نذر مواجهة عسكرية جنوب ليبيا بين حكومة الوفاق وحفتر

  • 2/8/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تونس – يندفع التصعيد في المواقف بين الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، نحو المزيد من التوتر الذي ينحو باتجاه مقاربات عسكرية خطيرة من شأنها إعادة صياغة المشهد بقواعد اشتباك جديدة لتحديد الاتجاهات في منطقة الجنوب القابلة للانزلاق نحو المجهول نتيجة تشابك الأجندات الإقليمية والدولية المحيطة بها. وقالت مصادر إعلامية ليبية محلية إن مجموعة مسلحة من التبو تحظى بدعم حكومة الوفاق، قامت الخميس بمهاجمة معسكر “تنيدي” في مدينة أوباري، الذي تمركزت فيه الكتيبة 177 بقيادة العميد خليفة الصغير، التي تتولى تأمين حقل الشرارة النفطي الواقع جنوب غرب المدينة. وليس من الصعب فهم مغزى ودلالة هذا الهجوم المسلح باعتباره يعكس محاولة من حكومة الوفاق، لإعادة ترتيب أوراقها على نحو يأخذ بعين الاعتبار عوامل المتغيرات العسكرية، التي مكنت الجيش الليبي من توسيع نفوذه في منطقة الجنوب، منذ انطلاقها قبل نحو 23 يومالكنه فتح مع ذلك، الباب على مصراعيه أمام تكهنات سابقة، بأن التطورات العسكرية في هذه الرقعة الجغرافية من التراب الليبي، لن تهدأ قريبا نظرا لموقعها الاستراتيجي، وثرواتها الطبيعية الهائلة، التي جعلت الهوة التي تفصل بين الأجندات الداخلية والإقليمية والدولية تتسع أكثر فأكثر. وكان لافتا أن الهجوم المذكور الذي تصدت له وحدات الجيش الليبي، جاء بعد ساعات من توجيه العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي، إنذارا شديد اللهجة للفريق ركن علي كنه الذي عينه فائز السراج مسؤولا عن المنطقة العسكرية بسبها، لـ”التوقف فورا عن الرسائل العبثية اليائسة التي قال بأنه يحاول إرسالها للجيش”. وكشف المسماري في تصريحات نشرها موقع الإخباري الليبي “المرصد” أن “كنه يتصل بقيادات من الجيش تعمل في أوباري ومحيطها، ويهددهم بإشعال الصراع القبلي في المدينة إذا لم تنسحب قوات الجيش الليبي منها”، وذلك في إشارة إلى الصراع الدموي الذي جرى بين التبو والطوارق ما بين عامي 2015 و2016. وكان فائز السراج الذي أدان بشدة عمليات الجيش الليبي التي تستهدف الإرهاب والعصابات التشادية في منطقة الجنوب، قد أصدر بوصفه قائدا عاما للجيش، قرارا بتكليف الفريق ركن علي كنه آمرا لمنطقة سبها العسكرية. وأثار هذا القرار في حينه، ردود فعل غاضبة في شرق ليبيا، لأنه يستجيب لخطط جماعة الإخوان المسلمين، وتنظيمات الإسلام السياسي، والأجندة القطرية في ليبيا، لاسيما وأن علي كنه سبق له أن أقام لفترة طويلة في قطر. واعتبر النائب البرلماني، إبراهيم الدرسي في اتصال هاتفي مع “العرب” من مدينة بنغازي بشرق ليبيا، أن تعيين علي كنه “مرده شعور المجلس الرئاسي برئاسة السراج، وداعميه من جماعة الإخوان والميليشيات، بالغيرة من الترحيب الواسع لقوات الجيش الليبي الذي أبداه سكان منطقة فزان”. ولفت إلى أن ذلك التعيين، “يهدف إلى إجهاض جهود الجيش لترسيخ الاستقرار في جنوب البلاد”، لكنه استدرك قائلا إن تحركات المجلس الرئاسي “لن يكون لها أثر كبير على سير العمليات العسكرية”. إلى ذلك، ذهب المحلل السياسي الليبي، كمال المرعاش، إلى القول إن تلك التحركات تعكس “الارتباك والتخبط اللذين يعاني منهما السراج وحكومته، في التعامل مع العملية العسكرية للجيش الليبي لتحرير الجنوب من الفوضى وانتشار عصابات التهريب والإرهاب، ومتمردي دول الساحل والصحراء”. وقال المرعاش لـ”العرب”، “إن مخاوف حكومة الوفاق برئاسة السراج من انتقال التأييد الشعبي لعملية الجيش الليبي إلى طرابلس، دفعت السراج إلى تبني نفس محاولات بث الفتن في مناطق سيطرة الجيش، تماما كما فعل من قبل في شرق البلاد”. واعتبر أن تعيين علي كنه وهو من الطوارق، الهدف منه “محاولة تأليب الطوارق في جنوب البلاد ضد الجيش”، معربا في هذا السياق أن مثل هذه المحاولات “لن تنجح في وقف التأييد الشعبي للجيش”.وفيما يتواصل الجدل حول موقف حكومة الوفاق، بدأت التطورات العسكرية في جنوب ليبيا، تأخذ بعدا إضافيا في المشهد الإقليمي والدولي، لاسيما بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، التي جدد فيها دعم بلاده للقوات العسكرية الليبية في حربها ضد الإرهاب. ورأى مراقبون أن مثل هذا الموقف الذي جاء بعد قصف جوي فرنسي لرتل من مسلحي المعارضة التشادية في جنوب ليبيا، يُعد “تأييدا ضمنيا لجهود الجيش الليبي للقضاء على العصابات المسلحة التي استباحت الجنوب الليبي، ورفضا لبعض الأجندات الإقليمية التي تسعى إلى استدامة الفوضى في ليبيا”. وكان العميد المسماري، لم يتردد في تصريحاته في الإشارة إلى أن الأجندة القطرية، التي قال إن الفريق علي كنه يحاول تنفيذها في الجنوب عامة وفي مدينة أوباري خاصة بمعية مهندسها القيادي الإخواني علي الصلابي، مرفوضة جملة وتفصيلا. ولفت إلى أن “الأجندة القطرية التي عاد بها علي كنه من حيث إقامته السابقة في الدوحة، مفضوحة ومعروفة بالأدلة والبراهين ولن يستطيع تنفيذها ما دام في القوات المسلحة الليبية قلب ينبض”. وعلى وقع هذه التطورات، يذهب المراقبون إلى القول إن التحذيرات التي أطلقها الجيش الليبي، لم تكن مجرد رسالة رافضة لتلك التحركات الإخوانية، وإنما تمثل نقطة تحول حاسمة تؤشر إلى أن ساعة الحسم قد اقتربت كثيرا لإعادة صياغة المشهد بقواعد اشتباك جديدة ستحدد الاتجاهات نحو الغرب الليبي.

مشاركة :