ما فائدة مدقق الحسابات إذا لم «يشم» رائحة الفساد؟

  • 2/7/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: بنيمين زرزور بكل برود أعصاب أجاب ديفيد دانكلي الرئيس التنفيذي لشركة «جرانت ثورنتون» لتدقيق الحسابات، على سؤال لجنة من مجلس العموم البريطاني قائلاً إن المدققين الذين يدققون سجلات الشركة «لا يفتشون عن عمليات احتيال». لا شك أن مثل هذه البلادة تثير ردود فعل غاضبة. فإذا كان مدققو الحسابات لا يأبهون لأي سلوك احتيالي، فما هي أهداف التدقيق في المقام الأول؟ وإذا لم يكن ذلك من صلب مهامهم فما هي أولوياتهم؟ أسئلة طرحتها افتتاحية «فاينانشال تايمز» مؤخراً، حيث أكدت الحاجة إلى مزيد من الوضوح حول مثل هذه الأسئلة في ضوء الفضائح التي تورطت فيها شركات مثل «بي إتش إس» و«كاريليون» و«باتريسري فاليري»، سلسلة المخابز الفاشلة، التي تولت شركة «غرانت ثورنتون» تدقيق حساباتها. وإذا اهتزت الثقة في حسابات الشركة التي تخضع لتدقيق المدققين، فإن ثقة المساهمين والموظفين والجمهور على نطاق أوسع في نظام الشركات سوف تتآكل. الاعتقاد السائد في أوساط قطاع المحاسبة أن المدققين هم هيئة إشراف أكثر من كونهم هيئة رقابة تفرض عقوبات، وهي عبارة استخدمها لأول مرة اللورد جنتس لوبيز في عام 1896. ويحرص المدققون على التأكيد بأن المديرين التنفيذيين يتحملون المسؤولية كاملة عن عمليات الاحتيال. إلا أن الخط الفاصل بين مهمة هيئة الإشراف ومهمة هيئات المراقبة قد يكون دقيقاً للغاية. وعندما يشم المدققون رائحة فساد أو احتيال فعليهم تشديد الإجراءات وقد يكتشفون في نهاية الخط عملية احتيال ملموسة وواضحة. تتمثل المهمة الرئيسية لمدققي الحسابات في تحديد ما إذا كانت مجموعة من الحسابات تعطي صورة «حقيقية وعادلة» لنشاط شركة ما. وهم يعترفون بأن عليهم أن يجروا الاختبارات التفصيلية لتحديد ما إذا كانت الأرقام تعكس وضعاً صحياً خالياً من الشكوك. ومطلوب منهم اتباع المسارات التوثيقية لجميع المعاملات بحيث يتم توثيق الأرقام في الحسابات وتطابق الفواتير مع ما هو مرصود في السجلات ولا بد من التحقق من صحة المستندات. كذلك، على المدققين وضع الإجراءات والعمليات التي تم تصميمها لتقليل فرص حدوث عمليات تزوير عبر الشبكة - مثل التحقق من وجود الأسهم والأصول، والتحقق من الأرصدة النقدية والقروض لدى المصارف. قد لا تكون مثل هذه الإجراءات كافية - بحسب الفاينانشال تايمز - لضبط عمليات المخادعة الدقيقة التي يصعب كشفها. ولكن إذا تبين لاحقاً أن عملية الاحتيال قد مرت لأن المدقق لم يطرح على نفسه سؤالاً كان عليه أن يطرحه ويتابعه حتى النهاية، تصبح المسألة التالية مدى أهمية الإخفاق الذي مني به وحجم الأضرار التي تسبب بها إهماله. يشتكي بعض «قدامى المحاربين» في مجال التدقيق من أن الاعتماد على التكنولوجيا في تحري تفاصيل الحسابات، قلص الوقت المخصص للتحدث إلى الشركات والعاملين فيها. وهناك مصادر خطر أخرى حسبما يرى المتخصصون. فعملية تدقيق الحسابات نفسها تخضع للتقليص التدريجي من قبل شركات المحاسبة الرائدة لصالح الخدمات الاستشارية التي صارت مصدراً للجزء الأكبر من دخلها. وهذا يزيد خطر مراجعة انتقائية لبعض سجلات الشركة وإهمال الكم الأكبر من السجلات. «الأربعة الكبار»، شركات التدقيق الكبرى في مجال التدقيق اتخذت قرارات مهمة في ظل اللغط الدائر حالياً حول أخطائها القاتلة، بعدما باتت تركز على الاستشارات بدلاً من التدقيق، وفيما قررت «إيرنست أند يونغ» و«بي دبليو سي» وقف خدماتها الاستشارية لعملائها من الشركات المدرجة على مؤشر «فاينانشل تايمز» بدءاً من عام 2020، سبقت «كيه بي إم جي» منافساتها في التطبيق من العام الماضي، في حين لم تقرر «ديلويت» بعد موعد تنفيذ القرار. وفي حال تم تنفيذ هذه القرارات فستكون موضع ترحيب. وهناك تغيرات أملتها الفضائح التي شهدها القطاع العام الماضي.

مشاركة :