في دورة الحياة للشركات، يعتبر التغيير ركيزة أساسية ومبدأ أساسيا يتم الرجوع له إما لحاجة ماسة أو لهدف التطوير. فعادة نرى التغيير في الشركات في حال فشلت القيادة السابقة بالاستمرار في النجاح. وليس شرطا أن أي تغيير مآله النجاح. هناك أسباب كثيرة تساعد على النجاح. يذكر أحد الباحثين بعد إجراء دراسة عن شركات كانت على وشك الانهيار، ونجحت بعد إجراء بعض التغييرات من ضمنها استقطاب رئيس جديد، ان هناك سمات مشتركة كانت من أسباب نجاح تلك الشركات أحدها هو قيام الرئيس الجديد باستقطاب عناصر متميزة لبناء فريق منافس، قبل حتى تحديد أسباب الفشل ومدى احتياج الشركة للفريق لإنجاحها او البدء في استراتيجيتها وكذلك قدرة الفريق أو موظفي الجهة لمناقشة القائد أو المساهمة في اتخاذ القرار. كذلك من أهم العناصر هو العمل الدؤوب نحو التحول الكبير وليس نجاحات سريعة تخدم صورة القائد الجديد. هؤلاء القادة يعترفون أن نجاحهم هو فريق عمل متميز أفضل منهم. ظاهرة الاستقطاب نجدها في القطاعات العملية سواء في الخاص أو الحكومي في ارتفاع، حيث يعمد القائد الجديد منذ تعيينه بتعيين فريق يثق فيه فنجد القائد تلو القائد يتغير وتتغير القيادات التنفيذية المستقطبة حديثا. فلماذا نجح تطبيق هذا العنصر في تلك الجهات ولم ينجح لدى البعض؟ هناك أسباب كثيرة أهمها أن المنظومة يجب أن تكون متكاملة ولا يمكن أخذ عنصر واحد وتمني النجاح. فبناء على الدراسات نجد أن نسبة النجاح تكون أعلى اذا تكاملت جميع العناصر. أضف إلى ذلك أن أحد الأسباب هو اختلاف عملية الاستقطاب، فيعاب لدينا ان عملية الاستقطاب لا تتم بالبحث عن الكفاءات بل ببحث عن شخص ذو معرفة سابقة بالقائد. وأصبح مفهوم صيد الخبرات ليس بالكفاءة بل بالمعرفة، وهذا يعتبر أحد عناصر الاختلاف فنحن لا نبحث عن فريق متميز بل نبحث عن فريق نعرفه ونثق فيه. الثقة والمعرفة يجب أن تأتي بعد الكفاءة فعندما يتم تعيين من هم أقل كفاءة بدلا من أشخاص ذوو كفاءة عالية ونجحوا في قيادة إداراتهم، فبذلك لا يتم بناء فريق منافس ولا بيئة سليمة تحفز الموظف لأداء متميز. أضف إلى ذلك أن تطبيق مثل هذا المفهوم لجهة شبه ناجحة أو جهة جديدة قد يتسبب في فشل تلك الجهة وعرقلة العمل. أصبحت بعض القيادات لدينا تنتقل من جهة إلى جهة بصحبته فريق يثق به وهذا ما نطلق عليه عادة "الشلة"، ليبحث عن نجاح له خاص، فتدخل الجهة في دوامة جديدة وكأنها بدأت من النقطة الصفر بغض النظر ما اذا كانت الجهة فعليا ناجحة وتسير في المسار السريع واضطرت للتغيير لأسباب خارجة عن إرادتها -كاستقالة القائد السابق- وليس لأن الجهة تسير بشكل غير مرضٍ. فتجد أن الخطط الاستراتيجية التي صرف عليها المبالغ الطائلة تم تهميشها وتم التركيز على النجاحات السريعة لتلميع ذلك القائد وزرع فكرة النجاح له بغض النظر ما إذا كانت تلك الجهة فعليا نجحت أو هي متهالكة وهشة من الداخل؛ ولعلي أستوقف القارئ هنا، إلى أن أحد الركائز الأساسية في الرؤية السعودية 2030 هي العمل المؤسسي، فكل قائد جديد لجهة معينة ملتزم بمشاريع وخطط يجب على الجهة تنفيذها وفعالية أداء يجب أن تصل الجهة لها بغض النظر عن توجهات القائد الجديد، ليصبح القطاع الحكومي متميزا في العمل المؤسسي أكثر من القطاع الخاص، حيث تميزت الجهات كمنظومة عمل متكاملة بأهدافها وخططها بدلا من ربطها بقائد تلك الجهة وخططه وأهدافه.
مشاركة :