نيويورك - سجّلت صحيفة نيويورك تايمز ارتفاعا في عدد مشتركيها على الإنترنت في الربع الأخير من 2018 وبات عددهم يبلغ 4.3 ملايين مشترك، وهي تطمح أن يتخطّى عددهم 10 ملايين بحلول 2025، بحسب ما كشفت المجموعة في بيان. وزاد عدد المشتركين في النسخة الرقمية من الصحيفة خلال الأشهر الثلاثة لأخيرة من العام الماضي، بواقع 265 ألفا، وهو أكبر ازدياد تشهده المجموعة منذ الربع الأوّل من العام 2017، أي عندما تسلّم دونالد ترامب زمام الرئاسة. وأعلن المدير التنفيذي مارك تومسون في بيان عن سعي المجموعة إلى أن يتخطى عدد المشتركين فيها 10 ملايين في 2025. وقال “ننوي تسريع وتيرة النموّ في المجال الرقمي وسوف نضخّ استثمارات جديدة في الصحافة والمنتجات وخدمات التسويق عام 2019”. وبالرغم من ازدياد عدد المشتركين، تراجعت عائدات الاشتراكات بنسبة 2.2 بالمئة في الربع الأخير من 2018. وفي حين ارتفع رقم أعمال الاشتراكات على الإنترنت بنسبة 9.3 بالمئة، انخفض ذلك الخاص بالنسخة الورقية وبالحزمة الرقمية الورقية بنسبة 8.5 بالمئة.وفي الربع الأخير من 2018، حققت المجموعة رقم أعمال بقيمة 502 مليون دولار ليبلغ مجموعه السنوي 1.74 مليار سنة 2018، مرتفعا بنسبة 4.4 بالمئة. وبلغ صافي إيرادات “نيويورك تايمز” 127 مليون دولار سنة 2018، في مقابل 6 ملايين لا غير في 2017، وهو عام تخللته تعديلات ضريبية كبيرة ومعاشات تقاعدية كثيرة. وتراهن اليوم وسائل إعلام كثيرة على الاشتراك المدفوع عبر الإنترنت، حيث يتوقع الناشرون أن يكون الاشتراك مصدر الإيرادات الرئيس في العام 2019. ويؤكد أكثر من نصف الناشرين، بنسبة 52 بالمئة، أن الاشتراكات ستصبح مصدر الدخل الرئيسي في عام 2019، مقارنةً بنسبة 27 بالمئة لإيرادات الإعلانات. وفق تقرير نشره معهد رويترز لعام 2018. وقال التقرير إنه بالنسبة لهذا المقياس السنوي للممارسات الرقمية في قطاع الإعلام الرقمي، قام مركز أبحاث الصحافة التابع لجامعة أكسفورد بإجراء مسح على 200 مدير تنفيذي في حوالي 130 وسيلة إعلامية من 29 دولة. وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية، أن جزءا كبيرا من وسائل الإعلام الدولية بدأت في تقليل المحتوى الإعلامي المجاني بشكل متزايد.ووفقًا لمعهد رويترز، فإن عام 2019 قد يشهد زيادة في تحميل البرامج للهروب من معضلة الدفع الإلكتروني، التي تجبر الزائرين على الاشتراك في قراءة مقالات الموقع. وأوضح أن الانخفاض الحاد في عائدات الإعلانات عبر الإنترنت يشير إلى “التغيير الجذري في النهج”، حيث ينتقل المعلنون الآن بشكل رئيسي إلى غوغل وفيسبوك، اللذين يمكنهما استهداف جمهورهما على نحو أكثر فعالية وعلى نطاق أوسع من مواقع الصحف والإذاعة والتلفزيون، إذ يستحوذ العملاقان الأميركيان وحدهما على 79 بالمئة من استثمارات الإعلانات عبر الإنترنت، و93 بالمئة على الهاتف المحمول، وهو ما جعل الناشرين يبحثون عن حلول أخرى لتأمين الإيرادات التي خسروها في قطاع الإعلانات الرقمية فكان الخيار الأمثل المراهنة على الاشتراكات. وأشارت ريبيكا ليب الأخصائية في وسائل الإعلام الرقمية في شركة “كاليدو إنسايتس”، في وقت سابق، إلى وجود “منحى يرتسم بوضوح لتوجه الناس إلى الدفع للحصول على مصدر واحد على الأقل من المعلومات”. وأضافت أن المستهلكين أدركوا قيمة الصحافة الاستقصائية تحديدا ما جعلهم أكثر استعدادا للدفع بهدف الاستفادة منها. ويفترض خبراء الاتصال أن غزو الأساليب الرقمية لكامل مناحي الحياة اليومية، ساعد في تكريس هذا المفهوم، مع انتشار الخدمات المدفوعة للألبومات الموسيقية وأشرطة الفيديو والمسلسلات والأفلام في قنوات الإنترنت المتخصصة.وقال داميان رادكليف، أستاذ الصحافة في جامعة أوريغون والعضو في مركز الصحافة الرقمية بجامعة كولومبيا في نيويورك إن “خدمات مثل نتفليكس وسبوتيفاي ساعدت الناس في التعود على الدفع في مقابل مضامين رقمية كانوا يحصلون عليها مجانا”. وتابع “يدرك الناس أن عليهم الدفع إذا ما كانوا يقدّرون الصحافة خصوصا في الجو السياسي الحالي”. وكانت دراسة سابقة لمعهد “ميديا انسايت بروجكت” للبحوث كشفت أن 53 بالمئة من الأميركيين دفعوا أموالا في مقابل الحصول على اشتراك واحد على الأقل في وسيلة إعلامية. وبحسب تحقيق لجامعة أكسفورد البريطانية، فإن ثلثي الصحف الأوروبية يعتمدان نموذجا قائما على الدفع. وتواجه الصحف الساعية إلى الانتقال من النسخ الورقية إلى نظيرتها الرقمية صعوبات في تعويض خسارة العائدات الإعلانية التي تمثل منذ زمن طويل خشبة الخلاص لمنشورات كثيرة. وهي غير قادرة على منافسة مجموعات عملاقة مثل غوغل وفيسبوك في الإعلانات الإلكترونية. ولفت المستشار المتخصص في القطاع الإعلامي كن دكتور إلى أن “المردود المتأتي من القراء يجب أن يكون المصدر الأول للمجموعات الإعلامية الكبرى سواء كانت مناطقية أو وطنية إذا ما أرادت الاستعانة بفريق كبير من الصحافيين”. وكانت شركة غوغل قد أجرت اختبارات مع صحيفتي نيويورك تايمز وفايننشال تايمز، لتشجيع وتبسيط الاشتراكات، بسبب المشاكل التي يواجهها الناشرون في تحويل باحثي غوغل إلى زبائن يقدمون معاليم الاشتراك، بينما يفكر القراء طوال الوقت في الأسباب التي قد تجعلهم يدفعون أموالا، فيما يجدون ما يودون قراءته مجانا عبر غوغل، وهو ما يضع صناع المحتوى أمام رهان الجودة. وقال موقع Engadget الأميركي إن شركة غوغل تساعد الناشرين على معرفة من يمكنه الاشتراك، وتحديد مقدار استعداد الأشخاص للدفع وتسريع عملية الاشتراك، وأكدت الشركة أنها ستعتمد على خدمات استهداف الإعلانات والدفع بواسطة الهاتف.
مشاركة :