احتفل شعب البحرين الوفي في الخامس من فبراير الجاري بالذكرى الحادية والخمسين لتأسيس قوة دفاع البحرين، القوة التي أثبتت أنها بحق سور الوطن وقاعدة أمنه وحامية استقلاله، ودرعه الحصينة للذود عن حياضه وحماية منجزاته الحضارية الكبيرة، وهي صمام الأمان لضمان سلامة المواطنين في ظل عالم يموج بعدم الاستقرار والاضطراب الأمني الذي يهدد أمن شعوبه، ويعرض ما حققته من إنجازات اقتصادية وتقنية وعلمية إلى الخطر، فقد أصبحت القدرة الدفاعية المتنامية والتجهيزات العسكرية الحديثة والأسلحة المتطورة، والإمكانات الأمنية والاستخبارية المبدعة ضرورة قصوى، إن لم تكن حتمية تاريخية توجبها متطلبات نزع فتيل الأزمات التي يمكن أن تهدد الأمن الوطني، وتوجبها أيضا ضرورات حماية منجزات الشعب التنموية المستدامة، وتحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي المتواصل، وأسبقية على أي أسبقية أخرى، لحماية البلاد من مختلف أنماط العدوان والتهديد والتخريب والتدخل غير المشروع في الشأن الداخلي من قبل قوى خارجية وإقليمية لا تخفى أطماعها في البلاد. حتى يمكن القول إن الإنفاق على تسليح وتدريب قوة الدفاع يعد إنفاقا له الأولوية والأسبقية على جميع بنود الإنفاق الأخرى في الميزانية العامة للدولة بما فيه الإنفاق التنموي والتعليمي والصحي، فلا جدوى من التنمية والتعليم والصحة إن تعرض أمن البلاد للخطر أو تعرض شعبها إلى التهجير والقتل والاعتقال لا سمح الله، وهذا ما أدركته قيادة مملكة البحرين منذ وقت مبكر، بدءا من صدور أمر تأسيس قوة دفاع البحرين من قبل أمير البلاد الراحل المغفور له بإذن الله الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في الخامس من فبراير عام 1968م. وقد كان لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى الدور الكبير في تطوير وتحديث قدراتها التسليحية والتدريبية والتأهيلية وتعزيز إمكاناتها التعبوية والسوقية، وتعهد بعنايتها ورعايتها بحكمة واقتدار حتى أصبحت بحق واحدة من القوات العسكرية المتميزة بفاعليتها التعبوية والقتالية، وقد برهنت على ذلك من خلال المآثر البطولية التي شهدتها في الإسهام بالدفاع عن الجبهة الجنوبية للمملكة العربية السعودية والتصدي الرائع للعصابات الحوثية الخارجة عن شرعية الدولة اليمنية. وأصبح ما بلغته من عوامل الاقتدار مثار فخر القيادة، كما أشار إلى ذلك جلالة الملك المفدى في معرض رده على تهنئة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بالذكرى الحادية والخمسين لتأسيسها: «هذه المؤسسة الوطنية العتيدة التي هي الدرع الواقية لحماية وطننا العزيز وصون مكتسباته، وستبقى بإذن الله حصنه الحصين، مؤزرة بكل عوامل الاقتدار تدريبًا وتسليحا وجاهزية، بكل الكفاءة والروح المعنوية العالية، والاستعداد المطلق للتضحية من أجل سلامة هذا الوطن الغالي، وستبقى هذه المؤسسة دائمًا إن شاء الله رمزًا للوفاء والولاء». وقد تضافرت جهود صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، والمشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين لتنفيذ توجيهات جلالة الملك في النهوض بها وتوفير أرقى المستويات التدريبية وأحدث المهارات العسكرية مقرونة بعقيدة عسكرية وطنية خالصة، بما قاد إلى منحها المزيد من المنعة والكفاءة. وإن هذا الاهتمام بقوة الدفاع والحرص على ديناميكيتها ليس مرده طموحات توسعية وأهدافا عدوانية وسياسات قمعية كما هو حاصل في دول عديدة من العالم، فالبحرين ليس لديها طموحات عدوانية وأطماع توسعية تدفعها نحو بناء الجيش والأساطيل والترسانات العسكرية من أجل العدوان على جيرانها بل من أجل الدفاع عن أمن شعبها وثوابت وطنها ومرتكزات نهضته المعاصرة، الذي تحاول دول مجاورة للأسف ومنظمات مشبوهة اختراقه، للإطاحة بما حققته من استقرار سياسي وأمني، وتنويع اقتصادي وبنية اجتماعية وسياسية مشهودة، وما تميزت به عبر مختلف مراحلها التاريخية من انفتاح على الآخر، وتفاعل بناء بين مختلف أطيافها وقواها السياسية والاجتماعية عبر الحوار والحراك المنظم من خلال مؤسساتها التشريعية والتمثيلية ومنظمات مجتمعها المدني. وفي كل المراحل التاريخية التي مرت على مملكتنا الحبيبة أثبتت قوة دفاع البحرين أنها الراعي الأمين لخيارات الشعب، والمدافع الشديد عن وحدته وأمنه واستقراره وذلك ما اتضح بجلاء في تصديها الحازم لمحاولات جر البلاد إلى مستقبل قاتم إثر مؤامرة الرابع عشر من فبراير 2011. فكان لها الفضل بعد الله العلي القدير في الحفاظ على تماسك وأمن الوطن واستقراره. واليوم تثبت قوة دفاع البحرين للعالم أجمع أنها الحصن المنيع الحاضن لمملكة البحرين، والسياج المتين الواقي لمكتسباتها الحضارية والتنموية والحافظ بعد الله العزيز القدير لاستقرارها وأمنها ووحدة شعبها، والداعم الأمين لاصطفاف المملكة إلى جانب الدول الشقيقة والصديقة في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب. تحية إجلال وعرفان وتقدير لقوة دفاع البحرين قيادة وضباطا وجنودا بهذه المناسبة العزيزة، وتهنئة معطرة بأجمل معاني الإخلاص والولاء والوفاء لقيادتنا الحكيمة وكل عام والبحرين تتقدم نحو المجد والرفعة والتنمية المستدامة، وآخر دعوانا رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ.
مشاركة :