعات تؤسس لوعي جمالي جديد، وتطرح قضايا ورسائل إنسانية. وتأتي أهمية «منصة الشارقة للأفلام» من خلال تعويضه للفراغ السينمائي في المكان بعد إلغاء وتوقف مهرجانات سينمائية كبرى مثل مهرجان دبي السينمائي الدولي ومهرجان الخليج، ومهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، ورغم الخصوصية الفنية لمنصة الشارقة الأفلام، وتوجهها نحو دعم الأفلام القصيرة حصراً، إلا أنها حافظت على حيوية الحضور السينمائي النوعي في الدولة، وأنعشت تطلعات السينمائيين الشباب في المنطقة لترجمة رؤاهم الفيلمية. وبجانب العروض الفيلمية، كان للورش التطبيقية والنقاشات والندوات المقامة ضمن فعاليات منصة الشارقة للأفلام دور في تلمس التحديات التي تواجهها السينما المعاصرة، في ظل هيمنة منصات العرض البديلة في المواقع الإلكترونية، وفي ظل سيطرة بعض الشركات العالمية على الإنتاج السينمائي وعرض الأفلام على الشاشات الصغيرة بدلاً من الصالات الجماهيرية التقليدية.وتضمنت ندوات منصة الشارقة للأفلام كذلك لقاءات مع مخرجين إماراتيين من الجيل الجديد.
مشاركة :