تحول الكاتب والروائي العراقي الشهير الدكتور علاء مشذوب إلى بركة من الدماء بعد أن استقرت 13 رصاصة في جسده، أطلقها مسلحون مجهولون من فوق دراجة نارية في شارع التمار وسط كربلاء أمس الأول، بعد أيام قليلة من انتقاده للأحزاب الشيعية وحديثه عن الخميني الذي وصفه النظام بـ»التطاول». تحركت زبانية الملالي، وجسدت إرثها الدموي الكبير، وقامت بتصفية أديب ومثقف أثرى الحياة الفكرية والثقافية في العراق بأعماله العديدة مثل، ربما أعود إليك، الحنين إلى الغربة، زقاق الأرامل، جريمة في الفيس بوك، حمام اليهودي، وآخر رواياته «شيخوخة بغداد». أوضح مصدر أمني أن المسلحين أطلقوا وابلا من الرصاص على مشذوب بعد خروجه من ملتقى أدبي في شارع ميثم التمار بمركز مدينة كربلاء القديمة، وباشرت الجهات الأمنية المختصة تحقيقاتها لمعرفة دوافع العملية والجهة التي تقف خلفها. ودعت لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار في مجلس النواب العراقي في بيان أمس الحكومة والأجهزة الأمنية إلى إجراء تحقيق سريع في ملابسات الحادث والقبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة. 13 رصاصة ودراجة استهدف القتلة الكاتب علاء مشذوب بـ13 رصاصة، وكانوا يستقلون دراجة نارية، ما يطرح السؤال المتكرر مع كل عملية تصفية واغتيال لأصحاب الرأي والمواقف السياسية في العراق، كيف سمح للدراجة النارية بالدخول إلى منطقة أمنية مغلقة، وقال مصدر: «كان مشذوب يتكلم ضد الأحزاب الشيعية، ودائم الانتقاد لما آلت إليه الأمور في مدينته كربلاء وعموم بلده وتطاوله على “الخميني”، فهل قتل لأجل هذا الأمر؟»، مشيرا إلى أنه لا أحد يستطيع إدخال دراجة نارية إلى المنطقة الأمنية المذكورة دون موافقات سياسية وأمنية من قبل المسؤولين. آخر كلامه يقول الكاتب الراحل “علاء مشذوب” في تدوينه على حسابه على “فيس بوك” كتبها قبل 4 أيام وبالتحديد يوم 31 يناير : ”صباح الأزقة والشوارع الفرعية لمدينة لم تنعم بالاستقرار أبدا.. في كل مرة أصل إلى رأس شارع (أبوديه) أقف بحبور عنده، وأضع يدي اليمنى تحت حنكي وأتفكر به.. فيرتسم بذهني مرة كسفينة راسية، ومرة خليجا واسعا، مرة أراه فكرة مجردة، ومرة حقيقة واقعة.. أية غمامة صيفية بيضاء هذا الذي أقف في حضرته”. شيخوخة بغداد قال مشذوب في حوار صحفي نشر أخيرا عن الجانب المظلم الذي كان يعيشه الإنسان العراقي: “أحاول في روايتي «شيخوخة بغداد»؛ أن أبرز الجانب المظلم الذي كان يعيشه الإنسان العراقي أثناء الحرب والحصار، في مقابل الجانب المظلم الآخر بعد التغيير في شخصية الفرد العراقي، في روايتي أردت أن أقول: إن التغيير دائما في غير صالح العراق والعراقيين، فلا جمهورية الفوضى في زمن “قاسم” كانت نافعة، ولا جمهورية “البعث” المظلمة، كانت ذات جدوى سوى الحروب والاقتتال والمشانق والتغييب والإرهاب النفسي والمعنوي، فما إن دخل رأس العراق في الحصار حتى ذاق شعبه الذل والهوان والهجرة، كان إكسيره الوحيد هو الصبر غير المجدي والأمل المزروع في بحيرة آسنة، لتشرق شمس التغيير بعد عام 2003، وتبرز الميليشيات بأنيابها الحادة وتنهش بالعراق وأهله، ويعم الفساد في كل مفاصل الدولة والحكومة. وقاحة الطائفية وأضاف: «شيخوخة بغداد هي شاهدة على العصر، عندما أعلنت الطائفية بكل وقاحة عن وجهها الدميم ليتقاتل الشعب فيما بينه، وخرجت الأصوات النشاز التي تدعو إلى تفتيت البلاد والعباد.. لم يكن أمام العراقيين إلا الهجرة، وهي لم تكن بالطريق السهل، بل عانى العراقي الابتزاز والنصب والاحتيال من عصابات ونصابين وهو يجازف بحياته وعائلته من أجل التخلص من الطائفية المقيتة، التي عصفت ببغداد وأهلها والتي تمر بالعراق”. من هو علاء مشذوب ؟ كاتب عراقي. نال شهادة الدكتوراه في الفنون الجميلة عام 2014. كتب بحوثا ودراسات عديدة في مجال اختصاصه. مؤلفاته القصصية: «ربما أعود إليك» عام 2010، و«الحنين إلى الغربة» عام 2011، و«زقاق الأرامل» عام 2012، و«خليط متجانس» عام 2013، و«لوحات متصوفة» عام 2017. رواياته: «مدن الهلاك ـ الشاهدان» عام 2014، و«فوضى الوطن» عام 2014، و«جريمة في الفيس بوك» عام 2015، و«أدم سامي ـ مور» عام 2015، و«انتهازيون ... ولكن» عام 2016، و«حمام اليهودي» عام 2017، و«شيخوخة بغداد» عام 2017.
مشاركة :