المناطيد ترسم لوحة فنية في سماء السعودية

  • 2/6/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

مثلما لها كنوز في باطن الأرض تمتلك المملكة العربية السعودية على سطح الأرض لوحات تراثية، تجعلها وجهة سياحية لأولئك الذين يبحثون عن البساطة في الحياة من خلال رحلة في ماضي الأجداد، لذلك تسعى السلطات اليوم إلى تأسيس حركة سياحية من خلال فتح أبواب الاستثمار في هذا القطاع الذي يعتبر واعدا في المملكة، وذلك بتهيئة الأماكن التاريخية التي تستحق الزيارة، كالمنطقة الشرقية التي كانت تعتبر نائية على الرغم من جمال طبيعتها وغناء آثارها. العلا (السعودية)- تتواصل فعاليات مهرجان المناطيد التي انطلقت في غرة الشهر الجاري ضمن مهرجان “شتاء طنطورة” بمحافظة العلا في منطقة المدينة المنورة إلى غاية 9 فبراير الجاري ليقدم إلى الزوار فرصة لمشاهدة كنوز العلا الأثرية والبلدة القديمة وما حولها من معالم، من خلال المناطيد التي تتزين بها سماء المحافظة مُشكّلة لوحة فنية زاهية. ويأمل منظمو مهرجان المناطيد الذي ينظم لأول مرة، أن يحقق في السنوات المقبلة شهرة عالمية، ويصبح وجهة للسياح العاشقين للطيران، معتمدين على دعم رسمي سخي للقطاع السياحي وخططه وبرامجه، ما قد يحوله إلى أشهر مهرجان في المنطقة. وتفاعل مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي مع اللوحة الساحرة التي رسمها مشهد المناطيد الملونة، وهي تزين سماء محافظة العلا. وتحدث عدد منهم عن التجربة الإيجابية التي استمتعوا بها في المناطيد وأخذوا صورا ساحرة من فوق المناظر الطبيعية، بينما عبر آخرون عن شوقهم لخوض التجربة ذاتها في هذه الدورة أو في دورات قادمة. من موسم زراعي إلى مهرجان مهرجان شتاء طنطورة الذي تمتد فعالياته حتى 23 فبراير الجاري يتضمن العديد من الفعاليات الثقافية والرياضية والترفيهية، مثل ملتقى الفرسان ورحلات السفاري والدرجات النارية والعروض الفنية الفلكلورية. وتتميز العلا في هذه الفترة من العام بطقسها المعتدل وأجوائها المنعشة، ما يجعلها الموسم الأمثل لزيارة المحافظة والاستمتاع بمهرجانها الثقافي وأجوائها الساحرة. وتعود جذور مهرجان الشتاء في الطنطورة إلى احتفالات العلا بموسم الزراعة الشتوي، ولكن هذا العام يأخذ بعدا جديدا تماما، حيث ستبدأ رحلة ارتياد منطقة العلا كوجهة سياحية عالمية في المملكة، وهي بمثابة متحف مفتوح وتعتبر من أفضل المواقع التراثية في العالم. وتتيح المناطيد الفرصة لزيارة عدد من الأماكن التاريخية في المنطقة الشمالية للسعودية مثل مدائن صالح، وجبل الفيل، ومملكة دادان وجبل عكمة، وحرة عويرض، وهي رؤية جديدة تفتح للسياح المجال الجوي لاكتشاف ما أبدعه الأسلاف في الفن المعماري واكتشاف المناظر الطبيعية التي كانت قبل هذه الفعاليات مناطق نائية. الخيول لا تغيب عن المناسبات الخيول لا تغيب عن المناسبات ويسعى القائمون على مهرجان شتاء طنطورة إلى إبراز طبيعة وآثار العلا وتراثها العريق، من خلال تشكيلات المجسمات الأثرية، لمعايشة تجربة الانتقال عبر الحضارات القديمة باستخدام الأصوات الطبيعية بين الكهوف والجبال والمزارع والبيوت التراثية. وتأمل المملكة أن تحوّل المنطقة النائية إلى وجهة سياحية عالمية في إطار سعيها للانفتاح على العالم وتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. وبضخ مليارات الدولارات في هيئة استثمارات حكومية وشراكة ثقافية فرنسية، تتوقع السلطات أن تتمكن منطقة العلا وقبورها ذات الصخور المنحوتة أن تجذب في النهاية ملايين الزوار من السعوديين والأجانب على السواء. وسيثير ذلك الحماس بين السعوديين كما سيقوض اعتقادا سائدا بين الكثير من السكان بأن المنطقة “مسكونة بالجن” وينبغي الابتعاد عنها. ويأتي تطوير العلا ضمن حملة لصيانة مواقع تراثية تعود إلى فترة ما قبل الإسلام بهدف جذب سيّاح غير مسلمين وتعزيز الهوية السعودية، وتخفيف النزعة المحافظة التي هيمنت على السعودية لعقود. وفي العلا تقع مدائن صالح المسجلة بقائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وهي مدينة يعود تاريخها إلى ألفي عام، نحتها الأنباط في الصخور الصحراوية. والأنباط قبائل عربية عاشت قبل الإسلام وشيدت أيضا مدينة البتراء في الأردن. وتؤدي واجهات متعددة الطوابق منحوتة بإتقان على الصخور الرملية الحمراء إلى غرف داخلية كانت تحتضن الجثث في السابق، وخلال الليل في العلا تتلألأ النجوم في الصحراء الشاسعة. وبعد أعوام طويلة من الامتناع عن زيارة مدائن صالح في السعودية بسبب فتاوى دينية، دعت الهيئة العامة للسياحة والآثار لزيارة ذاك الموقع الأثري للاطلاع على كنوزه. ويستند علماء الفتوى بالسعودية على منع زيارة مدائن صالح بحديث شريف جاء فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام لما مرّ بالحجر (مدائن صالح) قال، “لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم فيصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين. ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي”. وخلال جولة إعلامية رفض السكان الحديث عن سمعة المنطقة بأنها مأهولة بالجن، وركزوا بدلا من ذلك على فرص جذب الأموال والترحيب بالزائرين. في السعودية أصبح بإمكان المرأة أن تشتغل مرشدة سياحية بعيدا عن الصورة النمطية القديمة ويبدأ جدول الرحلات السياحية إلى مدائن صالح، من محطة سكة الحجاز في العلا التي تم تشييدها في مطلع القرن الماضي، ومواقع رئيسية أخرى هي، الديوان، قصر البنت، قصر الفريد وكلها معالم سياحية تاريخية جاذبة في المنطقة. وقد تحدث عدد من الزوار عن المهرجان ورحلة التاريخ إلى مدائن صالح. وأبدى السائح الآسيوي جبريل اندهاشه من الكنوز الأثرية التي شاهدها قائلا، “لم أكن أتوقع أن تكون هناك كنوز معمارية بهذه الروعة، تذكرني هذه المعالم بما شاهدته في البتراء الأردنية، إنه تراث حضاري عريق”. جهزت الرسامة السعودية رشاء الجود لوحات تذكارية للسياح بخطوط عربية مبتكرة على صخور تشبه تلك النقوش المسومة على صخور مدائن صالح، تقول إنها ابتكرت طريقة جديدة في الكتابة على الصخور بالرمل، عبر مادة لاصقة، مؤكدة أن هذه التذكارات تدر عليها مدخولا سيتطور بتطور الحركة السياحية في المنطقة ووجود الزوار من كافة مناطق العالم. وتعتبر رشا نفسها واحدة من الفتيات والفتيان في محافظة العلا، ممن يملكون موهبة أو فنا لم يكتشف بعد، داعية إياهم إلى الظهور مع الحراك السياحي الذي بدأ في العلا. قال المرشد السياحي علي يوسف، “رؤية السعادة على وجوه الزوار خاصة من الخارج، تشعرني ببهجة عظيمة، ما يجعلنا نستبشر خيرا بمستقبل مشرق لصناعة السياحة المحلية”. ويخطط سكان محليون لفتح مطاعم ومتاجر، وقد سافر بضع مئات من شباب المنطقة إلى الخارج لدراسة الفندقة والضيافة. وقال المرشد السياحي طلال البلوي “أنتم في مملكة الأنباط.. مملكة الأنباط حضارة عربية يعود تاريخها إلى 168 سنة قبل الميلاد كانت عاصمتهم السياسية البتراء، وقديما كانت عاصمتهم الاقتصادية العلا أو الحجر، فلماذا كانت هي عاصمتهم التجارية والاقتصاديه؟ ذلك بسبب موقعها الجغرافي، فكانت تقع في منتصف الطريق الرابط بين بلاد اليمن وبلاد الشام”. المهرجانات تحرك دواليب السياحة بعيدا عن النفط المهرجانات تحرك دواليب السياحة بعيدا عن النفط وأضاف، أنه يقوم يوميا بمهمة الشرح والتعريف بمهرجان طنطورة وزيارة مدائن صالح، الأمر الذي يؤكد زيادة الطلب على هذه الأماكن المهمة ورغبة السائح المحلي والأجنبي في اكتشافها. وفي إطار تخفيف القيود الاجتماعية بالسعودية، ستشهد العلا نساء يعملن في إرشاد السائحين. وقالت المرشدة السياحية ليلى البلوي “شيء جميل أن أنقل صورا مختلفة عن المواقع الأثرية في المنطقة خاصة للسياح الأجانب من الجنسيات المختلفة من الدول الأوروبية والآسيوية وغيرها، في السعودية أصبح بإمكان المرأة أن تشتغل مرشدة، فهذا شيء جميل لأنه آن الأوان لنغير الصورة النمطية عن المرأة التي كانت عليها في السابق”. وفي إطار الحملة التي تتبناها السعودية لتحويل الاقتصاد ودعم انفتاح المجتمع، حظيت العلا بمكانة بارزة. وجهزت السلطات عربات مخصصة للسير على الرمال هناك، ووجهت الدعوة لمستثمرين ومشاهير غربيين للقيام بجولات بطائرات هليكوبتر في المنطقة. وتقع العلا قرب موقع مشروع نيوم وهي مدينة ضخمة ترغب السعودية في تشييدها على البحر الأحمر بتكلفة تبلغ 500 مليار دولار. وتجري في السعودية منذ سنوات مناقشة خطط لاستقبال السائحين، لكنها لم تؤت ثمارها بسبب البيروقراطية البطيئة، والمخاوف بشأن المشاعر المحافظة. الفنون من الشرق والغرب تحتضن العلا على امتداد مهرجان شتاء طنطورة، كوكبة من أبرز النجوم من جميع أنحاء العالم، حيث تلتقي الثقافات وتمتزج الفنون من الشرق والغرب عبر مناسبات ثقافية، يطلُّ خلالها على الجمهور عمالقةُ الفن والطرب العرب والعالميون. وحضر الكثير من زوار العلا في مهرجان موسيقي قائم حاليا من بينهم شخصيات مهمة وأثرياء حيث يصل سعر التذكرة إلى عدة آلاف من الدولارات. ويجري تنظيم عملية إصدار التأشيرات على أساس كل حالة على حدة. وقامت دانا دهام التي تقيم في الرياض بزيارة للمنطقة مع أصدقائها الشهر الماضي حيث استقلت قطارا من جدة إلى المدينة ثم قطعت رحلة بالسيارة لمسافة 300 كيلومتر، “لم نتوقع أن تكون بهذه الروعة. نسمع دائما قصصا من الناس، لكن هذا أعظم بكثير مما توقعنا”. في العلا تقع مدائن صالح المسجلة بقائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وهي مدينة يعود تاريخها إلى ألفي عام، نحتها الأنباط في الصخور الصحراوية وقالت،”إنه مذهل وجميل”، مضيفة، “قبل أيام حضرت حفلا موسيقيا لأم كلثوم بتقنية الهولوغرام”. وتحول مهرجان شتاء طنطورة لمحطة جذب نجوم أهل الفن والموسيقى من حول العالم، حيث يحتضن المهرجان في هذه الدورة كوكبة من أبرز النجوم من جميع أنحاء العالم لتمتزج الفنون من الشرق والغرب في فعاليات تقام خلال عطلة نهاية كل أسبوع. وتراهن السعودية على اجتذاب كبار المشاهير حول العالم لأحياء حفلاتهم الفنية وعروضهم الموسيقية بفضل تنوع الطبيعة السعودية، فالأجواء المناخية توفر طوال العام فرصا لإقامة المهرجانات الفنية ومع نجاحات الحفلات سواء للفنانين المحليين أو العالميين ستتحول السعودية إلى مزار سياحي خاصة من الدول الخليجية المجاورة. ويطل خلال هذه المناسبات على الجمهور عمالقة الفن والطرب العرب والعالميين، من بينهم فنان العرب محمد عبده الذي التقى جمهوره من على مسرح العلا، وعازف الكمان رينو كابوسون وأسطورة التأليف الموسيقي المعاصر الموسيقار المصري الحائز على العديد من الجوائز العربية والعالمية عمر خيرت. كما أطل على الجمهور أحد ألمع النجوم المعاصرين في فضاء الموسيقى الكلاسيكية على مستوى العالم، عازف البيانو الصيني العالمي لانغ لانغ، الذي قدم مقطوعات من روائع الموسيقى العالمية. المملكة أن تحوّل المنطقة النائية إلى وجهة سياحية عالمية المملكة أن تحوّل المنطقة النائية إلى وجهة سياحية عالمية وتوسط تلك الأمسيات الطربية حفل أسطوري تداخلت فيه التقنيات المستقبلية مع عراقة الماضي والطرب الشرقي الأصيل، فقد أطلت على الجمهور كوكب الشرق أم كلثوم بتقنية التصوير التجسيمي الذي يسمى الهولوغرام، والذي تجسدت من خلاله أم كلثوم في صورة حية ثلاثية الأبعاد، لتعود بالجمهور إلى زمن الطرب الجميل. وأثث المشهد الفني أيضا مطرب الأوبرا الإيطالي أندريا بوتشيلي الذي أحيا أمسية رائعة أطرب بها مسامع الجمهور بصوته الأوبرالي الشجي. لم يبهر بوتشيلي الحضور بصوته وأغانيه فقط فلقد فاجأ الجمهور بالزي السعودي المتمثل في الغترة والعقال وقد جذبت الجمهور السعودي الذي عبر عن إعجابه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي خاصة تويتر. وفي الثامن من الشهر الجاري سيكون عشاق الموسيقى مع الموسيقار اليوناني ياني كريسماليس الذي سيقدم العديد من أعماله التي حققت أعلى المبيعات وحصلت على جوائز بلاتينية وذهبية. يذكر أن اللجنة المنظمة لمهرجان شتاء طنطورة أعلنت تمديد فعاليات المهرجان حتى 23 من الشهر الجاري، لتشمل المزيد من الفعاليات الفنية والسياحية، حيث تم الإعلان عن حفل غنائي يجمع الفنانَيْن العراقيين إلهام المدفعي وكاظم الساهر في 15 فبراير، وحفل آخر للفنانين راشد الماجد وماجد المهندس في 22 فبراير.

مشاركة :