رسّخت الرسوم الكارتونية الشهيرة «رود رنر» في أذهان جيل كامل من السعوديين مفاهيم فيزيائية مغلوطة عن انعدام الجاذبية ودوران الكرة الأرضية حول الشمس، كما لم تنجح علوم الفلك الحديثة والشواهد الملموسة ونظريات الفيزياء التي تُدرّس في المراحل الثانوية بإقناع داعية سعودي بأن الطائرة التي تسافر من الخليج إلى الصين لو ظلت في السماء واقفة ستصلها الصين، في معرض استدلاله بأن الأرض ثابتة لا تدور - بحسب مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي أخيراً. ومن جهة أخرى، أوضح الخبير الفلكي الدكتور زكي المصطفى في حديثه لـ«الحياة»: «النقاش مع علماء الدين داخل المملكة وخارجها حول الجدل الأزلي لدوران الأرض أو ثباتها كان كثيراً جداً في السابق، أما الآن ندرت النقاشات لاقتناع السواد الأعظم من العلماء بالرأي المثبت علمياً». وبلغة بسيطة استشهد المصطفى بأمثلة سهلة تثبت للإنسان غير المتخصص مسألة الدوران حول الشمس في مدار بيضاوي، مثل حركة النجوم في الليل، والتي يراها الإنسان ويعرف أنها تدور، موضحاً بأنها لو لم تدُرْ لما تغيرت مواقع النجوم، ولما كان هناك شروق وغروب لهذه الكواكب. ولفت الخبير الفلكي بأن من يتابع كوكباً محدداً يجده يشرق ويغرب، مضيفاً: «كما هو الحال مع الشمس والقمر وبقية الأجرام السماوية، وهذه شواهد تُرى بالعين المجردة، ومن يُعارض هذا الكلام فالرد عليه سهل، فلو أن الأرض ثابتة والشمس هي التي تدور للزم ذلك جميع الأجرام السماوية بأن تدور حول الأرض، ولكن الذي يظهر لنا من حركة الكواكب ينفي صحة هذه النظرية، والدليل لدينا عبور كوكب الزهرة أمام الشمس». وأضاف المصطفى نقطة أخرى توضح لمتابع حركة الشمس صحة دوران الأرض، وقال: «لو قمنا بتصوير الشمس في وقت محدد قبل غروب الشمس بساعة كاملة طوال السنة، في الموقع ذاته والوقت ذاته، لوجدنا أن الشمس تتشكل في الصورة رقم ثمانية باللغة الإنكليزية، وهذا دليل قاطع على أن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس». وبيّـــن أن الكثير من الأمثلة العلمية تحتاج إلى شرح مفصّل بالصوت والصورة، لكي يقتنع من لديه شك بسيط في مسألة الدوران من عدمها، ولن تتضح بالحديث في سطور قليلة. وعن حجة من يقول بأن دوران الأرض يتنافى مع إقلاع الطائرات بين الشرق والغرب، بيّن الخبير الفلكي أن إحدى النظريات المعروفة لدى دارسي الفيزياء التي تسمى «النقطة المرجعية» تفسّر كيفية أن الأرض وكل ما في محيطها يتحرك ككتلة واحدة، وضرب مثالاً لتبسيط الفكرة: «عندما يكون شخص في قطار أو سيارة يرمي كرة إلى الأعلى، فإنها بالتأكيد ستسقط مكان رميها، وليس في آخر السيارة، هذا ما يسمى في الفيزياء بالنقطة المرجعية».
مشاركة :