اعتبرت صحيفة دي تسايت الألمانية، أن الدعوة الروسية الموجهة إلى دول الاتحاد الأوروبي بعدم الانصياع للسياسات والخطط الأمريكية في ملف الصواريخ النووية قصيرة المدى، أقرب إلى «تهديد مبطن» للقارة العجوز. وأعلنت واشنطن مؤخرًا تعليق التزامها بالمعاهدة الموقعة بينها وبين الاتحاد السوفيتي في العام 1987 لحظر الصواريخ الباليستية قصيرة المدى والقادرة على حمل رؤوس نووية، وذلك بزعم استمرار الانتهاكات الروسية للمعاهدة. وبينما أعلنت أوروبا دعمها للقرار الأمريكي في مواجهة روسيا، ردَّت الأخيرة بتعليق التزامها هي الأخرى بالمعاهدة، ما أثار مخاوف من اشتعال منافسة عسكرية نووية جديدة تهدد السلم والأمن الدوليين. وقالت الخارجية الروسية، اليوم الاثنين، إنه حين تصبح الصواريخ الأمريكية متوسطة المدى في أوروبا، فإن «القارة ستصبح مكانًا للنزاع»، في إشارة إلى دول الاتحاد الأوروبي. وأضافت الخارجية الروسية -في بيان- أن إلغاء المعاهدة على هذا النحو سيعود بتأثيرات خطيرة على البنية الأمنية للاتحاد الأوروبي، وتابعت: «إذا كان الشركاء الأوروبيون مهتمون بالحفاظ على الاتفاقية، فعليهم ألا يتبعوا مسار السياسة الأمريكية بصورة عمياء«. من جانبها، قالت صحيفة «دي تسايت»، إن نبرة البيان الروسي أقرب لتحذير شديد اللهجة لكنه غير مباشر، مفاده أن روسيا لن تسمح باقتراب صواريخ أمريكية من أراضيها، ومن ثم ستمنع موسكو ذلك بشتى الطرق ولو حولت دولًا أوروبية لساحة تناحر عسكري. وكانت مجلة «دير شبيجل» الألمانية، نقلت في عددها الأخير شهادات لأعضاء في البرلمان الأوروبي، شددت على أن المواجهة الجديدة بين روسيا والولايات المتحدة تقتضي «اتخاذ المصالح الأمنية للاتحاد الأوروبي بأيدي أبنائه وبشكل أفضل»، فيما يتعين كذلك «التفكير في إعادة التجهيز النووي في أوروبا«. ورأى سياسيون أوروبيون، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعليق الالتزام بمعاهدة الصواريخ النووية قصيرة المدى، كان «خطأً تاريخيًا لا يغتفر»؛ إذ كان على واشنطن وبدلًا من منح الروس فرصة التحرر من التزاماتهم التعاقدية، أن تجبرهم عبر التمسك بالمعاهدة، على فتح أنظمة دفاعتهم الصاروخية المنتشرة في رومانيا لإجراء عمليات التفتيش. وعلى الرغم من ذلك، يري مراقبون أن الجانب الروسي كان في الماضي مجبرًا على الانصياع لبنود المعاهدة المشار إليها، أما الآن فقد منحهم الرئيس ترامب طريق التنصل من بنود تلك الاتفاقية.
مشاركة :