النص الكامل للقاء الخاص مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف - السيد الدكتور ظريف، نبدأ من الآليات المالية التي أعلنت عنها كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا للتعامل المالي مع إيران تحت اسم "ENSTEX" وأيدها الاتحاد الأوروبي، هل هذه الآلية المالية تحقق تطلعات إيران الاقتصادية من الاتفاق النووي؟ محمد جواد ظريف : لاحظ أن هذه الآلية تمثل إرادة الاتحاد الأوروبي، فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، أعلن الأوروبيون في شهر مايو 2018 بفيينا، في بيان للسيدة موغريني، ووزاء خارجية الدول الأوروبية الثلاثة، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أن هناك اثني عشر التزاماً من بينها تطبيع العلاقات المالية مع إيران، وضخ الاستثمارات في إيران، وبيع النفط والحصول على العائدات عبر المصارف، والتعاون في النقل والملاحة البحرية والجوية، وأن تستمر جميع أشكال التعاون، ووعدوا بالالتزام بتنفيذ هذه البنود، حسنا! لأجل أن يطبقوا ذلك، كانت هناك حاجة إلى آلية للالتفاف على العقوبات الأمريكية، أو الحد من آثارها السلبية، كانوا يعتقدون أنه يمكنهم الإعلان عن هذه الآلية خلال عدة شهور، لكن الأمر طال أكثر مما ظنوا، ربما كان سبب ذلك التأخير الضغوط الأمريكية، أو بسبب تلكؤ الأوروبيين أنفسهم، الآلية التي أُعلن عنها الآن، هي مجرد تمهيد، وليست آلية مالية بالمعنى الحقيقي، هي مقدمة تمهد الطريق للتواصل بين تجار الجانبين، ولتأمين العلاقات التجارية بين إيران وأوروبا، ومن المقرر توسيع نطاقها، لتشمل دولاً خارج الاتحاد الأوروبي، وسلعاً متعددة وليس فقط السلع غير المشمولة بالعقوبات، يجب أن نرى كيف ستعمل هذه الآلية، من الناحية النظرية، نعتقد أنها قادرة على العمل، برأيي هي طريقة ذكية للالتفاف على العقوبات، لكن يجب أن نرى كيف سيتم تطبيقها، ومن ثم كيف ستكون انطلاقة لوفاء أوروبا ببقية التزاماتها. الالتزامات الاثنا عشر التي أعلنوا عنها في بيان مايو 2018. المهم الآن هو هيبة أوروبا ومكانتها، أكثر من الحفاظ على مصالح إيران، نحن أمام امتحان لموقع أوروبا وهيبتها، وينبغي على الأوروبيين أن يقرروا، إجراءاتهم بالنسبة لنا هامة، إلا أننا لا نتوقف عن العمل وننتظر إجراءاتهم، كما تعلم فقد زرت مؤخراً العراق برفقة وفد اقتصادي كبير، والسيد نائب الرئيس زار سوريا، أجرينا زيارات عديدة إلى دول الجوار، إلى تركيا وباكستان وأذربيجان، وأفغانستان، ودول الجوار الشمالي، ولدينا علاقات متميزة مع روسيا والصين، لذلك نحن نتبع جميع وسائل التعاون والتنسيق الاقتصادي مع جميع الدول الصديقة، والآلية الأوروبية هي أيضاً مجرد وسيلة، وإذا أثبتت فاعليتها ستكون لصالح إيران والاتحاد الأوروبي على حد سواء. - أنتم في الخارجية الإيرانية أعلنتم أن تلك هي الخطوة الأولى من أوروبا، ما هي تحديدا الخطوات التالية التي تأملون من أوروبا أن تطبقها ؟ محمد جواد ظريف : الأوروبيون لديهم التزامات تجاه طهران سواء في بيان مايو 2018 أو في الاتفاق النوي، هناك التزامات واسعة، وعليهم الوفاء بها، وتشمل ضمان بيع النفط الإيراني والحصول على العائدات، واستمرار العلاقات المصرفية، كل ذلك جاء في بيانهم، وبعد إعلان الأوروبيين ذلك البيان، في اجتماع أربعة زائد واحد في فيينا و نيويورك، أي اجتماع الأعضاء المتبقين في الاتفاق النوي، أصدروا بياناً يضم التزامات، عليهم الوفاء بها ونحن بانتظار تطبيقها. - بيان الاتحاد الأوروبي مؤخراً أكد على مطلبين أساسيين وهما انضمام إيران إلى لوائج مجموعة العمل المالي، وخوض مفاوضات بشأن الصواريخ البالستية، ألا تخشون أن تتحول هذه الآلية إلى أداة للضغط على إيران وفرض هذين المطلبين كشروط ؟ محمد جواد ظريف : على الأوروبيين أولاً الوفاء بالتزاماتهم في الاتفاق النووي أولاً، وليسوا في المرحلة التي يمكنهم فيها فرض مطالب على إيران، نحن التزمنا بالاتفاق النووي، لقد أصدرت الوكالة الدولية ثلاثة عشر تقريراً أكدت فيها التزام إيران بالاتفاق، والجميع يعرف أن أمريكا هي من انسحب من الاتفاق النووي، والأوروبيون لم يتمكنوا من تطبيقه، الهدف من الاتفاق كان استئناف العلاقات الاقتصادية مع إيران، وعودتها إلى شكلها الطبيعي، لكن جميع الشركات الأوروبية غادرت إيران، لذلك، وقبل أن يتحدث الأوروبيون عن قضايا أخرى، ينبغي عليهم أن يفوا بالتزاماتهم التي لم يفوا بها بعد عملياً، لا أريد أن أقول إنهم تنصلوا من التزاماتهم أو انتهكوها، لكنهم تقاعسوا عن تطبيقها، فيما يخص مجموعة العمل المالي، نحن نطبق لوائحها في إطار قوانيننا الداخلية، الجمهورية الإسلامية ضحية للإرهاب، نحن نكافح غسيل الأموال وفقاً لقوانيننا المحلية، ما تم التصويت عليه في البرلمان، يجب أن يمر بمراحل قانونية، ثم علينا أن نرى كيف سيقرر المسؤولون في مؤسسات الدولة. الحكومة أعلنت تأييدها للانضمام إلى هذه اللوائح، ونحن نعتقد أن إدراج اسم إيران في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، كان غير واقعي منذ البداية. أما فيما يخص الصواريخ البالستية، ليس الأمر بتوجيه الاتهامات لإيران مثلما يفعل الأوروبيون والأمريكيون، إنما يحدث في المنطقة، هو ضخ الأسلحة الأوروبية والأمريكية، هذه الأسلحة تقتل الناس في مكان ما كاليمن، هذه الأسلحة التي يلقونها فوق رؤوس اليمنيين ويقتلونهم بها، هي ليست صناعة محلية، إما صناعة أمريكية أو فرنسية أو بريطانية أو أوروبية ، عليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم، أما صواريخ الجمهورية الإسلامية فهي دفاعية، لم تستخدم ضد أحد سوى الجماعات الإرهابية، أما الأسلحة الأوروبية والأمريكية، فتستهدف حتى اليوم المدنيين اليمنيين، وأهالي غزة، والضفة الغربية، والشعب اللبناني، والشعب السوري، ومثلما سمعنا في الأخبار، الأسلحة الأمريكية في يد السعودية لا تستخدم فحسب ضد الشعب اليمني، بل تقدمها السعودية إلى تنظيم القاعدة في اليمن، ينبغي على أمريكا وأوروبا أن تتحمل مسؤولية هذا الكلام، و لاينبغي لوم إيران على صواريخ تمتلكها للدفاع عن نفسها، وهذا الموضوع لا علاقة له بالاتفاق النووي، أو الآلية المالية الأوروبية. المهم، قبل أن يتحدث الأوروبيون عن بقية القضايا، عليهم أولا الوفاء بالتزاماتهم في الاتفاق النووي، بعد ذلك يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم عن ضخ كل هذه الكميات من الأسلحة في منطقتنا. - في حال أصرت أوروبا على فرض هذين الشرطين ماذا سيكون موقف إيران؟ هل ستنسحبون من الاتفاق النووي؟ محمد جواد ظريف : لدى إيران العديد من الخيارات، هذان شرطان لا علاقة لهما بالاتفاق النووي، لكن إذا كان الطرف المقابل لا يريد الوفاء بالتزاماته في الاتفاق النووي، حينها سيكون لدينا العديد من الخيارات، الانسحاب من الاتفاق النووي أحد خياراتنا المطروحة، إذا قررنا الانسحاب سيكون ذلك رداً على انسحاب واشنطن وتقاعس أوروبا، نحن لا ننسحب من الاتفاق هكذا، بل ردة فعل على إجراءات الطرف المقابل، لكن هذا ليس خيارنا الأول، لدينا العديد من الخيارات، على أوروبا أن تتخذ قرارها، ونحن سنتخذ قرارنا بناء عليه. - سيد ظريف، بعد انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات على طهران، لاحظنا تدنيا قياسيا لقيمة العملة المحلية وارتفاعا غير مسبوق في الأسعار بمعنى أن الضغوط الاقتصادية على المواطن الإيراني اليوم باتت أكبر مما كانت عليه قبل توقيع الاتفاق النووي، اليوم هناك انتقادات داخلية حادة ضدكم وضد الحكومة بشأن الاتفاق النووي، يقولون إن الأوضاع قبل الاتفاق كانت أفضل، معالي الوزير هل أنت نادم على إبرام الاتفاق النووي؟ محمد جواد ظريف : لا بالمطلق! - إذاعادالزمانإلىالوراءهلكنتستفاوضالأمريكيين؟ محمد جواد ظريف : بالطبع كنا سنتفاوض، بناء على تلك الظروف، وعلى ضرورات المرحلة، ولأننا كنا نسعى لإحباط مشروع أمني كان يحاك ضد إيران من قبل الكيان الصهيوني وأمريكا، خضنا المفاوضات، وحققنا جميع أهدافنا منها، ألغينا ستة قرارات في الأمم المتحدة ضد إيران، ولأول مرة في تاريخ مجلس الأمن تخرج دولة من البند السابع لميثاق الأمم المتحدة من دون أن تتخلى عن أي شيء يخص مصالحها الوطنية، أو تقوم بخطوة ضد مصالحها، هناك دول أخرى وضعت جميع مقدراتها تحت سيطرة الطرف المقابل، لكنه تم القضاء عليها فيما بعد، مثل ليبيا ودول أخرى، إيران حققت العديد من الأهداف من الاتفاق النووي، وهي أهداف كبيرة، أما ألا يكون الأمريكيون ملتزمين بالاتفاق النووي، فهذا يدل على أنهم ليسوا أهلاً للثقة، يمكن الإجابة عن سؤالك بهذه الطريقة، إذا كنت مكان المجتمع الدولي، هل كنت ستمتنع عن توقيع اتفاقية باريس ؟ إذا كنت مكان المجتمع الدولي هل كنت ستغلق أبواب اليونسكو لمجرد أن أمريكا أرادت الانسحاب منها؟، إذا كنت مكان المجتمع الدولي هل كنت ستغلق مجلس حقوق الإنسان لأن أمريكا انسحبت منه ؟ الواقع أن أمريكا دولة تلتف على القانون، ولا أهمية له بالنسبة لها، انتهكت جميع معادلات العلاقات السياسية الدولية، والعالم بات يدرك ذلك بشكل جيد، أي مكان تذهب إليه سترى أن القضية الأكثر تداولاً في المجتمع الدولي، هي أحادية أمريكا في تصرفاتها وتنصلها من القانون، لذلك لقد كان الاتفاق إنجازاً مهماً بالنسبة إلى إيران، والمجتمع الدولي، لقد أثبت الأمريكيون عبر انسحابهم منه، أنهم ليسوا طرفاً جيداً في الاتفاقات الدولية، كما أنه لم تبق اتفاقية في العالم ولم تنسحب منها أمريكا، يقول المنتقدون لنا في الداخل، إنه لو تمت المصادقة على الاتفاق النووي من قبل الكونغرس الأمريكي لكان الحال مختلفاً الآن، ألم يصادق الكونغرس الأمريكي على معاهدة التخلص من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى والتي انسحبت منها أمريكا قبل أيام؟ ألم يصادق الكونغرس الأمريكي على انضمام أمريكا إلى منظمة اليونسكو؟ ألم يصادق على معاهدة التجارة الحرة نافتا ؟ ألم يصادق الكونغرس على اتفاقية عام 1955 مع إيران؟ الإدارة الأمريكية الحالية وجودها غريب على هذه الأرض. - هناك الآن جدل كبير في إيران بشأن الانضمام إلى لوائح قانون العمل المالي، والملف الآن على طاولة مجمع تشخيص مصلحة النظام، هل ترى أن الانضمام إلى هذا القانون سيكون لصالح إيران؟ محمد جواد ظريف : القضية هي إخراج إيران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، لأن وضعها فيها كان غير منصف، نعم نحن في الخارجية وفي الحكومة وحتى في البرلمان صادقنا عليها لأننا نرى أنها لصالح البلاد، لكن هناك قلق لدى بعض المؤسسات ويجب أن يزول هذا القلق . - لكن انضمام إيران لمعاهدة مكافحة تمويل الإرهاب قد يؤثر على فيلق القدس في الحرس الثوري، ودعم طهران لحزب الله وحركة حماس ! كونها منظمات مصنفة على أنها إرهابية في أوروبا ! محمد جواد ظريف : هذه نظرة خاطئة لا تتفق ونص اللوائح، معيارنا ليس أمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني، نحن لا نكترث لرأي الكيان الصهيوني فهو أكثر داعمي الإرهاب قذارة، ويمارس إرهاب الدولة في المنطقة والعالم، وهم ليسوا في مكان يؤهلهم ليقولوا إن التعاون مع مجموعة ما مسموح، والتعاون مع مجموعة أخرى ممنوع، مجلس الأمن الدولي هو من يقرر. - ننتقل إلى الملف السوري، حيث التقيتم الثلاثاء مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم والمبعوث الأممي لأجل سوريا جير بترسون، كذلك زار طهران السبت الكساندر لافرنتيف ممثل الرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، هذه اللقاءات تأتي قبل قمة سوتشي بين إيران وروسيا وتركيا بشأن سوريا، هل ستناقشون اللجنة الدستورية السورية أم انسحاب أمريكا من سوريا أم الوضع في محافظة إدلب ؟ محمد جواد ظريف : سنناقش جميع هذه القضايا التي أشرت إليها، إضافة إلى العدوان الإسرائيلي وتكراره على سوريا، هذه القضايا سنبحثها في سوتشي، لقد ضاعفنا مباحثاتنا قبل انعقاد القمة، فبالإضافة إلى السيد وليد المعلم، زارنا السيد بدرسون، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، وبحثنا معا العديد من القضايا، والمسؤولون في الخارجية بحثوا قضايا عدة مع الجانبين الروسي والتركي وبقية الدول، كي نتمكن من تحقيق أفضل مشاورات سياسية في سوتشي، موقفنا واضح تماماً، أفضل طريقة لاستعادة السيادة في سوريا، والحفاظ على السلام والأمن في المنطقة، هو أن تبسط الحكومة السورية القانونية سيادتها على جميع الأراضي السورية، وإن انتشار قواتها على الحدود بناء على اتفاقية أضنة أكبر ضامن لتأمين الحدود التركية كذلك، نحن نسعى مع سائر الدول إلى تحقيق ذلك، أما فيما يخص انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، فإن دخولهم إليها كان غير قانوني منذ البداية، وما كان ينبغي أن يبقوا في تلك المناطق منذ البداية، ويجب أن ينسحبوا بشكل عاجل، انسحابهم سيصب في صالح المنطقة، وجود القوات الأمريكية في دول المنطقة لم يكن لصالح أحد، وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أن وجودهم لم يكن في مصلحة أمريكا نفسها، لذا ينبغي أن تخرج قواتهم من المنطقة بشكل عاجل، أما فيما يخص محافظة إدلب، فإن الأوضاع هناك خطيرة للغاية، ولذلك يجب حل القضية هناك، لأن جبهة النصرة تسيطر على القسم الأكبر من المحافظة، وهي بيد المسلحين، وجبهة النصرة ليست جزءاً من وقف إطلاق النار، لذلك ينبغي حل الأمر بشكل عاجل، بما فيها مشكلة الانتشار الواسع للنصرة في إدلب لنحول دون تفاقم الأوضاع بشكل أكثر، أما فيما يخص تشكيل اللجنة الدستورية السورية، فنحن نؤمن بضرورة بدء العملية السياسية في سوريا في أقرب وقت، منذ أن توليت حقيبة الخارجية في إيران قبل نحو خمس سنوات ونصف، أعلنا عن خارطة طريق من أربع بنود لحل الأزمة السورية، نحن نؤمن بألا حلول عسكرية للأزمة السورية، والحل الوحيد هو بالوسائل السياسية، بعض الدول كانت تأمل في ذلك الوقت، بأن تتمكن من تحقيق أهدافها في سوريا بالطرق العسكرية، اليوم لم يعد أحد في العالم يؤمن بذلك، نحن نأمل اليوم أن يتخلوا عن أهدافهم الأخرى التي لاتزال تحول دون التوصل إلى السلام في سوريا، وأن ينضموا إلى العملية التي يحددها الشعب السوري لتقرير مصيره. - تركيا دولة مقربة منكم وتتابحثون معها في إطار أستانا وهي تهدد باجتياح الشمال السوري، هل لديكم خطوط حمراء بهذا الشأن؟ وما الذي ستقدمون عليه فعليا على الأرض؟ محمد جواد ظريف : لقد تحدثنا كثيرا مع أصدقائنا في تركيا بشأن عملياتهم العسكرية في سوريا، كانت مباحثاتنا ثلاثية و ثنائية، موقفنا هو أن السبيل الوحيد لاستعادة الأمن والاستقرار في سوريا وتأمين الحدود التركية السورية وإزالة القلق المشروع لدى تركيا لحماية أراضيها من الإرهاب، هو أن تنتشر قوات الجيش السوري على الجانب السوري من الحدود، ولا يمكن استبدال احتلال بآخر، بل إن الحل هو تحرير تلك الأراضي وانتشار القوات السورية صاحبة الأرض، وبسط سيادتها، فهي القادرة على توفير الأمن في تلك المناطق، إيران وروسيا جاهزتان لمساعدة تركيا وسوريا للتوصل إلى حل. - بناء على علاقاتكم الجيدة مع كل من تركيا وسوريا، هل سعيتم إلى وساطة لعودة الحد الأنى من العلاقات بين دمشق وأنقرة ؟ محمد جواد ظريف : نحن نعتقد أن العلاقة بين تركيا وسوريا تصب في صالح المنطقة، وفي حال طلب منا الطرفان ذلك، فنحن مستعدون للعب دور الوسيط. - هناك من يتحدثون عن اختلاف بين روسيا وإيران بشأن رؤية التسوية السياسية في سوريا، ما حقيقة ذلك؟ محمد جواد ظريف : ليس لدينا أي خلاف مع روسيا بشأن العملية السياسية السورية، نحن في إيران نعتقد أنه يجب أن تبدأ العملية السياسية، بالطبع يمكن أن يكون هناك تباين في قضايا جزئية، ونحن نحل ذلك عبر الحوار، لدينا نقاط مشتركة عديدة مع روسيا في سوريا، حتى مع تركيا كذلك كانت هناك خلافات حقيقية في وقت سابق، ومع بدء عملية أستانا، تمكنا من التوصل إلى نقاط مشتركة جيدة، وحققنا إنجازات كبيرة في سوريا، اليوم في سوريا لا توجد حرب، ليس هناك قتلى بشكل يومي، والفضل في ذلك يعود إلى اتفاقات أستانا وإطار أستانا والدول الثلاثة إيران وروسيا وتركيا، لقد تمكنا من الجلوس إلى جانب بعضنا بعضاً وتوصلنا لحلول، وهذه هي الطريقة الأمثل لحل جميع القضايا العالقة. - هل روسيا تمنع إيران من الرد على العمليات الإسرائيلية ضد سوريا ؟ محمد جواد ظريف : لدينا مع روسيا مباحثات متواصلة بشأن هذه العمليات، إيران تقرر بناء على مصالحها ونحن نتشاور دوماً مع أصدقائنا في روسيا بهذا الشأن، المهم أن على إسرائيل أن تكف عن انتهاكاتها لسيادة الأراضي السورية، وأن توقف عدوانها البري والجوي على سوريا، هذه الاعتداءات انتهاك للقوانين الدولية وعلى إسرائيل الالتزام بها، عمليات إسرائيل في سوريا ستثير التوتر بشكل كبير وخطير، وهي مغامرة، وعلى المجتمع الدولي أن يقف في وجه هذه التصرفات، ومنع الكيان الصهيوني من مواصلة اعتداءاته في المنطقة التي تعرض كل الشرق الأوسط للخطر. - إلى متى ستبقى إيران تضبط نفسها تجاه هذه العمليات ؟ محمد جواد ظريف : نحن نقرر بناء على مصالحنا، عندما تقتضي المصلحة سنرد بالشكل المناسب. - مؤخراً لاحظنا سعي بعض الدول العربية لتحسين علاقاتها مع سوريا كالإمارات التي فتحت سفارتها في دمشق، هل تعتقدون أن التقارب العربي مع سوريا سيضعف نفوذ إيران في سوريا؟ وهل تؤيدون عودة سوريا إلى الجامعة العربية ؟ محمد جواد ظريف : هذا قرار بيد الحكومة السورية والجامعة العربية، نحن نعتقد أن الجامعة العربية وغالبية الدول العربية ارتكبت خطأ فادحاً في الماضي، وكلما أسرعوا في تصحيح هذا الخطأ، سيكون الأمر لصالحهم، الجمهورية الإسلامية لا تسعى إلى السيطرة والنفوذ كي يكون حضور الآخرين حائلاً أمام ذلك، نحن نسعى إلى علاقات جيدة مع جميع الدول، في زمن الهجمات الإرهابية كنا إلى جانب الشعب السوري، وكنا إلى جانب الشعب العراقي، ونشاهد اليوم كيف يشكر العراقيون إيران على دعمها لهم، بالطبع الشعبان السوري والعراقي هما من هزما الإرهاب، نحن وفقنا إلى جانبهم ليس أكثر، هم يعرفون من كان إلى جانبهم عندما كانوا يحاربون الإرهاب، ويعرفون كذلك من كان إلى جانب الإرهاب ضدهم، هذا سيكون له أثر تاريخي على ذاكرة الشعبين العراقي والسوري. - الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يتوقف عن الحديث عن إيران، ومنذ أن تسلم الإدارة الأمريكية يمارس الضغوط السياسية والاقتصادية والنفسية، هل تعتقدون أن هذه الضغوط ستؤدي إلى إشعال حرب مع إيران ؟ محمد جواد ظريف : لاحظ أن أمريكا تمارس الضغوط على إيران منذ أربعين عاماً، هذه الضغوط بدأت منذ الانقلاب على حكومة مصدق، إلى الحرب مع العراق إلى دعم الديكتاتوريين في المنطقة ضد إيران، الضغوط شملت كل شيء، في المقابل الشعب الإيراني حقق تقدماً، قاوم، وبالطبع دفع ثمن ذلك، كنا نفضل ألا ندفع ذلك الثمن، بالطبع كان شعبنا يفضل ألا يدفع الثمن، لكن الحقيقة أن بعض قادة الإدارة الأمريكية قالوا إن الجمهورية الإسلامية لن تعيش حتى عام 2019، ولن تحتفل بالعيد الأربعين لانتصار الثورة، ونحن الآن نعيش احتفالات الذكرى الأربعين لانتصار الثورة، بالتأكيد إن إدارة أمريكا الحالية، والإدارات المقبلة، ستذهب، ونحن شعب إيران باقون هنا، وما يريده الشعب الإيراني سيتحقق، مثلما تحقق حتى الآن ما يريد، ليست هذه الإدارة الأمريكية الأولى التي تمارس الحد الأقصى من الضغوط على إيران، لدينا تجربة أربعين عاماً من الضغوط. - لكن أمريكا تسعى الآن إلى إيجاد تحالف في وارسو ! محمد جواد ظريف : وهذه ليست المرة الأولى كذلك، أمريكا في السابق عقدت مؤتمراً في شرم الشيخ لتشكيل تحالف ضد إيران، انظر إلى صور أولئك الذين شاركوا في ذلك المؤتمر، أين هم الآن؟ وفي وارسو، سيكون هناك حراك مهزوم قبل أن يبدأ، لأن الأمريكيين غير واثقين من هذا المؤتمر، حتى أنهم سيفشلون في إصدار بيان عن هذا المؤتمر في وارسو، الجميع يعلم أن الأمريكيين قالوا إنهم في نهاية المؤتمر سيصدرون عرضاً لنتائج المؤتمر، لأنهم يدركون أنهم في حال أصدروا بياناً عن الاجتماع الذي دعوا إليه، سيواجهون معارضة غالبية الدول المشاركة، أغلب الدول ستقول لأمريكا أخطأت بالانسحاب من الاتفاق النووي، أنتم تعرفون أن أمريكا منذ العام الماضي، عقدت أربعة اجتماعات في مجلس الأمن الدولي ضد إيران، في إحدى الاجتماعات شارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي اجتماع آخر شارك وزير خارجيته، لم يتمكنوا في أي منها من إصدار قرار واحد ضد إيران، ما تمكنوا من فعله هو منح الآخرين فرصة ليقولوا لهم أخطأتم بانسحابكم من الاتفاق النووي، لذلك فإن مؤتمر وارسو، سيكون عرضاً مسرحياً ساخراً، لأنهم سيعلنون بأنفسهم عن موقف ما من دون تأييد بقية الدول المشاركة والتي ستضيع يومين من وقتها لا أكثر. - معالي الوزير من المعروف أنك من الداعين إلى الحوار مع دول الجوار العربي، لكن العلاقات الآن مع دول عربية كالسعودية والإمارات في أسوأ حالاتها، هل تعتقدون أن باب الحوار من السعودية قد أغلق تماماً؟ محمد جواد ظريف : لا، باب الحوار مع جيراننا مفتوح دوماً، لكن على جيراننا العرب أن يغيروا سلوكهم، ونحن مستعدون للحوار دوماً. - لكن زيارة قائد الحرس الثوري مؤخراً إلى جزيرة أبو موسى المتنازع عليها قد تثير بعض الدول كالإمارات والسعودية ! محمد جواد ظريف : لا، نحن ندافع عن أرضنا، وهذا الأمر لا يحتاج إلى مجاملة، لا نسعى للاعتداء على أي دولة، لكن الجميع يعرف أننا لا نتردد بالمطلق في الدفاع عن أرضنا. - كيف تنظرون إلى الاتهامات الموجهة لمسؤولين سعوديين في مقتل الصحفي جمال خاشقجي؟ وكيف ترون استمرار السعودية والإمارات والبحرين في مقاطعة قطر ؟ محمد جواد ظريف : نحن نعتقد أن هذه السياسات امتداد لبعضها، وبعضها أثار اهتمام المجتمع الدولي بشكل كبير، لكن لاينبغي على المجتمع الدولي أن ينسى أن السعودية هي من دعمت الإرهاب، ونشرت المتطرفين في العالم، كل الجماعات المتطرفة كانت على اتصال بشكل ما مع السعودية، وهي التي تقصف اليمن، السعودية هي التي تحاصر قطر، وهو ما نرفضه، قطر دولة جارة للسعودية، قطر كانت إلى جانب السعودية في سوريا واليمن، بالطبع كان ذلك خطأ تاريخيا، السعودية دولة اختطفت رئيس وزراء دولة أخرى واعتقلته، النتيجة الطبيعية لهذا السلوك السعودي ما حدث في اسطنبول للصحفي جمال خاشقجي، ينبغي على المجتمع الدولي أن يسأل نفسه، لماذا سمح بخلق اعتقاد لدى حكام السعودية، بأنه يمكنهم فعل ما فعلوه من دون عقاب، السعودية لم تعاقب مقابل جميع تصرفاتها، كذلك الكيان الصهيوني بقي من دون عقاب على كل ما ارتكبه من جرائم، يعتقد السعوديون أنهم في حال تمتعوا بعلاقة جيدة مع البيت الأبيض، يمكنهم أن يفعلوا ما يحلو لهم، هذه هي المشكلة التي ينبغي على المجتمع الدولي أن يحلها. - شهدنا مؤخراً تشكيل الحكومة اللبنانية، هل خضتم مباحثات مع السعودية أدت إلى تفاهمات نتج عنها تشكيل الحكومة اللبنانية؟ محمد جواد ظريف : أولاً، إن تشكيل الحكومة اللبنانية إنجاز للشعب اللبناني والسياسيين اللبنانيين ونحن نبارك لهم حكمتهم، ونبارك لهم تشكيل الحكومة، لكن لم يكن هناك أي مباحثات بين إيران والسعودية بشأن تشكيل الحكومة اللبنانية. - شهدنا أن اتفاق السويد بشأن اليمن قد فشل تطبيقه على الأرض، باعتقادكم من المسؤول عن فشله وهل تسعون لإنجاح اتفاق جديد ؟ محمد جواد ظريف : نحن بذلنا كل مساعينا لعقد مباحثات السويد، وليشارك فيها الطرفان اليمنيّان، وشجعنا على التوصل إلى اتفاق يتم تطبيقه، لكن للأسف، المجتمع الدولي وخاصة الدول الحليفة للسعودية، لم تتمكن من حث السعودية والإمارات على الوفاء بالتزاماتهم في الاتفاق.
مشاركة :