بيروت: «الشرق الأوسط» واشنطن: هبة القدسي بدأ الجيش النظامي السوري أمس، هجوما في ريف حلب الشمالي بهدف قطع طرق الإمداد أمام المعارضة المسلحة وفك الطوق عن المدينة الشمالية وبلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، تمكن خلاله من استعادة السيطرة على بعض المناطق، فيما تقول المعارضة، إنّ الخسائر التي تكبدها النظام يوم أمس تفوق ما أحرزه من تقدّم، بحسب ما قال مصدر قيادي في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط». وجاء الهجوم قبيل ساعات من تقديم المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا تقريرا حول جهوده الرامية لإيجاد حل للأزمة السورية أمام جلسة يعقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك، وتناقش خطة المبعوث لتجميد القتال في حلب بعد زيارة للعاصمة السورية الأسبوع الماضي. قدم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في جلسة مغلقة مساء أمس بنيويورك إفادته للدول الأعضاء بمجلس الأمن حول نتائج محادثاته مع الرئيس السوري بشار الأسد حول خطة تجميد القتال في حلب. وقالت مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة إن دي ميستورا أجاب عن تساؤلات أعضاء مجلس الأمن حول مدى التزام الحكومة السورية بتنفيذ الخطة التي يقترحها دي ميستورا، وإمكانية أن تلتزم بها قوى المعارضة، واستعداد الأطراف السورية للالتزام ببنود جنيف للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، إضافة إلى أسئلة تتعلق بالمساعدات الإنسانية وموقف الحكومة التركية. ووفقا للمصادر فإن المبعوث الأممي أكد لأعضاء مجلس الأمن الدولي أن الرئيس السوري أبدى موافقته على الخطة واستعداد حكومته تنفيذها. ويرى دي ميستورا أن فرض منطقة تجميد للقتل سيؤدي إلى تهدئة العنف والسماح لمنظمات الإغاثة الإنسانية لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى الذين هم في أمس الحاجة إليها داخل سوريا. وأضافت توما: «المبعوث الأممي لسوريا يضع مصلحة الشعب السوري في قمة أولوياته، لذا يعمل على خفض معدلات العنف من خلال هذه الخطة، والتركيز على وصول المساعدات بشكل غير مشروط لجميع السوريين وتوفير الخدمات للشعب السوري على المدى القصير والطويل لنكون قادرين على تجنب سيناريو انهيار الدولة». وفي توقيت متزامن أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركي جين ساكي أن بلادها توصلت إلى اتفاق مبدئي مع تركيا حول تدريب وتجهيز الجماعات المعارضة السورية المعتدلة وتوقيع الاتفاق بشأنها في وقت قريب. وقالت ساكي للصحافيين: «أستطيع أن أؤكد أننا توصلنا على اتفاق من حيث المبدأ مع تركيا على تدريب وتجهيز المجموعات المعارضة السورية، وقد وافقت تركيا على أن تستضيف برامج تدريب قوات المعارضة السوري المعتدلة، ونتوقع إبرام وتوقيع الاتفاق مع تركيا قريبا». ومن المتوقع أن ترسل الولايات المتحدة أكثر من 400 جندي بما في ذلك القوات الخاصة لتقوم بمهام تدريب وتجهيز المقاتلين من المعارضة السورية وتخطط الولايات المتحدة لتدريب 5 آلاف مقاتل سوري سنويا لمدة 3 سنوات، وأعلنت كل من تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر استعدادهم لاستضافة برامج تدريب المقاتلين السوريين. وذكر مصدر ميداني سوري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الجيش السوري تمكن خلال الهجوم الذي أطلقه صباح أمس، من السيطرة «على عدة بلدات وقرى» في ريف حلب الشمالي حيث تسيطر أيضا الفصائل المعارضة على طريق رئيسي يمتد نحو تركيا وتستخدمه لنقل المؤن والعتاد. وأوضح أن «اشتباكات عنيفة جدا حصلت وسط قصف مدفعي وصاروخي متواصل على مواقع الجماعات المسلحة في الكثير من الجبهات»، مشددا على أن «العملية ستتواصل بكل حزم وقوة». وبينما يعوّل النظام على هذه الجبهة لفك الطوق عن مدينة حلب والحصار عن بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين المحاصرتين منذ أكثر من سنة، يرى مصدر قيادي في الجيش الحر أنّ معركة النظام في حلب لن تطول، وتحريكه لهذه الجبهة ليس إلا رسالة بعدما رفضت الفصائل المقاتلة في المنطقة القبول بخطّة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لوقف القتال في حلب. وأوضح المصدر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام كان يعول على تنفيذ الخطّة لتخفيف الضغط عنه في جبهة حلب والتركيز على جبهة الجنوب، لذا فهو لن يستمر طويلا في حربه هذه، لا سيما أنّه يفتقد إلى الكثير اللازم من المقاتلين وبات يعتمد في أهمّ الجبهات على عناصر من حزب الله والمرتزقة الذين يقاتلون مقابل بدل مادي». وأضاف: «النظام سبق له أن جرّب المواجهة في حلب ولم ينجح في مهمته واليوم مع وجود فصائل منظمة على رأسها (الجبهة الشامية) بات الوضع بالنسبة إليه أصعب». من جهته أكّد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن قوات النظام السوري سيطرت على قريتي باشكوي ورتيان وحردتنين الواقعتين قرب طريق حلب - غازي عنتاب الدولي، نافيا المعلومات التي أشارت إلى أنّ المعارضة تمكنت من استعادتها، لافتا إلى استمرار المعارك العنيفة للسيطرة على قرى أخرى محيطة بها والتقدم نحو نبل والزهراء غربا. وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن النظام كان قد بدأ باستقدامه تعزيزات إلى حلب على 5 جبهات، وأوضح أنّ معالم المعركة قد تتضح خلال ساعات، أي إنّه إذا استطاع النظام السيطرة على بلدة بيانون، فهو سيتمكن عندها من فك الحصار عن نبل والزهراء وقطع طريق حلب بشكل نهائي. وقال عبد الرحمن إن الهدف من الهجوم الذي يشنه الجيش السوري بمساندة من «لواء القدس الفلسطيني ومقاتلين من حزب الله اللبناني ومقاتلين شيعة من جنسيات إيرانية وأفغانية»، هو «إغلاق الطريق الذي يصل بين الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة في حلب، وتركيا». وأدت المواجهات إلى وقف حركة السير على الطريق الذي يربط بين حلب والحدود التركية.
مشاركة :