أكد أستاذ الأدب في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور محمد سعيد ربيع الغامدي أنه لا يصح أن نطلق وصف «المثقف» على إنسان إلا إذا كان قادراً على إنتاج المعرفة، وربطها بالفضاء العام، إضافة إلى كونه ناقداً مستقلاً. وعدّ ربيع، في محاضرة باللجنة الثقافية بمحافظة الكامل، الفعل الثقافي عملاً عظيماً ويختلف عن غيره وينبغي أن يكون مختلفاً خصوصاً إثر وضوح الرؤية حول ماهية الفعل وطبيعة ما يزاول من عمل ثقافي، وذهب إلى أن الثقافة مشترك لفظي تتداخل فيه المعاني وأحياناً تدخل فيه حياة الناس وموروثهم، مشيراً إلى أن معنى الثقافة الذي يصبح به الإنسان مثقفاً.وكشف أن تعريف المثقف يتسع ويمتد إلى مئات التعاريف، وأوضح أن الناقد علي الشدوي حاول أن يصنف 3 اتجاهات لتعريف المثقف، وتطرق إلى بلورة مفهوم المثقف، من خلال أطروحات جوليان باندا، الذي يرى أن المثقف هو المناضل المضحي حتى بنفسه، وغرامشي الذي عرفه بالمثقف العضوي الملتزم بقضايا وطنه ومجتمعه، مشيراً إلى أن التعريفين على طرفي نقيض كون باندا لاهوتياً، وغرامشي دنيويا، ولفت إلى أن اتجاه إدوارد سعيد هو الأقرب للواقع كونه يرى أن المثقف هو الناقد.وتحفظ ابن ربيع على من يظن أن النقد هو الانتقاد، أو أنه النقد الأدبي، مؤكداً أن الناقد الثقافي هو راصد للظواهر ومحاول تهشيم الأمور المقولبة، وطارح رؤية تزلزل ما هو مكرّس في المجتمعات، فيما ذهب إلى أن استقلال المثقف من لوازم الفعل الثقافي. ولفت إلى أن المستقل لا يعادي الآخرين، إلا أنه صاحب رؤية خالصة من المرجعيات ولا تسيرها أمور أخرى. وشدد على أن الاستقلال لا يعني المعارضة أو المعاداة إلا أن له انتماء خاصا دون استحواذ ولا استطباع.وأوضح أن المثقف يختلف عن العالم والباحث، وعن المدافع والمناضل والمضحي، ويختلف عن من يتبنى خطابات مقولبة ويدافع عنها، مشيراً إلى أن ناقد الظواهر من موقعه الثقافي لا يقع في الازدواجية عندما يعود إلى المجتمع ويمارس حياته الاجتماعية، إذ لا ضرورة للخروج عن القبيلة بل يمكن ممارسة الثقافة من جهة ونقدها من موقعه باعتباره مثقفاً عضوياً.وعزا إلى وعي كل قائم على منبر من المنابر بدوره المناط به، كون لكل منبر خصائص وسمات وطابعا وخطا عاما، تجب المحافظة عليه، مؤكداً أن العمل الثقافي لا بد أن يكون خطاباً معرفياً نقدياً مستقلاً ومرتبطاً بالفضاء العام.
مشاركة :