لكثيرين يعد الحصول على حكم بالسجن أسوأ ما يمكن أن يحدث في حياتهم. لكن حين تعاني من العنف العائلي، كما هي حال معظم السجينات، يمكن أن تنظر للأشياء نظرة مختلفة نوعا ما. بينما كانت تجلس في القفص، بانتظار أن يحكم القاضي بإرسالها للسجن، لم تتمالك ليلي لويس نفسها من الضحك. لم تفهم السبب. لم يكن الأمر انفجارا عصبيا، كما لم يكن هناك ما يدعو للضحك في وضعها. حذرها المحامي من أنها قد تحكم بالسجن لثمانية أعوام. لكن القضية بمجملها بدت غير واقعية لها، لسبب ما، كما لو أنها نكتة كبيرة. في كل مرة وقف أمامها ممثل الادعاء، ووضع يديه على صدره أثناء الحديث ، أحست كم يبدو المشهد مسرحيا وعبثيا. بالقرب من ليلي كانت إحدى المتهمات في نفس القضية تبكي وتقول لها "أنا خائفة". حاولت ليلي تهدئتها، ولم تستطع أن ترى ما يمكن أن يكون مخيفا في الوضع. اعتادت ليلي أن يصرخ أحدهم بها ، كانت ضحية العنف المنزلي، مثل 57 في المئة من السجينات، حسب بيانات Prison Outside. تغلبت ليلي على الإدمان وحاولت الانتحار عدة مرات. في السجن ستكون آمنة من الرجل الذي كان يضربها ويغتصبها، صديقها الذي كان يهددها بالسلاح، شريك الحياة الذي تقول إنه استغل إدمانها وانتهى متهما مثلها. في الخارج، اعتادت ليلي على أن تتعرض للصراخ والابتزاز والاعتداء. كانت ضحية للعنف المنزلي. حرمت من أطفالها وعانت من ألم بعدهم عنا، فما الذي يمكن أن تخسره أكثر من ذلك؟ "أدخلوني السجن الآن، أنا مستعدة، خذوني الآن"، هذا ما كانت تفكر فيه. ثم حان الوقت لوقوف ليلي وسماع حكمها. كانت ترتدي بنطالا أسود وسترة برتقالية، وباروكة شعر لتعوض غياب الكثير من شعرها الذي كثيرا ما نتفته. كانت قد قضت نهاية الأسبوع في زنزانة للمرة الأولى، بعد أإدانتها. جلست ليلي بثياب السجن الرمادية وتأملت في سهولة التعود على روتين السجن. خفض القاضي حكمها لسبع سنوات بعد أن اقرت بالذنب. لم تفارق الابتسامة وجه ليلي.نصف حكمها يساوي ثلاث سنوات ونصف، مما يعني أن بإمكانها أن تغادر السجن بعد هذه المدة إذا كان سلوكها جيدا. كانت تجلس في عربة السجن، في طريقها لبدء محكوميتها. كان السجناء الآخرون يخاطبون الحارسة ب "آنسة" . كم يبعد السجن يا آنسة ؟ أحتاج لاستخدام المرحاض يا آنسة. وعدت ليلي نفسها أن لا تتحدث بهذه الطريقة الذليلة. كانت تفكر بأطفالها الأربعة وكيف سيتدبرون أمرهم لهذه الفترة الطويلة بدونها. ماذا سيحدث فيما بعد ؟ متى ستحصل على الزي الموحد ؟ ما نوع العمل الذي ستمارسه في السجن ؟ بدأت ليلي بالضحك مرة أخرى، ولم تفهم السبب هذه المرة أيضا. من العربة التي كانت تقلها نظرت ليلي إلى السماء بعرفان وناجت الله قائلة "لقد منحتني كل هذا الوقت، فماذا سأفعل به ؟" نشأت ليلي في ويرال في منطقة ميرسي سايد. كانت الأصغر بين أخواتها الثلاث. كان والدها من غانا ووالدتها بيضاء البشرة وكانت الفتاة الوحيدة من زواج مختلط في مدرستها. كانت واعية لكونها مختلفة طوال فترة طفولتها. لم يكن لديها اصدقاء في المدرسة. في صباح أحد الأيام، عندما كانت في السابعة، كانت ليلي تجري في ملعب المدرسة. وقفت مجموعة من الفتيات في نصف دائرة وبدأن يغنين "أين ذهبت أمك؟ بعيدا، بعيدا !" ثم نظرن إلى ليلي وبدأن بالضحك. في ذلك اليوم، حين حضرت أمها إلى المدرسة لاصطحابها سألتها عن ما عنته الفتيات. كانت المرة الأولى التي تعرف فيها ليلي أنها طفلة متبناة. روت لها أنها حين اصطحبتها إلى البيت كانت رائحة ملابسها فظيعة، فألقوا بها بالقمامة. وحين ألحت ليلي لمعرفة المزيد عن أمها الحقيقية أخبرتها أمها بالتبني أنها لم تردها. لم ترغب حتى في وداعها. ولم تذكر شيئا عن ابيها الأصلي. حاولت ليلي أن تتقبل كل هذا. لم تفهم لماذا لم يردها والداها.وفكرت في السبب الذي جعل لها رائحة كريهة. ليلي حاولت أن تجعل نفسها شبه دمية، لأنها ظنت أن الناس يختارون الدمى دائما. كانت تخشى أن تهجر مرة أخرى. لاحقا، حين فكرت في حياتها، أدركت ليلي أنها لم تتطور عاطفيا أبعد من تلك النقطة. لم تتخلص من الرعب أن تترك مرة أخرى وحيدة.عرفت الكحول في الخامسة عشرة ، وحين شربت لم ترد أن تتوقف.كان لها أكثر من صديق، وكانت تعتقد أن هذا هو الحب. حين أظهر لها شاب مشاعره أحست أنعها محبوبة ومرغوبة. وحين ضربها صديقها أقنعت نفسها أن هذا مظهر من مظاهر الحب. قاد الحراس ليلي إلى جناح السجن الذي ستلتحق به. ساروا بها عبر ممرات ضيقة، تحت الأرض. كان السقف منخفضا والجدران صفراء. بعد كل بضعة أمتار كانت تسمع الأبواب تصفق خلفها: بانغ بانغ بانغ. بدا الأمر وكأنها ذاهبة لتنفيذ حكم الإعدام ثم دخلت زنزانتها. نظرت إلى القضبان على النافذة، المرحاض المعدني في الزاوية. حتى مقارنة بمراكز الشرطة التي احتجزت فيها وزنزانة نهاية الأسبوع، بدت هذه الزنزانة متقشفة.هي الآن في السجن فعلا، فكرت. بعد مضي أسبوع نقلت ليلي إلى جناح آخر.كان في زنزانتها نزيلة أخرى الآن، امرأة آذت نفسها. نظرت ليلي خارج النافذة، كان شهر آذار والطقس بارد في الخارج. رأت مجموعة من السجينات يمشون في الثلج. كان شعرهن قصيرا كالرجال. ذكرن ليلي بسجناء الحرب. أحست كما لو أنها في سيبريا. حصلت ليلي على عمل في الاستقبال. عليها أن ترحب بالنزلاء الجدد حين وصولهم. كانت الكثيرات بينهن مدمنات هيروين، وكثيرا ما يصلن في حالة قذرة ويجب أخذهن مباشرة إلى الحمام. كن يقلن لها "نريد دواءنا" وكن يعنين بديل الهيروين. كن يبكين ويرتجفن أثناء انتظاره. كان بعض النزلاء الآخرين مرضى. إحداهن كان تسحب شعرها بشدة وتبدو كأنها في حالة تشنج وبقع اختفى منها الشعر.وامرأة أخرى كانت تمص وسادتها وتتحدث كرضيعة. لم تفهم ليلي كيف تسج نساء في حالة كهذه في عام 2018. تعودت ليلي على الروتين بسرعة.انتقلت من الاستقبال إلى قسم التنظيفات. شغل العمل الجديد وقتها.كانت تنسى في أي يوم أو شهر هي. لم تهتم إلا بالتاريخ الذي ستغادر فيه السجن، وكان هذا بعيدا. لم تبك مرة واحدة بسبب حكمها. قبل أن تبدأ عقوبتها كانت ليلي تعرف أنها ستقضيها وحيدة.لن يأتي أحد لزيارتها. أخذ أطفالها منها وكانت صلتها بهم محدودة، وهذا سبب لها حزنا شديدا. عدا ذلك كانت ليلي في حالة جيدة، لم تكن تشرب أو تستخدم المخدرات. كانت بدينة حين وصلت إلى السجن لكنها الآن تتردد على صالة الألعاب كل يوم وتستهلك غذاء صحيا من من العصيدة والبيض والسمك. قرأت كتبا تساعدها على العناية بذاتها، وكتبت قوائم بالأشياء التي أحست بالامتنان لأجلها. درست للحصول على مؤهل ونجحت في امتحاناتها. أحست أن بإمكانها أن تضع حياتها في المسار الصحيح. بعد مضي ستة أشهر كتبت ليلي رسالة للقاضي الذي أصدر عليها الحكم تشكره على ما أسمته "هدية الوقت".كتبت في رسالتها "حسب تجربتي لا يستفيد الكثيرون من السجن، أما أنا فاستفدت منه". لاحظت ليلي أن النظام لا يساعد على تأهيل الكثير من النساء اللواتي عرفتهن. بدا أن لا أحد يرغب بالاستحمام. كان هناك تركيز كبير على دراسة الرياضيات واللغة الإنجليزية لكن لم يكن هناك من يعلم هؤلاء النساء كيف يعتنين بأنفسهن . بدا أن المخدرات منتشرة في السجن أكثر منها خارجه. في بعض الاقسام كانت الأبواب تغلق عليهم لمدة 19 ساعة. إحدى النساء جاءت بمشكلة مع الكحول، ولأنها لم تستطع الحصول عليه أدمنت على مادة مخدرة. وامرأة أخرى أخبرتها أنها تقضي حكمها الثاني والثلاثين، وكثيرات ممن قابلتهن ليلي كن يقضين أحكاما متلاحقة. لم تكن هناك إعادة تأهيل للسجناء، بسبب قصر مدة الأحكام. فكرت ليلي أن عليها مساعدة أولئك الذين لا يحتملون حياتهم في السجن بما أنها قادرة على احتمالها.كانت هناك امرأة حامل وكانت ليلي تحاول تشجيعها على الأكل. تطوعت لتعليم السجينات القراءة ، كذلك طلب منها الإشراف على فتاتين صغيرتين في السن. كان هدفها أن تنتقل إلى سجن مفتوح في أقرب فرصة ممكنة، حيث بإمكانها التنقل بحرية وإحضار فنجان من القهوة. ربما حصلت على فرصة عمل ليوم كامل خارج السجن. لكنها حتى الآن تقبع خلف أبواب مغلقة، محاطة بنساء مدمنات. في ليلة رأس السنة سمعت صوت سيارة إسعاف تقترب من السجن للتعامل مع أول محاولة انتحار في تلك الليلة. كان صوت سيارات الإسعاف يتكرر طوال الليل. كلما تحدثت ليلي إلى عدد أكبر من النساء أدركت أن هناك شيئا مشتركا بينهن. كن ضحايا العنف الأسري، مثلها، لكنهن لم يتمكن من طلب المساعدة. تقول ليلي "النساء يخشين الحديث لأنهن يدركن أن السلطات سوف تأخذ أطفالهن". تعرضت ليلي لسوء المعاملة منذ مراهقتها. كانت حسنة الهندام وواثقة من نفسها طوال فترة نضجها. كانت تدير أعمالها الخاصة وتنجز أعمالا بحرفية. لذلك كان الجميع يصدقونها حين تقول إن كدماتها كانت بسبب تعثرها.لم يكن أحد يعرف أنها كانت تستعين على آلامها في الليل بالكحول والمخدرات. كان هناك مايكل، مثلا (وهذا ليس اسمه الحقيقي). حين كانت حاملا في شهورها الأخيرة أمسك بخناقها ودفعها على الدرج، كما تقول. بعد ساعات أنجبت طفلها. وبدأ الضرب المنتظم بعد ستة أسابيع من الولادة. في إحدى المرات ضربها ضربا مبرحا لدرجة أن الجيران طلبوا الشرطة. حين وصلوا قالت لهم ابنتها إيزي التي كانت في المدرسة الابتدائية " أرجوا المساعدة، أمي ماتت". بالإضافة إلى ضرب ليلي كان مايكل يغتصبها بانتظام. كان يعتذر بعد أن يضربها وكانت ليلي تسامحه. "لم أحس أني ضحية بأي شكل من الأشكال. كنت أحس أن هذه حياتي"، تقول ليلي. بعد سجنها بسبب اعتدائه عليها وجدت ليلي صديقا آخر. "لأنه لم يعتد علي جسديا لم أحس أنه يسيء معاملتي"، تقول. لكنه كان يصوب بندقيته إليها ويهدد بإطلاق النار.المرة الوحيدة التي بكت فيها كانت حين علقت ماسورة البندقية في شعرها وأفسدت تسريحتها. تركها صديقها بعد ولادة طفلهما مباشرة. ثم جاء الرجل الذي أصبح لاحقا شريكها في الجريمة. كانت تشرب الكحول للتغلب على الألم منذ فترة طويلة، وحين أصبح عشيقها أغرقها بالكحول. كان يوقظها أحيانا بكأس. كان يختفي لفترات طويلة دون أن يخبر ليلي أين يذهب، وأدى ذلك إلى إصابتها بالاكتئاب. كانت تعمل من منزلها، مع أنها كانت تحت تأثير الكحول معظم النهار فلم تكن قادرة على إنجاز عملها.كان صديقها يستطيع الوصول إلى رسائلها الإلكترونية. تقول إنه كان يعطي رسائل عملائها لأصدقاء له يحاولون غشهم. وافقت ليلي على أن تسجل شركة محدودة المسؤولية وحسابا بنكيا باسمها. أدركت ما يجري، لكن كان سهلا عليها أن تغض الطرف. لم يقتل أو يجرح أحد، لذلك لم يبد الأمر كجريمة. انتهت العلاقة. كانت ليلي تحبه لكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت حين قدم الماريوانا لإيزي. تقول ليلي إنها اتصلت بالشرطة وأخبرتهم عن الاحتيال. ألقي القبض عليه وكانت تدرك أنهم سيعتقلونها أيضا، وهو ما حصل. كانت تعرف أن حكما بسجن طويل في انتظارها. وصل ضباط شرطة وأخذوا أولادها كما اعتقلوا عشيقها السابق. تعليقات متحدث باسم وزارة العدل:تشير الدلائل أن وضع نساء في السجن له أضرار أكثر من الفوائد، حيث يفشل في تقليص حالات تكرار ارتكاب الجرائم ويفاقم سوء ظروف عائلية كثيرا ما تكون سيئة أصلا. لهذا أصبحنا نركز أكثر على العمل المجتمعي والاستثمار في مراكز النساء. " بدءا من هذه النقطة انحدرت حياة ليلي أكثر."لم أعمل شيئا سوى الشرب"، قالت."كنت أعتقل وأسجن كل أسبوع".حاولت الانتحار خمس مرات وصنفت تحت قانون :الصحة النفسية" مرتين، وحاولت الانتحار بعد المرة الثانية. فكرت في الألم الذي يمكن أن يسببه هذا لأطفالها لو نجحت محاولتها الانتحار. كانت هذه نقطة تحول عند ليلي.تقول "منذ ذلك اليوم احسست أنني أمام تحد، وقبلت ذلك التحدي". وضعت ليلي في ملجأ للنساء حيث حاولت التعاون مع طواقم مكافحة الإدمان، لكنها كانت تنتكس في كل مرة. الآن كانت مصممة على البقاء خالية من المخدرات. فكرت "يا إلهي، أنا اقوى من هذا. أستطيع أن أفعلها ! ثم استجمعت طاقاتي". للمرة الأولى منذ أصبحت بالغة استطاعت الاستغناء عن المخدرات والكحول. كانت ستة شهور تفصلها عن المحاكمة. لم تكن تعلم عن مدة العقوبة التي تنتظرها حتى لحظة النطق بالحكم. حين علمت طول الفترة التي ستقضيها في السجن أحست أنها استعادت حياتها. كان يوما مشمسا في شهر يونيو/حزيران واخترقت أشعة الشمس جدران عربة السجن. من مقعدها داخل العربة كانت ليلي نرى السجناء يعتنون بأحواض الزهور.غيروا وضعها فأصبحت "نزيلة سجن مفتوح". أدركت سريعا أن الشهور العشرين التي قضتها في سجن مغلق قد غيرتها. كانت تصبو إلى السير بحرية وزيارة المقاهي، لكن هذا اصبح يثير أعصابها. في إحدى المرات قررت أن لا تخاطب ضباط السجن باستخدام كلمة "سيدي" أو "آنستي"، لكنها الآن تجد الأمر غير مألوف حين يخاطبهم سجناء آخرون مستخدمين اسمهم الأول. وفجأة بدا وكأن لا أحد بحاجة إليها. في السجن المغلق كان لديها دور تلعبه، وهو مساعدة السجناء الذين كان وضعهم أسوأ من وضعها، وهذا جعلها تحس أنها تخدم غرضا ما، لكن ما الذي تعمله الآن ؟ منذ المحاكمة كانت تفكر بضحاياها، تتذكر شهادتهم في المحكمة، كيف سطوا على ممتلكاتهم وثقتهم، وكان هذا الجزء الذي بدا لها مؤلما لكن حقيقيا. أحست بالأسف لما فعلته بهم. كانت اضواء أعياد الميلاد تتلألأ في المتاجر بينما كانت ليلي تشق طريقها عبر شوارع يورك. كان الجو حارا، لكنها كانت تسير ببطء، تتشرب الضوء والصوت المتاح. كان هذا اليوم الأول في حياتها الجديدة، وهو جزء من برنامج إعدادها للانخراط في مجتمع جديد. كانت تحس كأنها ترى الشوارع بعيون جديدة تماما. كانت تحس بالإثارة. بدا كل شيء مشعا. كانت مستمتعة برحلتها عبر الشوارع. اشترت مظلة زهرية من أحد المتاجر وعنبا من متجر آخر. أوقفت أحد العاملين في متجر لتستفسر منه عن شيء ما، لكنها وجدت صعوبة في صياغة سؤالها. نسيت عبارة "لو سمحت". لم يكن عليها التفكير بالنقود من قبل. جلست في مقهى لتشرب الشوكولاتة الساخنة. لم تصدق أن تكلفتها 3.8 جنيه. دخل رجل مخمور المقهى مترنحا وقال لها إنها جميلة. شكرته ليلي. كانت سعيدة بأن شخصا ما لاحظ وجودها. قبل عودتها إلى السجن في ذلك اليوم رددت عبارة "أحب الحياة" وكررتها. لاحقا سمح لها بالخروج للعمل. بكت حين دعاها الموظفون في مكان العمل لحفلة عيد الميلاد. اضطلعت بمهمة جديدة هي الإشراف على أطفال سقطوا في الجريمة. كانت تأمل بمساعدتهم على الاختيار أفضل مما فعلت. أصبحت علاقتها بابنتها إيزي أقرب من اي وقت مضى. "إذا كانت امرأة تتعرض للعنف في العلاقة ، أحيانا يكون من الصعب عليها التفكير بأطفالها، لأن تفكيرها يكون منصبا على النجاة. كان صعبا على إيزي أن ترى أمها تساق إلى السجن. الآن بإمكان إيزي وليلي أن يحسا بالعلاقة بينهما كعلاقة بين فتاة وأمها. أحيانا سمح لإيزي بقضاء الليلة مع أمها، وكانتا تقضيان الليلة بأكملها مستمتعتين بوجودهما معا. بدأت ليلي أيضا في الحصول على مساعدة، وحضور جلسات مشورة بخصوص العنف المنزلي. تحدث المعالج عن سلوك السيطرة وكيفية معرفته وتشخيصه، وعن الدور الذي لعبته خلفيتها العائلية: الشعور بالهجر والنبذ حين علمت أنها طفلة متبناة. عرفوها على شخص يمكن أن يساعدها في الوصول إلى والديها الحقيقيين. أخيرا، ليلي على وشك الحصول على إجابات على الأسئلة التي شغلتها منذ طفولتها. علمت ليلي أن أمها ماتت قبل سنوات لكن أباها ما زال على قيد الحياة. لقد ترمل حديثا، وحصلت ليلي على عنوانه. كتبت إليه لتخبره أنها لا تحس بمشاعر سلبية تجاهه، وأنها لن تتصل به مرة أخرى إن لم يكن راغبا بذلك، وكل ما تريده هو الاتصال به. اتضح أنه قضى جزءا كبيرا من حياته العملية على بعد دقائق من مدرسة ليلي، في مصنع قريب من المكان الذي كانت تعمل فيه أمها بالتبني. أخبرها أن أمها كانت تتعرض لسوء المعاملة في زواجها الأول، وأنه قابلها حين كان زوجها في السجن ونشأت بينهما علاقة قصيرة، لكنها كانت بيضاء، وحين اكتشفت حملها لم يكن واردا أن تحتفظ بالطفل المختلط العرق. قال لها إنها عانت من الاكتئاب. كان همها إسعاد زوجها، تماما مثل ليلي التي فعلت هذا طوال حياتها. وبينما كانت ليلي تستمع كانت تتمنى لو كانت إلى جانب |أمها لتحميها. في المرة الأولى التي قابلت فيها ليلي أباها جلست في سيارته وسألته إن كان بإمكانها ان تمسك يده. أخبرته عن كل شيء: الاحتيال والإدمان، الرجال الذين أساؤوا معاملتها والذين كانت تحس بسوء معاملتهم كشكل من اشكال التعبير عن الحب. أخبرها أبوها أنها رائعة، وأنه يحس بحب أبوي تجاهها. كانت هذه الكلمات التي أرادت سماعها. بعد ظهر أحد الأيام كانت ليلي جالسة وأمامها فنجان من القهوة في مركز مدينة شمالي البلاد. هي في إجازة ، ولم يكن أي غريب يراها بثيابها الأنيقة ليعنقد أنها ستعود إلى سجن. الحرية ما زالت بعيدة لكن عملها مع الأحداث يضفى معنى على أيامها.علاقتها بابنتها تتعافى وتزدهر. أهم من كل ذلك، اكتشفت شيئا كان يجذبها وتبحث عنه طوال حياتها، احترام الذات. "لم أحب نفسي أبدا" تقول وابتسامة على شفتيها. "الآن أحب نفسي". "I
مشاركة :