تحقيق: سومية سعد المعايير البيئية هي الطريق للمباني الخضراء، بدءاً من استهلاك أقل للطاقة مروراً بالحد من النفايات وصولاً إلى تقليل انبعاثات الكربون، وابتكار مواد بناء صديقة للبيئة، وتوفر مستوى صحياً أفضل، ووجود أنظمة أكثر مواءمة للإنارة وتوزيع الحرارة؛ حيث يتم استعمال مواصفات العزل واستخدام زجاج شبابيك؛ إذ يخفف تسريب حرارة البناء، إضافة إلى استخدام أنظمه تخزين للطاقة الشمسية وحرارة الأرض من خلال الاستفادة من التبادل الحراري على الأرض. أكدت بلدية دبي، مؤخراً أنها قامت بترخيص أكثر من 400 مليون قدم مربعة من المباني الخضراء موافقة للائحة شروط ومواصفات المباني الخضراء، وأن عدد الرخص بلغت 9 آلاف 854 رخصة، وأن عدد مساحات المباني الخضراء المرخصة 215 مليون قدم.تهدف دبي إلى أن تصبح واحدة من أكثر عشر مدن استدامة في العالم من خلال تطبيق أنظمة المباني الخضراء، وزيادة توليد الطاقة الشمسية والحد من النفايات، بعد أن حققت دبي، تقدماً ملحوظاً؛ حيث نالت مؤخراً لقب أكثر المدن استدامة في منطقة الشرق الأوسط. وأكد خالد شريف العوضي، المدير التنفيذي لقطاع البيئة والصحة والسلامة في بلدية دبي، أن البلدية قامت بتنفيذ العديد من المبادرات والمشاريع والقوانين المتعلقة بالاستدامة، والتي شملت العديد من المجالات مثل التخطيط العمراني المستدام والبيئة ومعالجة مياه الصرف الصحي، وإدارة النفايات الصلبة والعزل الحراري وحفظ الطاقة والمباني الخضراء، ونظام تقييمها (السعفات) من أجل الوصول إلى الهدف النهائي المتمثل في جعل مدينة دبي خضراء ومستدامة. وأوضح أن الدور المحوري الذي تقوم به بلدية دبي في مجال استخدام التقنيات الحديثة والتطبيقات التكنولوجية المتقدمة، والتي انعكس استخدامها إيجاباً على خدمات فحص ومنح شهادات علامة المطابقة للمواد والمنتجات وأنظمة البناء، مما كان له الأثر الكبير في تطوير أداء قطاع الإنشاءات وفق أعلى معايير الجودة والاستدامة. وأشار إلى أن البلدية، تطلق المؤتمر العالمي السادس لاستدامة مواد البناء تحت عنوان: «استشراف المستقبل في مجال تقنيات البناء المتقدمة» بحضور عدد كبير من الباحثين والمهتمين لابتكار حلول إبداعية ومستدامة تدعم الجهود في التصدي للتحديات البيئية وتحقيق التنمية المستدامة. تدريب الكوادر وقالت المهندسة ليالي عبد الرحمن الملا، مديرة إدارة التراخيص، إن خطة عمل الإدارة مستمرة في مجال تأهيل وتدريب الكوادر على متطلبات نظام السعفات داخلياً للمعنيين من البلدية، وكذلك للمتعاملين الخارجيين من استشاريي ومقاولي ومصنّعي وموردي المواد وأنظمة المباني الخضراء، وتعد الطاقة الشمسية هي المصدر الاستراتيجي والمتجدد الأهم في الدولة من خلال تطبيق نظام البناء الأخضر الإلزامي منذ عام 2014، الذي يتضمن قواعد واشتراطات ملزمة لجميع المباني الجديدة التي يتم تطويرها في الإمارة، واستخدام الطاقة الشمسية استطاع أن يوفر 70% من الطاقة، ولذا لابد من المحافظة على البيئة وتحقيق الأمن الاجتماعي عبر تكاتف جهود القطاعين العام والخاص.وأشارت المهندسة فداء الحمادي، رئيسة قسم البحوث وأنظمة البناء، إلى أن المباني المنجزة وفق اللائحة تزداد بوتيرة متسارعة؛ حيث ستؤدي إلى رفع كفاءة أداء المباني في مجال استهلاك الطاقة والمياه، والتخفيف من النفايات الناجمة عن عمليات الإنشاء وتشغيل المباني على حد سواء، والمساهمة في دعم مبادرات الاقتصاد الأخضر من خلال تشجيع استخدام المواد الصديقة للبيئة وذات التأثير المنخفض على البيئة الداخلية المبنية، بما يضمن تحقيق بيئة مريحة وصحية وآمنة لشاغلي المبنى.وأضافت، أن النتائج الإيجابية التي حققها مشروع المباني الخضراء منذ بداية التطبيق، بلغت مشاركة المباني الخضراء 27.9% أي حوالي (3.35 مليار كيلو واط ساعة)، بينما توفير الماء منذ 2011 بلغ 21 مليار جالون معياري ومشاركة المباني الخضراء 32.2% (6.76 مليار جالون معياري). أما على صعيد التوفير المادي، فإن مشاركة المباني الخضراء في التوفير المادي الكلي منذ 2011 (960 مليون درهم إماراتي).قال عماد الصيرفي: «إن المباني الخضراء لها فوائد عدة، منها خفض استهلاك المبنى للطاقة والمياه والمواد ويحسن الصحة العامة للسكان، بواسطة تعزيز التخطيط والتصميم والتنفيذ والتشغيل للمباني، وكذلك المحافظة على الموارد الطبيعية والبيئية، وتوفير بيئة صحية آمنة للمجتمع، وتحويل جميع مباني الإمارة إلى خضراء ومستدامة، وفقاً لأعلى المعايير العالمية». وأضاف: «قطعت دبي، شوطاً كبيراً في أن تكون المدينة الأولى عالمياً في جانب تطبيق معايير المباني الخضراء والمستدامة وتحويل مباني الإمارة إلى خضراء وصديقة للبيئة، تتوفر فيها شروط الاستدامة».وطالب يهمور الحبسي، بتطبيق مواصفات المباني الخضراء على كل المباني والمنشآت في إمارة دبي وفق أفضل المعايير العالمية الصديقة للبيئة، التي تتواءم والواقع المحلي لإمارة دبي، من أجل أن تبقى دبي مدينة صحية تتبع أعلى معايير التنمية المستدامة وذات بيئة نظيفة خالية من الملوثات.وقال: «إن الهدف الأساسي لقوانين مدينة دبي للمباني الخضراء، هو تقليل استهلاك الماء والكهرباء وتقليل النفايات وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إضافة إلى ذلك ولتشجيع المجتمع على أن يكون جزءاً من مجتمع المباني الخضراء، وأن يتخطى القوانين باتجاه مستقبل أخضر». تخفيف تأثيرها على التغير المناخي وتؤكد الدكتورة سلمي الحضري، أننا خلال الفترة الأخيرة والتغير المناخي، نحتاج إلى استخدام المواد والتقنيات الصديقة للبيئة والأكثر استدامة ومراعاة للبيئة في المساكن أو في عرض تصاميم بيئية عصرية وحديثة، بتلك الطريقة يكون مساهمو القطاع العام والخاص أكثر انفتاحاً على تنفيذ خطط وبرامج جديدة للاستدامة، واتباع أفضل الممارسات لتخفيض استهلاك الطاقة والمياه لا يعود فقط بالفائدة في تخفيض التكلفة التشغيلية، وإنما هي طريقة أيضاً للحد من تأثيرها البيئي، فمثلاً تطبيق أفضل الممارسات في مجالات إدارة النفايات والاهتمام بتحسين البيئة الداخلية للمباني وتكامل بنائها مع الأعمال المحيطة، واستخدام تقنيات كفاءة الطاقة والمياه. خبراء الاعتبارات البيئية وأكد الدكتور رياض حامد الدباغ، مستشار معهد البيئة والمياه في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، أن المباني الخضراء ليست خضراء اللون، وإنما هي مبانٍ تراعي فيها الاعتبارات البيئية في كل مرحلة من مراحل البناء، وهي التصميم، التنفيذ، التشغيل والصيانة، والاعتبارات الرئيسية التي يتم مراعاتها هي تصميم الفراغات وكفاءة الطاقة والمياه، وكفاءة استخدام الموارد، وجودة البيئة الداخلية للمبنى، وأثر المبنى ككل على البيئة.المباني الخضراء، ليست تقدم فقط بل استدامة إنشائية وبيئية، ولكن أيضاً تقدم الكثير من المنافع والفوائد لمالكي المباني ومستخدميها. فتكاليف البناء المنخفضة وتكاليف التشغيل المنخفضة والراحة المتوفرة والبيئة الداخلية الأفضل صحياً، إضافة إلى تكاليف صيانة أقل وعمر افتراضي أطول، كل هذا يعد من خصائص المبنى الأخضر.ويضيف، أن الأبنية الخضراء هي أبنية مصممة لتناسب حياة الإنسان من الناحية الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، فهي تقلل استهلاك الطاقة والمياه، وبالتالي تخفف من قيمة فاتورة المصاريف، وهي صديقة للبيئة وتوفر مستوى صحياً أفضل، وهي أكثر مواءمة للإنارة وتوزيع الحرارة؛ حيث يتم استعمال مواصفات العزل واستخدام زجاج شبابيك الذي يخفف تسريب حرارة البناء، إضافة إلى استخدام أنظمة تخزين للطاقة الشمسية وحرارة الأرض من خلال الاستفادة من التبادل الحراري على الأرض. تطبيق لائحة وقال المهندس علي الحمادي خبير لابد من التزام بإعداد وتطبيق لائحة شروط ومواصفات المباني الخضراء، كجزء من خطة دبي الاستراتيجية، والتي احتوتها الخطة البيئية، وتطبيق قوانين المباني الخضراء على جميع المباني في إمارة دبي، وهذه المبادرة تعزز دور دبي وتنافسيتها في أن تصبح دبي المركز المالي والأعمال الأفضل في العالم. البناء المستدام ويقول خبير المباني، رضوان العلي: «إن البناء المستدام، يشكل مسؤولية لإنشاء وإدارة بيئة سليمة مبنية على أساس الكفاءة للموارد البيئية، ويعد الهدف الرئيسي لتصميم المباني المستدامة، هو التقليل من تأثيرها على البيئة من خلال كفاءة الطاقة والموارد. ويتضمن عدداً من المبادئ الرئيسية منها كفاءة استخدام الموارد و تعزيز البيئة الطبيعية و تحقيق الكفاءة في استخدام الطاقة بما فيها الحد من انبعاثات غازات البيت الزجاجي ومنع التلوث والحد من الضوضاء، لتحقيق الانسجام المتكامل مع البيئة، بما في ذلك التقييم البيئي ونهج متكامل على صعيد شامل ونظام الإدارة البيئية، ويشمل البناء المستدام النظر في كامل دورة حياة المباني، واضعين في الاعتبار نوعية البيئة والجودة الفنية للمبنى. المختبر استحدث قسم مختبرات مواد البناء بإدارة مختبر دبي المركزي، تقنية الصفيحة الساخنة لتحديد الموصلية الحرارية والمقاومة الحرارية لمختلف مواد ومنتجات المباني الخضراء الصلبة غير الشفافة إلى البناء المسامي أو الشفاف، هذا إضافة إلى فحص الأنظمة المستخدمة في العزل الحراري للمباني بكامل طبقاتها، مع إمكانية حساب قيمة معامل انتقال الحرارة U-Value للمواد والأنظمة المستخدمة في المباني، وذلك حسب شروط ومواصفات المباني الخضراء لإمارة دبي.وأوضح المهندس أمين أحمد أمين، مدير إدارة مختبر دبي المركزي، أن بلدية دبي فازت بالمركز الأول في جائزة التغير المناخي بدورتها الثامنة لجهودها المستمرة في التنمية المستدامة، وسعيها الحثيث للحفاظ على البيئة، واستخدام تقنية النانو، على جزء من بيت نموذجي تم إنشاؤه، وتم تعريض البيت النموذجي للظروف المناخية المحلية السائدة لمدة عام كامل في ساحة مختبر دبي المركزي، و هذه الجائزة تنظم بشكل سنوي، وذلك لتكريم الجهود المتفردة التي تبذلها المؤسسات والدول المختلفة حول العالم لتقليل انبعاثات نسبة الكربون، وتقليل درجة الحرارة التي تتزايد بفعل الممارسات اليومية التي يقوم بها الإنسان؛ حيث تحرص كبرى الشركات والمؤسسات حول العالم على المشاركة في هذه الجائزة، للتعرف إلى أفضل الممارسات والبحوث والتجارب المطبقة، والتي تلعب دوراً كبيراً في تقليل أثر الانبعاثات الكربونية وتخفيض درجة الحرارة. تصنيف المباني الخضراء يتم تصنيف المباني الخضراء إلى أربع سعفات رئيسية، مرتبة تصاعدياً من السعفة البرونزية إلى السعفة الفضية، تليها السعفة الذهبية ثم السعفة البلاتينية. تكون المتطلبات العامة ومتطلبات السعفة البرونزية إلزامية التطبيق على الفلل السكنية الخاصة والمباني الصناعية، في حين تكون المتطلبات العامة ومتطلبات السعفتين البرونزية والفضية إلزامية التطبيق على باقي أنواع المباني (الفلل الاستثمارية، المباني العامة، المباني المتعددة الطوابق، ومباني النسبة الطابقية)، بينما تكون متطلبات السعفة الذهبية والبلاتينية اختيارية لكافة أنواع المباني الجديدة. المختبر الأخضر وهو مختبر متخصص في فحص مواد ومنتجات المباني الخضراء في بلدية دبي، وذلك نظراً لأهمية هذه المواد في تقليل استهلاك الطاقة والحفاظ على البيئة، إضافة إلى غرض تسهيل تطبيق متطلبات ومواصفات المباني الخضراء الصادرة عن بلدية دبي.يقوم المختبر الأخضر، بإجراء العديد من الفحوص والاختبارات الفيزيائية والميكانيكية والحرارية، على منتجات العزل الحراري ومنتجات عزل الرطوبة والبوليسترين والرماد المتطاير والصوف الصخري والصوف الزجاجي والأصباغ بأنواعها.
مشاركة :