كشف خبراء في الولايات المتحدة عن فضيحة جديدة للنظام القطري يسعون من خلالها لاستخدام المال والقرصنة الإلكترونية للسيطرة على السياسة الخارجية الأميركية، وتوجيهها لصالح نظام الحمدين. وأوضحت صحيفة «واشنطن فري بيكون» الأميركية في مقال كتبه آدم كريدو أن النظام القطري ضالع في عمليات سرية للتجسس الإلكتروني على الأراضي الأميركية، كما يواصل إنفاق ملايين الدولارات على موظفين بارزين في واشنطن، كجزء من حملة مستمرة لتغيير المشهد السياسي الأميركي، وفقا لمسؤولي الاستخبارات السابقين وخبراء آخرين. وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن عمليات النفوذ القطرية كانت خفية إلى حد كبير، ولكنها مكنت البلاد من حشد نفوذها السياسي المتضخم في جميع أنحاء أوروبا، وخاصة في واشنطن العاصمة، حيث يقال إن بعضا من أقوى الدبلوماسيين والمطلعين على الشؤون السياسية يعملون لصالح الدوحة. وفي الوقت الذي مولت فيه قطر منذ سنوات عدة مراكز أبحاث بارزة في البيت الأبيض مثل معهد بروكينجز، لم يتضح مدى تأثير عملياتها الضخمة بشكل كامل حتى العام الماضي، عندما تأكد أن الدوحة قامت بتمويل عمليات قرصنة ضد نحو 1500 شخص.، بما في ذلك أبرز السياسيين في العاصمة واشنطن. كما كشف فريق من الخبراء خلال مؤتمر عقد يوم الأربعاء الماضي عن جهود قطر لكسب مزيد من النفوذ بين قوى إقليمية ودولية. وقال رونالد ساندي، وهو محلل كبير سابق في المخابرات العسكرية الهولندية، وهو بين العديد من الذين عانوا القرصنة القطرية «ما نراه حقيقة هو أن القطريين يلعبون لعبة خبيثة للغاية». وبالإضافة إلى توظيف جواسيس سابقين من المخابرات البريطانية، يعتقد أن قطر قامت بعمليات تجسس على الأعداء والحلفاء على حد سواء، حسب قول ساندي. وهذا يتضمن فضيحة كبيرة ومستمرة مع الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» التي يواجه نظام الحمدين اتهامات بأنه قدم رشاوى إلى العشرات من مسؤولي الفيفا للفوز بتنظيم كأس العالم 2022. وقال ساندي «بشكل عام، يريد القطريون فقط السيطرة ويرغبون في معرفة ما يقوم به معارضوهم»، حيث ناقشوا كيف أن العديد من المسؤولين القطريين المرتبطين بالحكومة يديرون عمليات إعلامية وحملات أخرى غير مشروعة تتعلق بفضيحة الفيفا. وبينما تعاني قطر من تداعيات المقاطعة العربية والخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات، وأعضاء مجلس التعاون الخليجي الآخرين، أصبحت البلاد أقرب إلى إيران وتواصل الحفاظ على علاقاتها مع العديد من الجماعات الإرهابية، بما فيها حماس وحزب الله، وفقا للصحيفة. وفي الوقت نفسه، تتمتع قطر بعلاقات عسكرية وثيقة مع الولايات المتحدة وتستضيف قاعدة العيديد الجوية، التي تعتبر مهمة لعمليات مكافحة الإرهاب الأميركية. وأوضحت صحيفة «واشنطن فري بيكون» أن هذه الروابط سحبت قطر في اتجاهات متعددة وأسهمت في مخاوف مسؤولي الأمن القومي الأميركيين الذين يؤمنون أن سياسات النظام القطري تتسبب في ضرر أكثر من نفعها. وقال جيم هانسون، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة الأميركية ويعمل الآن رئيسا لمجموعة الدراسات الأمنية «السبب في كونهم متعاونين جدا في عمليات مكافحة الإرهاب هو أنهم يعرفون كل الإرهابيين لأنهم يمولونهم». «إنهم ينامون بعمق مع جميع الأشرار لذا فهم من جميع الأطراف. يستخدموننا كغطاء جوي لنفوذهم الخبيث مع جميع الجماعات المتطرفة في جميع أنحاء العالم.» بالإضافة إلى عمليات القرصنة، التي يعتقد أنها نفذت جزئيا على الأراضي الأميركية، يشعر الخبراء بالقلق من أن تمويل قطر السري للجامعات الأميركية ومراكز الفكر الأميركية يمكن أن يؤدي إلى قيام الدوحة برسم وتوجيه السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة. ونقلت الصحيفة عن جريج رومان، رئيس العمليات في منتدى الشرق الأوسط، إن قطر «أنفقت مليار دولار في الولايات المتحدة في محاولة للتأثير ليس فقط على الكليات... ولكن أيضا على المدارس العامة ودوائر الشرطة». ومن خلال مؤسسة قطر الدولية، قامت الحكومة في الدوحة بتوزيع أكثر من مليار دولار على الجامعات الأميركية، وفقا لأورين ليتوين، من مشروع المال الإسلامي في السياسة التابع لمنتدى الشرق الأوسط. وقال ليتوين «لقد أصبحت قطر الممول الوحيد لعدد من الجامعات الأميركية»، موضحا أن العديد من البرامج تركز على التدريب على اللغة العربية، ولكنها تشمل أيضا مستوى من التلقين الثقافي المتعاطف مع الدوحة. وقال ليتوين إن قطر تمول أيضا من 2500 إلى 3000 برنامج تدريب للطلاب الأميركيين في مختلف المدارس في جميع أنحاء البلاد. وأضاف أن قطر «تحاول الاستيلاء على القيادة الثقافية أو قيادة القوة الناعمة في العالم العربي من خلال هذه البرامج». كما تقوم العديد من الجامعات الأميركية بتشغيل حرم جامعي في قطر، مما يوفر للبلاد وسيلة أخرى لشن حملات إعلامية. وأوضح رومان «مثال على ذلك هو جامعة كارنيجي ميلون التي تدير حرما في الدوحة». و«تعد كارنيجي ميلون المدرسة الأولى في علوم الكمبيوتر في الولايات المتحدة. وليس من المفاجئ أن يكون هناك شخص في طليعة عمليات القرصنة الإلكترونية يريد أن تكون له ملكية فكرية في الدوحة». واتفق جميع أعضاء اللجنة على أنه يجب على الولايات المتحدة أن تعمل بشكل أفضل في إنفاذ قوانين النفوذ الأجنبي، وخاصة قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، الذي يجبر الحكومات الأجنبية على الكشف عن من يدفعون لهم في أميركا لخدمات الضغط السياسي. وبما أن قناة الجزيرة القطرية قد استُخدمت على اعتبار أنها ساعدت الدوحة على إجراء عمليات قرصنة للمجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، فقد دعا الكثيرون إلى إجبار القناة على التسجيل ضمن قانون تسجيل الوكلاء الأجانب. وتساءل جيم هانسون «عندما تنظر إلى من هم حلفاؤنا، فإنها ليست مسألة تاريخيا أننا كنا ودودين مع القطريين، فهل هذا شيء يجب أن نضعه أمامنا بالنظر إلى ما يفعلونه لتقويض المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم؟».
مشاركة :