قال الممثل التجاري الأمريكي إن الصين وروسيا تفرضان تحديات فريدة وخطيرة على أعضاء منظمة التجارة العالمية والنظام التجاري المتعدد الأطراف، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى "فشلهما في تبني السياسات المنفتحة الموجهة نحو السوق". جاء ذلك خلال تقرير أصدره مكتب الممثل التجاري الأمريكي اليوم، يقيم فيه تنفيذ الصين وروسيا لالتزاماتهما الخاصة بمنظمة التجارة العالمية. ويتكون التقرير من كيانين منفصلين، الأول يتعلق بالصين (175 صفحة) والثاني بروسيا (57 صفحة)، وقد أصبحت الصين عضوا في منظمة التجارة في 2001 بينما انضمت روسيا إلى المنظمة في 2012. وينقسم التقرير المقدم إلى الكونجرس بشأن الامتثال الصيني إلى جزءين، الأول يقدم تقييم الإدارة الأمريكية لعضوية الصين في منظمة التجارة، و"التحديات الفريدة والخطيرة جدا" التي تشكلها سياسات وممارسات الصين التجارية للنظام التجاري المتعدد الأطراف وفعالية الاستراتيجيات التي اتبعتها الإدارة الأمريكية لمعالجة المشكلة. فيما يتناول الجزء الثاني، النظام التجاري الصيني بالتفصيل ويورد الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لحل المشاكل العديدة التي أثيرت. وأورد التقرير استمرار بكين في تبني نهج الاقتصاد والتجارة الذي تقوده الدولة، رغم توقعات أعضاء المنظمة أن تتحول الصين للانفتاح في اقتصادها والتوجه نحو سياسات السوق التي أقرتها منظمة التجارة. ويحدد التقرير ما أسماه "التكاليف الكبيرة" التي يتحملها أعضاء المنظمة نتيجة لنظام التجارة الصيني "المشكوك فيه". ويختتم الجزء الأول بمناقشة الجهود الثنائية والمتعددة الأطراف التي تبذلها الإدارة الأمريكية وغيرها من الدول الأعضاء في منظمة التجارة لمواجهة "التحديات الفريدة" التي تطرحها عضوية الصين في المنظمة. وأمام "فشل هذه الجهود"، يسلط التقرير الضوء أيضا على حاجة الولايات المتحدة إلى استراتيجيات جديدة وأكثر فعالية - بما في ذلك اتخاذ إجراءات خارج إطار منظمة التجارة عند الضرورة - لمعالجة المشاكل التي يطرحها النظام الاقتصادي الصيني غير السوقي. وفي تحليل النظام التجاري الصيني من منظور منظمة التجارة، يحدد التقرير ويشرح عديدا من السياسات والممارسات التي تنتهجها الصين التي "تلحق ضررا بالشركات والعمال الأمريكيين أو تؤذيهم، وكثيرا ما تكون قاسية". ويؤكد الممثل التجاري الأمريكي في تقريره أنه "على الرغم من الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لمعالجة هذه القضايا، فإن العديد منها يعكس مخاوف أمريكية طويلة الأمد تعود إلى عقد أو أكثر. الصين وعدت بمعالجة الشواغل الأمريكية لكنها لم تف بوعدها". ويقدم التقرير ما أسماه عينة صغيرة من الالتزامات الثنائية والمتعددة الأطراف التي لم تنفذها الصين، ومنها نقل التقنيات قسرا من الشركات الأمريكية، حيث تواصل الصين القيام بذلك من خلال تقييدها حرية الوصول إلى الأسواق، وإساءة استخدام العمليات الإدارية، وأنظمة الترخيص، وشراء الأصول، والسرقة الإلكترونية والمادية. والتزمت الصين بفتح سوق خدمات الدفع الإلكترونية في 2006، وتأكد هذا الالتزام في القرار الذي أصدرته هيئة تسوية المنازعات في منظمة التجارة عام 2012 نتيجة لشكوى قانونية أمريكية. ويشير التقرير، إلى أن الحقيقة القائمة هي أنه لا توجد شركات أجنبية لخدمات الدفع الإلكتروني تقوم بأعمال تجارية في السوق المحلية الصينية. في الوقت الذي ظل فيه استخدام الصين لإعانات التصدير والاستيراد منتشرا على مدى العقدين الماضيين في قطاعات متنوعة مثل السيارات، والمنسوجات، والأجهزة الدقيقة، والمنتجات الطبية، والزراعة، على الرغم من المحظورات الصريحة للدعم في اتفاق منظمة التجارة. ورغم التزام الصين بإعادة النظر في تطبيقات منتجات التقنيات الحيوية الزراعية في الوقت المناسب وبطريقه مستمرة قائمة على العالم وأن تفتح هذه السوق أمام الشركات الأجنبية، إلا أن السلطات التنظيمية الصينية تواصل دراسة الطلبات الأجنبية ببطء ودون مبرر علمي، في حين تواصل الشركات الصينية بناء قدراتها الخاصة في مجال التقنيات الحيوية الزراعية. وقامت الصين مرارا بنشر قيود تصدير غير قانونيه، مثل حصص التصدير، وتراخيص التصدير، والحد الأدنى لأسعار الصادرات، ورسوم التصدير، وغير ذلك من القيود، على عشرات من المواد الخام التي تمتلكها، ولا تزال تواصل فرض هذه القيود على الرغم من قضايا متعددة رفعتها الولايات المتحدة وأعضاء آخرين في منظمة التجارة لهيئة تسوية المنازعات. وتستخدم الصين هذه القيود التصديرية غير القانونية لتوفير مزايا كبيرة من حيث التكلفة لمجموعة واسعة من المنتجين النهائيين على حساب المنتجين الأجانب، مع الضغط عليهم لنقل عملياتهم، وتقنياتهم، ووظائفهم إلى الصين. ويرى التقرير أن أي استعراض لنظام التجارة الصيني يظهر أيضا أن النظام الرقابي في الصين مبهم لدرجة أنه غالبا ما يكون من الصعب على الشركات الأمريكية – أو حتى الحكومة الأمريكية – أن تفهم تماما المتطلبات القانونية للصين في منطقة معينة من الاقتصاد. وأضاف، أن هذه المشكلة تتفاقم بفضل "سجل الصين الضعيف للغاية في التقيد بالتزاماتها الخاصة بالشفافية" كعضو في منظمة التجارة. وتشكل أوجه القصور هذه حواجز تجارية خاصة بها وتقوض التنافسية للشركاء التجاريين الصينيين. ولمواجهة "التحديات الفريدة والخطيرة جدا" التي يطرحها نظام التجارة الصيني، تتبع الإدارة الأمريكية نهج الدفاع عن الشركات والعمال الأمريكيين من ممارسات التجارة غير العادلة في الصين، وتسعى إلى استعادة توازن العلاقات التجارية مع الصين. وكجزء من هذه الجهود، ستتخذ واشنطن جميع الإجراءات المناسبة لضمان أن تتحمل بكين وليس الولايات المتحدة تكاليف النظام الاقتصادي الصيني غير السوقي. وستواصل الولايات المتحدة أيضا تشجيع الصين على إجراء تغييرات هيكلية أساسية في نهجها إزاء الاقتصاد والتجارة بما يتسق مع النهج المنفتح والموجه نحو السوق الذي يتبعه الأعضاء الآخرون في منظمة التجارة العالمية، والمتأصل في مبادئ عدم التمييز، والوصول إلى الأسواق، والمعاملة بالمثل، والإنصاف والشفافية. ويقول التقرير إنه ينبغي للصين أن تدرك، أن هذه التغييرات لن تخفف التوترات التجارية المتنامية مع شركائها التجاريين، فحسب، بل إنها ستفيد الصين أيضا، من خلال وضع اقتصادها على مسار أكثر استدامة، وأنها ستسهم في نمو الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي. وأضاف أن عضوية منظمة التجارة تأتي مع توقعات بأن العضو المنضم لا يلتزم التزاما صارما بقواعد المنظمة فحسب، بل يدعم ويسعى أيضا إلى انتهاج سياسات منفتحة موجهة نحو السوق، لكن الصين لم تمتثل لهذه التوقعات. وأشار إلى أن الصين ابتعدت خلال السنوات الأخيرة، عن السياسات المنفتحة الموجهة نحو السوق واعتنقت بشكل أوفى نهجا قائما على الاقتصاد والتجارة بقيادة الدولة. إن سياسات وممارسات الصين المشوهة للسوق هذه تؤذي وتضر زملاءها من أعضاء المنظمة، حتى وإن كانت تجني فوائد هائلة من عضويتها في المنظمة. وبكلمات واضحة، ذكر التقرير، أن نهج الولايات المتحدة تجاه الصين أصبح أكثر عدوانية مما كان عليه في الماضي، وبسبب الضرورة، تستخدم واشنطن الآن جميع الأدوات المتاحة - بما في ذلك سبل الانتصاف التجارية المحلية، والمفاوضات الثنائية، والتقاضي أمام منظمة التجارة العالمية، والمشاركة الاستراتيجية مع شركاء تجاريين متشابهي التفكير للاستجابة للتحديات الفريدة والجدية التي تطرحها الصين. ويؤكد التقرير، أن هدف الولايات المتحدة إزاء الصين لا يزال كما متمثلا في إقامة علاقة تجارية عادلة، ومتبادلة، ومتوازنة
مشاركة :