"البابا فرنسيس" يحيي قداساً بابوياً في مدينة زايد الرياضية

  • 2/6/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

في أجواء من التسامح والمحبة والسلام تعبر عن مبادئ الأخوة الإنسانية التي تتبناها الإمارات، قام قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، أمس في اليوم الختامي لزيارته إلى الدولة بإحياء قداس بابوي بمدينة زايد الرياضية في أبوظبي، بحضور 180 ألفاً من المقيمين في دولة الإمارات وخارجها. ويعد هذا القداس التاريخي الأول من نوعه في شبه الجزيرة العربية، والأكثر تنوعاً من حيث عدد الجنسيات، إذ يعكس التنوع الحضاري والثقافي الذي تتميز به دولة الإمارات باحتضانها مقيمين من 200 جنسية، ونفذت الجهات المنظمة خطة شاملة لتأمين سهولة وصول نحو 180 ألف شخص إلى مقر انعقاد القداس، عبر توفير حافلات مجانية بلغ عددها نحو 2000 حافلة من نقاط تجمع محددة، وذلك بالتعاون مع النيابة الرسولية لجنوب شبه الجزيرة العربية /‏‏AVOSA/‏‏. وعند وصوله إلى مقر القداس حرص قداسة البابا فرنسيس على تحية الحشود السعيدة والمتحمسة للقائه، وتم بث القداس الذي بدأ في العاشرة والنصف صباح أمس، ولمدة 90 دقيقة على شاشات كبيرة في مدينة زايد الرياضية وعلى شبكة الإنترنت كي يشاهده كل الراغبين الذين لم يتمكنوا من حضور هذا الحدث التاريخي، وتحتضن دولة الإمارات نحو مليون مقيم كاثوليكي من مختلف الجنسيات يعيشون ويعملون فيها. وتحمل إقامة هذا القداس التاريخي على أرض الإمارات ولأول مرة في شبه الجزيرة العربية دلالات مهمة، إذ يعكس نهج الدولة والتزامها بمبدأ التسامح للتأكيد أن المعتقدات الدينية يمكنها أن تزدهر في بلد يعتنق التنوع الديني ويشجع التعايش ما بين الأديان المختلفة، ويتمتع المسيحيون المقيمون في دولة الإمارات بحرية كاملة في ممارسة شعائرهم الدينية، وسط جو من التسامح والعيش المشترك وحرية العبادة. وتوجد في الإمارات مختلف الكنائس المسيحية، منها الكاثوليكية والبروتستانتية، والكنائس الشرقية، كالأرثوذكسية والقبطية، وتقع كاتدرائية القديس يوسف الكاثوليكية، في مدينة أبوظبي، وقد بنيت في عام 1962 على قطعة أرض منحها الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم إمارة أبوظبي «آنذاك»، وتؤدى الصلوات فيها بلغات مختلفة: العربية والإنجليزية والتغالوغ-الفلبينية والمالايالامية والسنهالية والأوردية والكونكانية والتاميلية والفرنسية. يذكر أن النيابة الرسولية لجنوب شبه الجزيرة العربية‏، نيابة إقليمية للكنيسة الكاثوليكية تشمل دولة الإمارات وسلطنة عمان واليمن. والنائب الرسولي الحالي هو المطران بول هيندر، ومكتبه في كاتدرائية القديس يوسف في أبوظبي، حيث يتبع النيابة الرسولية ما يقرب من مليون كاثوليكي، و16 كنيسة أبرشية، وتسع مدارس، كما يدعمها 67 كاهناً، و50 راهبة وشماساً واحداً. البابا فرنسيس: الشكر والثناء لـ«أبناء زايد» بكلمات الشكر والثناء على «أبناء زايد ودار زايد» اختتم البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية القداس التاريخي في استاد مدينة زايد الرياضية بأبوظبي، والذي حضره أكثر من 180 ألف شخص من مختلف الجنسيات، حيث تجمعوا في تظاهرة حب وسلام لصياغة رسالة تاريخية للعالم أجمع من أبوظبي «عاصمة التسامح». وبدأ البابا فرنسيس العظة خلال القداس، وصلاته قائلا: «طوبى: هي الكلمة التي يبدأ بها يسوع عظته في إنجيل«متى». وهي اللازمة التي يكررها اليوم، وكأنه يريد أن يثبِّت في قلوبنا، قبل كل شيء، رسالة أساسيّة: إذا كنت مع يسوع، إن كنت كالتلاميذ تحب أن تصغي إلى كلمته، إن كنت تسعى لعيشها يوميا فأنت قد نلت الطوبى. لن تنال الطوبى في المستقبل وإنما قد نلتها منذ الآن: هذه هي الحقيقة الأولى للحياة المسيحية. فهي ليست لائحة وصفات خارجية ينبغي القيام بها أو مجموعة عقائد علينا أن نعرفها. ليس الأمر هكذا، بل هي أن نعرف أننا، بيسوع، أبناء محبوبون من الآب. إنها عيش فرح هذه الطوبى، وفهم الحياة كقصة حب، قصة حب الله الأمين الذي لا يتركنا أبداً ويريد أن يقيم معنا شركة على الدوام. هذا هو سبب فرحنا، فرح لا يمكن لأي شخص في العالم أو لأي ظرف أن ينتزعه منّا. إنه فرح يعطي سلاماً حتى في الألم، فرح يجعلنا منذ الآن نتذوق تلك السعادة التي تنتظرنا للأبد. أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، في فرح لقائكم، هذه هي الكلمة التي جئت لأقولها لكم: «طوبى لكم». وقامت الجهات المعنية بتوفير الاحتياجات اللازمة لجمهور الحضور، إضافة إلى التأمين في محيط مدينة زايد الرياضية وتواجد دوريات الشرطة والأمنية التي سهلت وصول المصلين إلى استاد مدينة زايد الرياضية، وتجهيز بوابات الدخول إلى استاد مدينة زايد وتزويده بأجهزة التفتيش، علاوة على تواجد المتطوعين الذين اسهموا بدور كبير في تقديم الدعم اللازم للجمهور، وتوجيههم إلى الأماكن الصحيحة وتوفير سيارات كهربائية صغيرة لنقل أصحاب الهمم من البوابات إلى داخل مقر إقامة القداس الجماعي. وتوافد الآلاف من المقيمين في الدولة وخارجها على مدينة زايد الرياضية للاستمتاع بالأجواء الروحانية التي صاحبت القداس دون وجود أي معوقات وفي انتظام شديد والتزام باللوحات الإرشادية والطرق المؤدية إلى داخل مدينة زايد الرياضية. ووضعت الجهات المنظمة بالتعاون مع مدينة زايد الرياضية جميع الإمكانات لإخراج هذا الحدث التاريخي بالشكل اللائق حيث نجحت في استقبال نحو 180 ألف شخص حضروا القداس الجماعي منهم 130 ألف شخص خارج الاستاد في مناطق مخصصة، و50 ألف مصل آخرين في داخل الاستاد لحضور الصلاة. وقال الأب مايكل أوسليفان منسق الزيارة البابوية بالنيابة عن الكنيسة الكاثوليكية في الإمارات:«نحن ممتنون جداً لدولة الإمارات على دعمها السخي عن طريق توفير الحافلات وتجهيزات صف السيارات والتي مكنت الراغبين في حضور القداس البابوي من جميع أنحاء الدولة والمنطقة من الوصول بسهولة إلى مكان الحدث والمشاركة فيه». والتقت«الاتحاد» مصلين من مختلف الجنسيات من جمهور الحضور الذين حرصوا على التواجد من الساعات الأولى وقبيل فجر أمس، للتمكن من الجلوس في الأماكن المخصصة للجمهور في داخل محيط مدينة زايد الرياضية وفي الملاعب الفرعية حيث تم توفير أربع شاشات عملاقة تسهل على الجمهور متابعة القداس الذي وصف بأنه تاريخي ويعكس مكانة الإمارات«أرض التسامح» في العالم. وعن انطباعاته بحضوره القداس البابوي، قال داريل فورتادو مقيم هندي:«أنا أعمل وأقيم في دبي وحضرت مع أسرتي من الساعة الثانية صباح يوم القداس للتواجد في محيط مدينة زايد الرياضية لمشاهدة هذه اللحظة التاريخية حيث إن حضور البابا فرنسيس للإمارات حقق لنا حلماً لم يكن ليتحقق ولكن لحسن الحظ أنني في الإمارات التي تحتضن المحبة والسلام والتسامح». وأضاف : «زيارة البابا في بداية عام التسامح تعطي الكثير من الدلالات المهمة وتبعث برسائل للعالم مفادها أننا بحاجة إلى نشر التسامح وهذه الثقافة الراقية التي تجدها في مجتمع الإمارات الذي يحتضن مختلف الأعراق والأديان والثقافات وهذا أهم ما يميزها». وأشار فورتادو إلى أنه يأمل في أن تستمر مبادرات التسامح ليس فقط في دولة الإمارات، بل أيضا في مختلف أنحاء العالم حيث إننا نحتاج هذه الثقافة التي يمكن أن تنهي الصراعات والنزاعات. وتحدث ريكسون دوسوزا، هندي مقيم في أبوظبي، قائلا:«إنني تربيت وعشت في الإمارات وأعمل الآن بها وإنني كمسيحي كاثوليكي لم أجد يوما أي تفرقة أو معاملة سيئة أو تمييز على أساس الدين بل وأمارس العبادات بحرية تامة وأجد احتراما من مختلف الثقافات الأخرى والأديان الأخرى وهذا أهم ما يميز المجتمع الإماراتي»، مضيفا:«إنني محظوظ لأن أعيش هنا على أرض الإمارات أرض التسامح». وعبرت الطفلة نعومي دوسوزا «3 سنوات» عن سعادتها بكلمات بسيطة وابتسامة رقيقة عن استعدادها لمشاهدة البابا أمام عينيها مباشرة وليس في التلفاز أو في الفيديوهات كما كان من قبل. وقال جيرارد نيور زائر من اسكتلندا : إنني شاهدت حدثا عظيما وإنني قمت بتعديل موعد سفري بعدما علمت بقدوم بابا الكنسية الكاثوليكية لزيارة دولة الإمارات وكان بالنسبة لي الخبر الأسعد في العام الماضي، والحدث الأسعد خلال العام الجديد حيث إن ابنتي تعيش وتعمل في دبي، وكانت الفرصة مواتية للحضور إلى الإمارات لزيارة ابنتي، وكذلك حضور هذا الحدث التاريخي الذي يمكن أن يعيشه الإنسان مرة واحدة في العمر». وقالت زوجته، كاثرين نيور التي رافقته في رحلته إلى أبوظبي: إنه لحدث عظيم وإنني في أسعد لحظات حياتي لأن أشاهد البابا وأحضر القداس البابوي للمرة الأولى في حياتي وإنها الزيارة الأولى للإمارات، وشاهدت حالة من الحب والتسامح لم أشهدها من قبل. وقالت ماي بالما فلبينية تعيش في دبي: إنني سعيدة للغاية بالحضور اليوم لمشاهدة البابا فرنسيس وحضور القداس البابوي في أبوظبي وإنني أعيش في الإمارات منذ 14 عاما وجدت كل الحب والتقدير واحترام عقيدتي كمسيحية، وإن استضافة هذا القداس التاريخي والزيارة التي طالما حلمت بها من صغري إلا أنها تحققت على أرض الإمارات الطيبة». وقالت ريمي بالما، فلبينية:«إنني أقدر هذه اللحظات التي أعيشها ولم أنعم بالنوم من أمس بسبب السعادة البالغة التي أشعر بها وتحركنا من دبي قبل ساعات الفجر في محاولة للوصول مبكرا قبل الزحام إلا أن التنظيم كان جيدا جدا وأسهم في سهولة الوصول إلى أماكن قريبة من مدينة زايد الرياضية ثم مشينا لمسافة قصيرة حتى وصلنا إلى مكان القداس». وأضافت أن أهم الرسائل التي يمكن إرسالها من هنا أن بلدا إسلاميا يستضيف البابا فرنسيس وينظم القداس البابوي وهذا يعكس مدى سماحة الدين الإسلامي. وقالت روز سوردينا، فلبينية مقيمة بأبوظبي:«حضرت مع صاحبة العمل التي فاجأتني بحجز تذكرة هدية منها لي لحضور القداس البابوي ومشاهدة البابا فرنسيس، إنني سعيدة بوجودي في دولة الإمارات، وكل الشكر لمن قاد هذه المبادرة الرائعة في عام التسامح». ووصفت دانييلا فورت، برازيلية مقيمة في دبي، زيارة البابا فرنسيس والقداس الذي جمع الآلاف من المقيمين والزائرين، قائلة:«إنني أعيش في دولة الإمارات منذ أكثر من 12 عاما وهي أفضل دولة يمكن أن يعيش ويقيم فيها أي إنسان نظرا للحالة الرائعة التي تعيشها من التسامح والتناغم بين مختلف الجنسيات والأديان». وأضافت دانييلا: «أن هذه المبادرات الناجحة والمتميزة والإنسانية لا تأتي إلا من قيادة تحمل رؤية عظيمة، وفلسفة راقية تعكس تحضر المجتمع الإماراتي، مشيرة إلى أن الزيارة تاريخية ومهمة وتحمل رسائل عظيمة لاسيما حضور القادة الدينيين مثل فضيلة شيخ الأزهر». ‏ 283 منشد «ترانيم» قامت جوقة متعددة الجنسيات تضم 120 مرنما من 9 كنائس في دولة الإمارات لتؤدي ترانيم القداس البابوي، أمس، كما رافق الجوقة عازف أورغن وفرقة من 10 عازفين آلات نحاسية، وقد تم اختيار أعضاء الجوقة بعد اختبار أجراه 283 مرنماً يمثلون 120 جوقة من الكنائس التسع في جميع أنحاء دولة الإمارات. وتم اختيار المرنمين للجوقة من جنسيات مختلفة بما في ذلك الفلبينيون والهنود واللبنانيون والسوريون والأردنيون والأرمن والفرنسيون والإيطاليون والنيجيريون والأميركيون والإندونيسيون والهولنديون والأرجنتينيون. وقال الأب جان لوران ماري رئيس لجنة الجوقة البابوية: نظرا إلى حقيقة أن دولة الإمارات تحتضن جنسيات مختلفة، فإن الجوقة البابوية سوف تمثل هذه الجنسيات المقيمة في البلد»، وقادت جوي سانتوس الجوقة البابوية، وهي فلبينية مقيمة في الدولة. الدعاء بست لغات شارك مقيمون مسيحيون بتلاوة الصلوات والدعاء بست لغات مختلفة هي الكورية والكونكانية «لغة ولاية جوا الهندية» والفرنسية والفلبينية والأوردو ولغة المالالايم «لغة ولاية كيرلا الهندية»، ودعا المصلون لتخفيف قساوة القلوب، حتى تتوقف الحروب ويندحر الشر، كما توجه مصلون بالدعاء إلى الله للعمال الذين يعملون في دولة الإمارات من أجل دعم أسرهم في بلدانهم. علم الفاتيكان ارتفع علم الفاتيكان حيث حرص الجمهور على حمله والإشارة به فور دخول البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى استاد مدينة زايد الرياضية علاوة على رفع أعلام كبيرة على مدخل الاستاد، وتم اعتماد علم الفاتيكان في عام 1929، وذلك بعد توقيع البابا بيوس الحادي عشر اتفاقية ‹لاتران› مع مملكة إيطاليا وقتها، والتي بموجبها تم تشكيل دولة الفاتيكان المستقلة التي يحكمها قداسة البابا، ويحمل علم الفاتيكان اللونين الأبيض والأصفر، وفي الجزء الأبيض منه يقع شعار الدولة.

مشاركة :