لجأ عبد الحكيم عبد الفتاح الشاب المصري الثلاثيني، الموظف بالقطاع الحكومي في القاهرة، إلى العمل على “توك توك” خلال الفترة المسائية، بهدف تحسين ظروفه المعيشية، متجاهلًا نظرة بعض الناس السلبية حيال تلك المركبة النارية الصغيرة. يقول لـ “الرياضية” عبد الفتاح إن راتبه لا يكفيه خاصة أنه متزوج ولديه طفلان، ولذلك اتجه إلى تلك المهنة الإضافية، كاشفًا أن العائد منها يصل إلى 200 جنيه في اليوم “6 آلاف شهريًا” خلال فترة واحدة، وبإمكانه مضاعفة الدخل حال مدَّد فترة عمله إلى دوامين. ويكشف نموذج عبد الفتاح ما حدث في الأعوام الأخيرة التي تمرّد خلالها التوك توك على حبسه في الأقاليم والمناطق الشعبية على أطراف القاهرة، إذ بات بالإمكان ملاحظته بسهولة في قلب العاصمة المصرية وضواحيها على الرغم من مطاردته أمنيًا، حسبما يوضح عبد الفتاح. ومنذ ظهوره الأول عام 2005 قادمًا من الهند أبرز مصدريه، وطَّد التوك توك علاقته بالمجتمع المصري، وتحول من مجرد وسيلة نقل رخيصة تخدم المواطن البسيط، إلى عمود فقري في تنقلات مختلف الشرائح. يبين لـ “الرياضية” الدكتور حمدي عرفة خبير الإدارة المحلية واستشاري تطوير المناطق العشوائية في مصر، أنَّ عدد مستخدمي التوك توك في اليوم الواحد يفوق 30 مليون مواطن، يستقلون نحو 3 ملايين مركبة في مختلف المحافظات، بينهم زهاء نصف مليون في القاهرة وحدها. ويُرجِع عرفة سبب هذا الانتشار، إلى قدرة تلك المركبة ذات العجلات الثلاث، على السير في أي مكان مهما اشتدَّ زحام طرقه، وضيق شوارعه وأزقته، فضلًا عن انخفاض تسعيرته مقارنة بالتاكسي، إلى جانب قدرته على ملء الفجوة التي خلَّفها غياب وسائل المواصلات المختلفة داخل بعض المناطق. وفي ظل هذا الإقبال الهائل، تضاعف سعر التوك توك ليصل إلى 40 ألف جنيه خلال الوقت الراهن، بعد أن كان لا يتخطى 15 ألفًا، علمًا بأن الحكومة المصرية حظرت استيراده عام 2014، في حين سمحت بتجميع أجزائه داخليًا. في المقابل، لا تخلو التجربة من عيوب بارزة، في مقدمتها تسببه في زيادة معدلات الجرائم، فضلًا عن انعدام الرقابة عليه بسبب غياب الترخيص على أكثر من ثلاثة أرباع “التكاتك” في مصر، وفقًا للدكتور حمدي عرفة.
مشاركة :