متابعة - صفاء العبد: وسط ترقب جماهيري وإعلامي كبير تتجه أنظار عشاق كرة القدم والقارة الصفراء الليلة لمتابعة المشهد الأخير لأغلى البطولات الآسيوية وأكثرها إثارة للجدل. وسيكون أدعم الأحلام على موعد مع التاريخ وهو يخوض لأول مرة نهائي البطولة الآسيوية مع نظيره الياباني وذلك في الخامسة مساء بتوقيت الدوحة على ملعب مدينة زايد الرياضية في مدينة أبوظبي.. وتستقطب هذه المباراة كل هذا الاهتمام الكبير كونها تجمع بين منتخبين يتمسكان بفرصة الفوز فيها بكل قوة حيث يبحث العنابي عن أول لقب له في تاريخ البطولة ومن خلال عاشر مشاركة له فيها منذ عام 1980 بينما يتطلع الياباني إلى استعادة اللقب الذي كان قد توج به للمرة الرابعة هنا في الدوحة عام 2011 علما أنه كان قد وصل إلى النهائي أربع مرات منذ عام 1992 وكان الفوز حليفه في المرات الأربع.. وتبدو مباراة اليوم وكأنها مرشحة لأعلى درجات الإثارة من الناحية التكتيكية حيث سبق أن أثبت مدربا المنتخبين الكثير من الجدارة ولا سيما بالنسبة إلى الإسباني فيليكس سانشيز مدرب العنابي الذي يتطلع لأن يضيف إلى رصيده لقبا آسيويا آخر بعد أن كان قد توج مع منتخبه بطلا لشباب آسيا عام 2014.. وبقدر ما سيكون الياباني متحفزا لتكرار ما فعله في الأعوام 1992 و2000 و2004 و2011 بقدر ما يجد العنابي في هذه النسخة من البطولة فرصته التاريخية بعد أن نجح حتى الآن في تقديم نفسه بأفضل صورة من خلال سلسلة العروض الرائعة التي مكنته حتى الآن من إزاحة ثلاثة من الأبطال السابقين لهذه البطولة وهم المنتخب السعودي عندما تغلب عليه بهدفين نظيفين في دور المجموعات، والمنتخب العراقي بعد تفوقه عليه بهدف وحيد في دور الستة عشر، ثم منتخب كوريا الجنوبية إثر فوزه عليه بنفس النتيجة في ربع النهائي.. وفي الحقيقة فإن مسيرة العنابي في هذه البطولة بدت مشجعة فعلا حيث قدم فيها أجمل عروضه من خلال نخبة من لاعبيه الشباب الجدد الذين يمكن أن يشكلوا نواة حقيقية لمنتخب مونديال 2022 مع الإشارة إلى حالة الانسجام والتكامل التي تميز هذا المنتخب الذي كان قد بدأ مرحلة الإعداد منذ نحو ثمانية أعوام تحت قيادة سانشيز نفسه بدءاً بمرحلة الناشئين ثم الشباب فالأولمبي والمنتخب الأول.. ومع أن التكهنات الأولية لم تذهب بعيدا في ترشيحاتها للمدى الذي سيصل إليه العنابي خلال هذه البطولة إلا أن واقع الحال فرض نفسه بكل قوة بعد أن نجح لاعبونا في تقديم كل تلك العروض التي استقطبت كل الأنظار ودفعت بأصحاب التكهنات والترشيحات إلى إعادة النظر بما ذهبوا إليه قبل البطولة.. وليس من شك طبعا في أن نجاحات العنابي تلك والتي توجت في نصف النهائي بالفوز الرباعي الكبير على صاحب الأرض والجمهور، كانت قد أسهمت في رفع سقف طموحات لاعبينا ومعهم جمهور العنابي ومحبوه في كل مكان ليصبح لقب البطولة هو الهدف وهو ما يبدو ممكنا فعلا عطفا على المستويات التي أظهرها هذا المنتخب المتجدد بلاعبيه الشباب الذين يمتلئون حماسة واندفاعا وقوة بحثا عن لقب طال انتظاره.. فنحن هنا نتحدث عن منتخب أثبت جدارة كبيرة في الشقين الدفاعي والهجومي فكان هو المنتخب الوحيد الذي استطاع أن يحافظ على نظافة شباك مرماه في ست مباريات اتسمت بأعلى درجات القوة مثلما استطاع أيضا أن يحقق أعلى رصيد تهديفي حتى الآن بتسجيله (16) هدفا في مبارياته تلك.. والأمر هذا يعني أن العنابي يمتلك الحارس الأفضل في البطولة كلها مثلما يمتلك أفضل وأقوى خط دفاعي إلى جانب امتلاكه لأخطر هجوم في البطولة كلها وهو ما يمنحه كل الحق في أن يتطلع بكل ثقة نحو مواصلة مشوار نجاحاته وبالتالي إضافة بطل رابع من الأبطال السابقين للبطولة إلى قائمة ضحاياه وخطف لقب هذه النسخة من البطولة.. ومع أننا، مثل كل عشاق العنابي ومحبيه في كل مكان، نتطلع بشغف لتحقيق الفوز في مباراة اليوم واعتلاء منصة التتويج، إلا أن ذلك قد لا يشكل الأهمية الأكبر بالنسبة لنا لأننا باختصار شديد كنا قد وجدنا فيما حققه العنابي حتى الآن ما يدعو للغبطة والسعادة بعد أن نجح لاعبونا في تقديم أنفسهم بأجمل وأحلى صورة من خلال سلسلة النتائج الإيجابية التي حققوها في مبارياتهم الست دون أي تعثر سواء بالخسارة أو حتى التعادل. وفي كل الأحوال نقول إن مباراة اليوم قد تختلف عن سابقاتها، ليس فقط لأنها مباراة اللقب والتتويج، وإنما أيضا لأنها ستكون أمام المنتخب الياباني الذي أثبت تصاعد مستواه من مباراة إلى أخرى تحت قيادة مدرب مجتهد هو الآخر، وهو الياباني هاجيمي مورياسو الذي سبق أن توج باللقب الآسيوي يوم كان لاعبا في نسخة عام 1992 وكان يومها اللقب الأول لليابان في ثاني مشاركة لها في البطولة. لاعبونا الأصغر عمراً في النهائي تشير الأرقام الرسمية إلى أن لاعبينا أصغر عمرا من لاعبي المنتخب الياباني حيث يبلغ معدل أعمارهم (25) عاما بينما يبلغ معدل أعمار المنتخب الياباني (26) عاما.. وقد يكون مهما هنا الإشارة إلى أن أغلب لاعبينا الأساسيين هم ممن تتراوح أعمارهم بين الحادية والعشرين والثانية والعشرين مثل معز علي وأكرم عفيف وبسام الراوي وسالم الهاجري وعاصم مادبو وطارق سلمان وجميعهم أساسيون في التشكيلة العنابية.. وربما يكون العنابي بهذه المجموعة من لاعبيه هو المنتخب الأصغر عمرا في تاريخ نهائي هذه البطولة. معز والإنجاز التاريخي ستكون الفرصة متاحة اليوم أمام نجمنا اللامع معز علي لدخول التاريخ من أوسع أبوابه وتحطيم الرقم القياسي التاريخي من خلال الانفراد بالحصيلة الأكبر لهداف البطولة، وذلك بعد أن كان قد تمكن الثلاثاء الماضي من مساواة رقم الإيراني علي دائي بتسجيله الهدف الثامن له في هذه النسخة من البطولة.. ومع أننا نقر بأن الهدف الأهم هو فوز العنابي بإذن الله إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية تحقيق مثل هذا الإنجاز على المستوى الشخصي أيضا.. طموحنا من ثقتنا بلاعبينا رغم إدراكنا لصعوبة مباراة اليوم بحكم ما يتمتع به المنتخب الياباني من إمكانات وما يتميز به على المستوى التكتيكي وسرعة الحركة والتحول الهجومي من خلال وجود نخبة من اللاعبين الذين يتواجدون في أندية إنجليزية وألمانية وفرنسية وأسترالية وبلجيكية ودنماركية إلا أن ثقتنا بلاعبينا تبقى كبيرة لا سيما بعد كل هذا الذي قدموه في هذه البطولة حتى الآن حيث جعلونا نطمع باللقب فعلا بعد أن كنا نتحدث عن الذهاب إلى أبعد حد ممكن فيها..
مشاركة :