ارتفعت أسعار النفط 2 في المائة أمس وسط آمال بإمكانية أن تسوي الولايات المتحدة والصين خلافاتهما التجارية قريبا، على الرغم من أن بيانات من الصين عززت المخاوف من تباطؤ اقتصادي قد يقلص الطلب على الوقود. وبحسب "رويترز"، سجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 62.02 دولار للبرميل، بارتفاع قدره 1.02 سنت بما يعادل 2.02 في المائة فوق مستوى الإغلاق السابق. وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 54.59 دولار للبرميل، بارتفاع قدره 88 سنتا عن التسوية السابقة، بمعدل 1.69 في المائة. وتلقت أسعار النفط دعما بعدما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إنه سيلتقي بنظيره الصيني شي جين بينج في محاولة لإبرام اتفاق تجارة شامل. لكن أسواق الخام تعرضت لضغوط من مسح نشرت نتائجه أمس، وأظهر أن نشاط المصانع الصينية انكمش بأكبر وتيرة في نحو ثلاث سنوات خلال كانون الثاني (يناير) مع تراجع الطلبيات، وهو ما عزز المخاوف من تفاقم التباطؤ في ثاني أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم. وكشف مسح أن إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" تراجع بأكبر وتيرة في عامين خلال الشهر الأول من العام الجاري. وأوضحت نتائج مسح أجرته وكالة بلومبيرج الأمريكية أمس، أن إنتاج أعضاء منظمة أوبك والبالغ 14 دولة حاليا تراجع بنحو 930 ألف برميل يوميا خلال الشهر الماضي ليهبط إلى 31.02 مليون برميل يوميا. واتفق الأعضاء في "أوبك" والمنتجين من خارجها على تجديد اتفاقية خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا مقارنة بـ مستويات تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وذلك خلال أول ستة أشهر من العام الحالي. ويبلغ نصيب "أوبك" من الخفض 800 ألف برميل يوميا يجريه أعضاء المنظمة معا باستثناء إيران وليبيا وفنزويلا. وجاء الاتفاق الأخير لـ"أوبك" وحلفائها بعد أشهر من موافقتهم على ضخ مزيد من النفط، وهو ما خفف جزئيا من قيود الاتفاق الأصلي لكبح الإمدادات الذي بدأ سريانه في 2017. ويأتي الهبوط في إنتاج النفط من جانب أعضاء "أوبك" خلال الشهر الماضي بقيادة السعودية التي قلصت إمداداتها من الخام بنحو 450 ألف برميل يوميا خلال كانون الثاني (يناير) الماضي ليسجل 10.2 مليون برميل يوميا، وفقا لنتائج المسح. وحلت الإمارات ثانيا في قائمة الأكثر خفضا للإنتاج، لتخفض إنتاجها بنحو 110 آلاف برميل يوميا في الشهر الماضي. ووسط الأزمة الراهنة، رفعت فنزويلا التي تعاني انقساما سياسيا واضطرابا اقتصاديا، إنتاجها النفطي بمقدار 50 ألف برميل يوميا خلال الشهر الماضي ليصل إلى 1.27 مليون برميل يوميا. وخلال الأسبوع المنصرم تدعمت الأسعار بفعل الاضطرابات الجيوسياسية وخاصة في فنزويلا، وقلل وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك من أهمية تلك التقلبات "التي لا تذكر على الإطلاق في أسواق النفط العالمية"، لكنه أشار إلى أنه من الصعب تقييم أثرها في المستقبل. وأوضح نوفاك أنه لا توجد حاليا أي خطط للدعوة إلى عقد اجتماع طارئ للمنتجين في "أوبك" وخارجها لبحث اتفاق خفض الإنتاج العالمي في ضوء الوضع في فنزويلا، وأفادت مصادر أن موسكو قدمت إلى كراكاس مليارات الدولارات في شكل قروض واستثمارات. ومن جهته، أكد فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية أن الوكالة لم تقيم بعد أثر العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على إمدادات النفط الفنزويلية، وأضاف بيرول "من المبكر للغاية الحديث بشأن فنزويلا، ونتابع الأحداث عن كثب". وفرضت إدارة ترمب الإثنين الماضي عقوبات واسعة على شركة النفط الفنزويلية المملوكة للدولة "بي.دي.في.إس.إيه"، تهدف إلى كبح صادرات نفط البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" إلى الولايات المتحدة وتضغط على نيكولاس مادورو للتنحي عن منصب الرئاسة. وبدأ التجار بالفعل في البحث عن سبل لتفادي العقوبات، التي ستؤثر في 500 ألف برميل يوميا من الخام الثقيل تستوردها الولايات المتحدة من فنزويلا، والهند والصين أيضا من أكبر مستوردي النفط الفنزويلي. ويشكل قيام ترمب بفرض عقوبات على صادرات النفط الفنزويلي (ثلث الصادرات النفطية الفنزويلية تذهب إلى الولايات المتحدة أي أكثر من نصف مليون برميل نفط يوميا خلال عام 2018) ضربة شديدة إلى الاقتصاد الفنزويلي. وقال بول هير المحلل من جامعة بوسطن، إن مادورو قد يسعى إلى الحصول على دعم مادي من دول حليفة مثل الصين وروسيا وإيران "الموحدة في مواجهة الولايات المتحدة أكثر ما هي موحدة في تعاطفها مع مادورو". وتسلم كراكاس الصين نحو 300 ألف برميل من النفط يوميا لسداد دين بقيمة 20 مليار دولار، كما تفيد مصادر عدة أن فنزويلا مدينة لروسيا بنحو 10.5 مليارات دولار. وأضاف بول هير "قد تحاول الصين وروسيا إنقاذ النظام عبر دفعه لإجراء إصلاحات اقتصادية جدية وإعادة هيكلة القطاع النفطي"، لكن الاحتمال الآخر القائم أيضا هو مطالبة الدول الدائنة برحيل مادورو واستبداله بزعيم مقبول سياسيا في شكل أكبر. وتملك فنزويلا احتياطيات مثبتة تبلغ 302.25 مليار برميل هي الأكبر في العالم، وتراجع إنتاج النفط في كراكاس بسبب نقص السيولة النقدية الضرورية لتحديث الحقول النفطية، ويعد إنتاج البلاد الذي بلغ 1.13 مليون برميل يوميا في تشرين الثاني (نوفمبر)، هو الأدنى منذ ثلاثة عقود. في المقابل، واصل إنتاج الولايات المتحدة من النفط استقراره للأسبوع الثالث على التوالي، مع تراجع صافي واردات الخام بأكثر من مليون برميل يوميا. وكشف التقرير الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة بلغ 11.900 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع الماضي، وهي المستويات المسجلة نفسها في الأسبوع السابق له. ويعد إنتاج النفط الأمريكي عند هذه القراءة هو الأعلى على الإطلاق على صعيد المستويات الأسبوعية. وتراجعت الواردات الأمريكية من الخام بنحو 1.108 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع الماضي إلى 7.083 مليون برميل يوميا. كما انخفضت صادرات الولايات المتحدة النفطية بنحو 91 ألف برميل يوميا في الأسبوع المنقضي لتسجل 1.944 مليون برميل يوميا. ومع هبوط كل من الصادرات والواردات الأمريكية من الخام، فإن صافي واردات النفط في الولايات المتحدة شهد هبوطا قدره 1.017 مليون برميل يوميا إلى 5.139 مليون برميل يوميا. وعلى صعيد المخزونات النفطية في الولايات المتحدة، فارتفعت بنحو 0.9 مليون برميل في الأسبوع الماضي مقابل التوقعات البالغة ثلاثة ملايين برميل في الاتجاه الصاعد. وتراجعت مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بأقل من توقعات المحللين خلال الأسبوع الماضي. وكشفت البيانات الرسمية، عن هبوط مخزونات الغاز الطبيعي بمقدار 173 مليار قدم مكعبة خلال الأسبوع الماضي، لتصل إلى 2197 مليار قدم مكعبة. وبحسب تقديرات المحللين، فقد كان من المتوقع أن تهبط مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بنحو 191 مليار قدم مكعبة في الأسبوع الماضي. كما تراجعت مخزونات الغاز الطبيعي الأمريكية بمقدار 14 مليار قدم مكعبة خلال الأسبوع الماضي على أساس سنوي. وارتفع سعر العقود الآجلة للغاز الطبيعي تسليم آذار (مارس) 0.4 في المائة إلى 2.87 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
مشاركة :