ليلى الهمامي: ترشحي لرئاسة تونس بديل نسوي لمنظومة حكم فاشلة

  • 2/2/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كثفت الأحزاب السياسية التونسية الحاكمة منها والمعارضة منذ دخول عام 2019، من تحركاتها ونشاطاتها الساعية لاستقطاب وحشد الرأي العام تأهبا للاستحقاقات الانتخابية التشريعية والرئاسية الهامة والمفصلية والتي ستجرى في أواخر العام الجاري، كما تستعد أيضا العديد من الشخصيات السياسية البارزة وغير المتحزّبة لدخول المحطة الانتخابية الرئاسية وقد أعلنت العديد من هذه الوجوه عزمها الترشح للمنافسة على كرسي الرئاسة ومن بين هؤلاء الناشطة السياسية ليلى الهمامي المقيمة في لندن والتي تقدّم نفسها للناخبين كبديل لمنظومات الحكم التي تداولت على السلطة منذ ثورة 2011. تونس - ازداد الوضع السياسي التونسي غموضا مع عدم إعلان أهم الشخصيات البارزة الترشّح للانتخابات الرئاسية القادمة وفي مقدّمتها الرئيس الباجي قائد السبسي، ما جعل عدة وجوه شابة تراهن على المنافسة على كرسي قصر قرطاج رغم صعوبة المرحلة المتسّمة بنفاد صبر التونسيين من الوعود الانتخابية وهو ما ينذر بعزوف كبير قد تعرفه الاستحقاقات التشريعية والرئاسية. ومن بين الشخصيات التي تقدّم نفسها كبديل سياسي للمنظومة التي أفرزتها انتخابات 2014، تراهن ليلى الهمامي، وهي أول امرأة تونسية تعتزم الترشح لرئاسيات 2019 على استقلاليتها، وعلى مؤهلاتها العلمية والخبرة التي راكمتها من تجارب العمل في منظمات دولية لإقناع الناخبين ببرنامجها الانتخابي ولم لا الفوز بالرئاسة. والمرشحة الرئاسية ليلى الهمامي، هي أستاذة جامعية وباحثة ومستشارة لدى منظمات دولية في بريطانيا وقد عملت خبيرة في مجموعة البنك الأفريقي للتنمية. وفي حوار لـ”العرب”، قدّمت ليلى الهمامي دوافع عزمها على خوض مغامرة الترشح للرئاسة مرة ثانية بعد أن ترشحت لانتخابات 2014 لكنها تراجعت عن قرارها، وخلافا لتوقعات المراقبين التي تحصر السباق نحو قصر قرطاج (القصر الرئاسي) لمرشحي أكثر الأحزاب تمثيلا في البرلمان، تعتقد الهمامي أن الفرصة مواتية لأن تسجل المرأة التونسية حضورها في السباق الرئاسي وأن تكون البديل الذي يعيد ثقة التونسيين في قيادتهم أمام فشل النخب الحاكمة. ولئن نجحت تونس بعد ثورة يناير 2011 في تحقيق مكاسب سياسية في ما يخص الحقوق والحريات، إلا أن تمثيلية المرأة في مراكز القيادة بقيت في كل الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية ضعيفة ولا تعكس ما ضمنته التشريعات من حقوق نسوية تهم خاصة مفهوم المناصفة مع الرجل في الاستحقاقات الانتخابية. ترى ليلى الهمامي أن مكانة المرأة تجاوزت مستوى المكانة التشريعية والسياسية، وأنه آن الآوان لتتحول تلك المكانة إلى إمكان فعلي من شأنه أن يتجسد عبر اعتلاء امرأة منصة الحكم ترى ليلى الهمامي أن مكانة المرأة تجاوزت مستوى المكانة التشريعية والسياسية، وأنه آن الآوان لتتحول تلك المكانة إلى إمكان فعلي من شأنه أن يتجسد عبر اعتلاء امرأة منصة الحكم وفي معرض ردها عن سبب الحضور الضعيف للمرأة التونسية ترد الهمامي بقولها “رغم المكاسب التشريعية مازالت المرأة التونسية تكابد مفاعيل ثقافة رجالية مازالت تسود الساحة السياسية”. وتعرّف الهمامي نفسها بقولها “أنا انتمي إلى المشروع الديمقراطي التحرري، ولا أعمل بالوكالة لحساب جهات أجنبية ولا أطلب الدعم منها في الانتخابات الرئاسية وأراهن فقط على الشعب التونسي بوعيه وخبرته واستيعابه للفارق بين مضامين البرامج الانتخابية”. وتشدد المرشحة على أنه يتم عمدا تغييبها عن المشهد من خلال عملية سبر الآراء الموجهة أو من خلال سيطرة الأحزاب الحاكمة على وسائل الإعلام المحلية. ولدى تقييمها للمشهد السياسي مع تصاعد حدة التجاذبات السياسية مع اقتراب الانتخابات تقول الهمامي، “إن الحديث عن التجاذبات السياسية بمناسبة اقتراب الاستحقاق الرئاسي يوحي بحالة استقرار سياسي خلال الفترة السابقة في حين أنه حكم مجانب للصواب فمنذ سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي لم تعرف تونس إلا الأزمات السياسية المتتالية”. وتابعت “اعتقد البعض أن انتخابات 2014 كانت منعرجا من المفترض أن يؤسس لحالة استقرار إلا أن ما تسميه الأحزاب الحاكمة (النداء والنهضة) من توافق لم يصمد لتكون كل الشعارات المرفوعة من طرفهما عنوانا لشلل سياسي أرهق البلاد”. وتشير الهمامي إلى أن “التناقضات أفرزت محاصصة سياسية غنمت منها حركة النهضة الإسلامية ودفع ثمنها باهظا حزب نداء تونس ومن خلفه عموم الأحزاب العلمانية التي وجدت نفسها أمام حتمية الذهاب إلى إعادة رسم خط التباين مع حركة النهضة”. الواقع التونسي يحفزني لدخول المعركة الانتخابية بإرادة حديدية وبمنهج مغاير للنمط السياسي السائد فمسيرتي الشخصية مخالفة ومغايرة كليا لمسلكيات الأطراف السياسية المشكلة للمشهد السياسي الرسمي حاليا واعتبرت أن “الصراع بين الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وحركة النهضة التي نجحت في أسر رئيس حكومته كان بمثابة عودة هذه التناقضات إلى السطح بعدما أدرك السبسي أن التوافق خدم النهضة التي خذلته بالتمكن من مفاصل الدولة وبدعم أزمة الانشقاقات التي ضربت حزبه، نداء تونس، بغاية تطويع الأحداث لصالحها”. وتعتقد المرشحة للرئاسة أنّ قراءة المشهد السياسي حاليا، تستدعي استيعاب القطب الجديد وهو اتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) الذي أعلن العصيان على احتكار النهضة لسلطة القرار السياسي في البلاد بعد دفعها بالحكومة نحو سياسات نيوليبرالية معادية للمصالح الاجتماعية للطبقة الوسطى والشرائح الشعبية. وتؤكّد أن اتحاد الشغل في وضع دفاع شرعي وليس من مهامه حلحلة الأوضاع الاقتصادية مادام خارج الحكم ورغم هذا طرح موضوع الإصلاح الجبائي وحل معضلة الاقتصاد الموازي وهذان الملفان يساهمان في تنفيس الأزمة لكن حكومة النهضة التي يقودها الشاهد لم تعالج هذه الملفات. وتعتبر الهمامي أن إعلان الاتحاد نيته دخول الانتخابات وسعيه لإرساء قطب اجتماعي معارض لسياسات النهضة وحلفائها يهدف إلى كسر عملية الاستقطاب الثنائي التي تسعى حركة النهضة إلى الحكم من خلالها، متوقعة تواصل احتدام الصراع بين القطب السائد الذي تقوده النهضة والقطب الصاعد الذي يقوده اتحاد الشغل. النهضة.. إخوان تونس Thumbnail بعدما تمكّن رئيس الحكومة يوسف الشاهد من ضمان استقرار حكومته عبر مساندة برلمانية تلقاها من كتلة حركة النهضة وكتلة الائتلاف الوطني التي ساهمت في ما بعد في تأسيس المشروع السياسي الجديد الذي ينعت في تونس بأنه حزب الحكومة، عاد الجدل بشأن مواصلة حركة النهضة السيطرة على الحكم وعلى مفاصل الدولة. وتقول الهمامي إن حركة النهضة منذ نشأتها الأولى كانت تابعة أيديولوجيا وتنظيميا لنموذج الإخوان المسلمين في مصر وكانت النصير الأول للتنظيمات الإخوانية في العالم من إيران إلى السودان إضافة لارتباطها الوثيق بالسياسات الساعية إلى أسلمة المجتمع بغاية إقامة الحكم الإسلامي على شاكلة الجمهورية الإسلامية في إيران. وتابعت، “رغم إجهاد الحركة نفسها لإقناع الرأي العام المحلي والدولي بأنها تتبنى نموذج الإسلام الديمقراطي إلا أنها تبقى في مواقفها الرسمية على نفس مبادئ الحركة الإخوانية”، مضيفة “نظام الإخوان في السودان أو الملالي في إيران أو حماس في فلسطين نماذج مرجعية تسعى النهضة إلى تأكيد دعمها لها في كل مناسبة كما هو الحال في ما يخص موقف الحركة من إخوان مصر”. وتلفت إلى أنه لم يصدر نص رسمي عن مؤسسات حركة النهضة إلى حد الآن ينتقد تجربتها السابقة ويؤسس لمفهوم الإسلام الديمقراطي ويحدّد خاصة العلاقة بين الدين والسياسة داخل الدولة المدنية، فالنهضة تدعم علنا حركة الاستبداد التركي التي يقودها أردوغان منذ الانقلاب المزعوم، علاوة على انخراطها الكامل في السياسات القطرية المثيرة للجدل. قراءة المشهد السياسي الراهن تحتاج إلى استيعاب القطب الجديد وهو اتحاد الشغل الذي أعلن العصيان على احتكار النهضة لسلطة القرار السياسي في البلاد بعد دفعها بالحكومة نحو سياسات نيوليبرالية معادية للمصالح الاجتماعية للطبقة الوسطى وأكدت أن قضية الجهاز السري المتهمة بتكوينه حركة النهضة من قبل هيئة الدفاع عن المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي إبان حكم الترويكا ستكون ورقة حاسمة قبل حلول موعد الانتخابات. ومنذ انتخابات أكتوبر 2011 التي تلت الثورة التونسية، حافظت النهضة في الانتخابات اللاحقة على تصدّرها لنتائج الانتخابات التشريعية في مقابل ذلك لم تقدّم مرشحا عنها في انتخابات 2014 للمنافسة على كرسي الرئاسة، وتواصل الحركة الإسلامية السعي للمحافظة على الأسبقية في الانتخابات القادمة حيث تشير الكواليس إلى وجود توافقات استراتيجية مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، هدفها حصول النهضة على أغلبية مقاعد البرلمان في المقابل يحافظ الشاهد على رئاسة الحكومة ومن ثمة يتم التحالف معه لاختيار مرشح واحد للنهضة ولحزب “تحيا تونس” لخوض سباق الانتخابات الرئاسية. وتعتبر الهمامي أن تصدر النهضة للبرلمان نتيجة لتفكك كتلة نداء تونس، فمن نقاط ضعف المنظومة السياسية التي أرساها دستور وتشريعات الجمهورية الثانية أنه يحوّل الحزب المنتصر في الانتخابات من حزب أغلبي ممسك بالسلطة إلى حزب معارض وهو ما حصل مع نداء تونس. كما تشير إلى أن تصدر النهضة لنوايا التصويت حسب سبر الآراء في الانتخابات التشريعية يحتاج إلى تدقيق فهي تتصدر التصويت بـ35 بالمئة وفق الاستطلاعات الأخيرة وعليه فإن المعركة القادمة ستكون بالنسبة للقوى التحررية بدفع التونسيين إلى التصويت بكثافة لتجاوز هذه النسبة الضيقة التي تراهن عليها حركة النهضة. أول مرشحة في سباق 2019 Thumbnail يجمع المتابعون للمشهد السياسي في تونس على وجود حالة خذلان عارمة يشعر بها التونسيون بعد ثماني سنوات من الثورة نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية. وتبدو ليلى الهمامي أكثر تفاؤلا رغم الصعوبات التي قد تعترض طريقها إلى السباق الرئاسي نتيجة احتكار القيادات من الذكور للمناصب السيادية ونتيجة ثقافة ذكورية مازالت قائمة رغم المكاسب التشريعية التي حققتها المرأة التونسية. وتقول الهمامي “ثقتي بالتونسيين كبيرة في التمييز بين المرشحين فالسنوات الأخيرة لم تكن إلا سنوات فشل وتناحر من أجل الحكم دون نجاح على أي صعيد”. وتؤكّد أن هذه المعطيات تحفزها على دخول المعركة الانتخابية بإرادة حديدية وبمنهج مغاير للنمط السياسي السائد، قائلة “منذ عام 2014، الكثير من الأشياء الهامة تغيرت لعل من أبرزها تراجع الضغط الخارجي على المشهد التونسي فلم تعد تونس ذلك النموذج الذي تسعى القوى الإقليمية إلى دعمه والتسويق له بصفة آلية خاصة في ظل اهتمام الاتحاد الأوروبي بمعالجة أزماته الاجتماعية الحادة”. وقدمت المرشحة الرئاسية ملامح برنامجها الانتخابي وأشارت إلى أنه برنامج يحتكم لما يضمنه الدستور من صلاحيات لرئيس البلاد في علاقة بالسياسات الخارجية والدفاع. وشددت على أن مصلحة تونس ستكون الاعتبار الأول والأخير في سياستها الخارجية إن تمكنت من الفوز بالرئاسة عبر المراهنة على تنويع الشراكات الخارجية مع احترام محيط تونس الطبيعي العربي والأفريقي والمتوسطي. أما بشأن سياسات الدفاع في برنامجها فستكون وفق الهمامي موجهة نحو دعم المؤسسة العسكرية لأنها صمام أمان لسيادة البلاد وذلك من خلال تطوير برنامج التكوين وإرساء خدمة عسكرية إجبارية للذكور والإناث وتشريك الجيش في المشاريع الكبرى للدولة. أما السياق السياسي فسيتمحور وفق المرشحة الرئاسية حول التعاون بين الحكومة والبرلمان من أجل التركيز على الإصلاح الاقتصادي والحد من السلطة البيروقراطية المعطلة والنهوض بمستوى التعليم وتنويع مجالاته واختصاصاته بما يتلاءم مع الحاجات الفعلية للاقتصاد الوطني وأيضا مع الاستثمار في الأقطاب التكنولوجية الكبرى.

مشاركة :