للاستخدام الخارجي، يتناول عن طريق الفم فقط!

  • 2/5/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أحتاج إلى سبورة وأقلام ملونة وبعض الطباشير لكي أشرح أن فكرة التقارب بين الأديان محض هراء. هي فكرة جميلة للاستعراض والتقاط الصور وربما يتخلل ذلك بعض الإعلانات التلفزيونية وكلام جميل لا معنى له عن التسامح. مشكلتي الرئيسية ليست أني ضد التسامح ولا ضد أن يعيش العالم في سلام، مشكلتي ببساطة أني لا أستسيغ الأفعال ولا التصرفات التي لا تؤدي إلى ذلك ولا تكون سببا في أن ينعم العالم بالسلام فعلا على أرض الواقع وليس في استديوهات التلفزيون وأمام فلاشات الكاميرات. فكرة التقارب بين الأديان غير منطقية وغير قابلة للتطبيق أساسا، وأظن ـ وربما أعتقد ـ بأن أساس التسامح والتعايش يكمن في قاعدة موجودة سابقا ولا مبرر لإعادة اختراعها وهي «لكم دينكم ولي دين»، أما فكرة أن أعدل في ديني وأضيف له بعض النكهات لكي يصبح مقبولا مستساغا لدى الآخر فهي فكرة لا علاقة لها بالتسامح. هي أقرب إلى فكرة الشروط المجحفة في معاهدة استسلام من كونها تسامحا وقبولا للآخر. وهذا بالطبع لا يتعارض مع فكرة الاجتهاد ومراجعة الخطاب الديني وفعل كل ما يمكن فعله من أجلنا وليس من أجل الآخر. صحيح أن الحديث عن التسامح يبدو أكثر حضارية من الحديث عن غيره، ولكنه حديث على كل حال، ليس أكثر من ذلك. ويمكن أن يكون حديثا شيقا ساخرا أيضا، فأنا أعرف بعض الأصدقاء الذين يتحدثون في تويتر عن التقارب بين الأديان والشعوب، ولكنهم في الوقت ذاته يرفضون حتى مجرد التفكير في التقارب في النسب مع من يشتركون معهم في الدين والجنسية واللغة. ولا يجدون مشكلة في سحل نصف المسلمين لأنهم يختلفون معهم في بعض الأمور. وهذا تماما يشرح الفرق بين النظرية والتطبيق حتى في مستويات أعلى من أصدقائي. ثم إني أحتاج إلى سبورة أكبر وعدد أكبر من الألوان والطباشير لأشرح فكرة أخرى مع أنها تبدو شديدة الوضوح. لا أعلم ما هي الطريقة التي أقنع بها بعض المتسامحين بأن «الصهيونية» ليست دينا، وأن الحديث عن الصهاينة ليس حديثا عن اليهود. وأنه لا مبرر للحديث عن جار الرسول اليهودي عند الحديث عن إسرائيل، جار الرسول ـ إن صحت القصة ـ لم يكن صهيونيا محتلا قاتلا قادما من بولندا أو من روسيا ليطرد صاحب المنزل ويسكنه هو وعائلته بجوار الرسول عليه الصلاة والسلام. وعلى أي حال.. قلت سابقا ـ وفقني الله ـ بأن فكرة التسامح فكرة عظيمة، ولكنها تعني أن المتسامح يعلم يقينا ويؤمن بشكل قاطع بأن الآخر على خطأ. لكنه يقرر أن هذا الخطأ لا يعنيه في شيء وأنه ليس المعني بتصحيح الكون ويتقبل وجود الآخرين بأخطائهم، وفي الأديان لا يمكن وجود صوابين، إن آمنت بأن المسيح إله فأنت لست مسلما وإن آمنت بأن محمد نبي فأنت لست مسيحيا، الأمر لا يحتاج إلى كثير من التعقيد والفذلكة. agrni@

مشاركة :