لا يمكن من خلاله دخول أي بلد في العالم دون تأشيرة تقريبًا، ومع ذلك يحتاج الحصولُ عليه مبلغًا كبيرًا؛ ففي هذا البلد الذي يعاني حربًا أهلية منذ سنوات، يعد جواز السفر السوري مفتاحًا سحريًّا، أكثر من أي مكان آخر. ووفقًا لصحيفة «لوريون لوجور» الناطقة بالفرنسية، فبدون جواز السفر من الصعب على أي سوري أن يكون له مستقبل خارج البلاد أو الوصول إلى وظائف معينة، رغم أن وثيقة السفر للجمهورية العربية السورية هي واحدة من الأسوأ في العالم؛ حيث تأتي في المرتبة الـ196 من أصل 199، غير أنها لسنوات عديدة أصبحت صفقة رائعة لنظام بشار الأسد. واتهمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR) -وهي منظمة غير حكومية قريبة من المعارضة- الحكومة باستخدام جوازات السفر «لتمويل حربها»، مسلطةً الضوء على الانتهاكات الأخيرة ضد المواطنين السوريين الذين يسعون للحصول على وثائق سفرهم أو تجديدها، وما ينتج عنها من حركة مالية كبيرة. ومنذ بداية الحرب السورية حتى عام 2015 ، كان على جميع المتقدمين للحصول على جواز سفر أن يحصلوا على موافقة مسبقة من الأجهزة الأمنية، وهو خيار غير منطقي لكل المتورطين بأي شكل من الأشكال في الحركات المعارضة للنظام. وفي أبريل 2015، أصدرت الحكومة قرارًا يسمح لجميع المواطنين دون تمييز، سواء في سوريا أو في الخارج، بالحصول على وثيقة السفر الثمينة هذه، تبعها تعديل ثانٍ عام 2017، يحدد الإجراءات القنصلية (إحدى الطرق بالنسبة إلى دمشق، للتحكم في هذه الخدمة العامة وجني الثمار تقريبًا). وتتم المعاملات بالدولار فقط، بسبب حاجة النظام إلى أن يستبدل مكانَ أموالَه، العملة الأمريكية. وبالإضافة إلى المكسب المالي، توفر السيطرة على جوازات السفر وسيلة حقيقية للضغط على السوريين الذين يعيشون في الخارج وتصنيفهم. لكن الحصول على جواز سفر خارج مناطق النظام، لا يزال يشكل عقبة، كما يواجه اللاجئون السوريون أكبر الصعوبات في الحصول على الوثيقة الرسمية من خلال القنصليات؛ إذ يشير تقرير الشبكة العربية لحقوق الإنسان إلى الاختلافات في المعاملة بالسفارات حول العالم، وفقًا للعلاقات والأجندة السياسية للنظام السوري مع الدولة المعنية. فعلى سبيل المثال، تصدر قنصلية جنيف جواز السفر بسهولة، في حين يتعرض اللاجئون السوريون في تركيا (الأقل رخاءً والمعادية لنظام الأسد) للإهانة ويواجهون الابتزاز؛ ففي إسطنبول، أُنشئت شبكة غير رسمية من المكاتب توفر دخلًا قنصليًّا للمال، تحت مراقبة الدبلوماسيين المحليين، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان. ويقول فادي (36 سنة) الذي اتصلت به الصحيفة عبر الهاتف: «الحصول على موعد مباشر عبر الموقع الإلكتروني للقنصلية، بمنزلة جُرم". ويصف هذا المعلم السابق الرحلة المهينة التي عانى منها من أجل هذا الدفتر الصغير عام 2018؛ إذ أجبر على الرجوع إلى مكتب الوساطة مقابل 350 دولارًا، لإيجاد موعد له، وفي نهاية المطاف دفع 725 دولارًا، أي ما يقرب من 10 مرات أضعاف راتبه في سوريا. ويضيف فادي: «وصلت قبل ساعة من الموعد؛ حيث كنت أفكر بسذاجة أنني سأكون الوحيد، لكن كان هناك مائة شخص يتصارعون عند المدخل.. انتظرنا خمس ساعات في الشارع، وساعة واحدة في الردهة للحصول على أسوأ وأغلى جواز سفر في العالم». لكن عندما أخبره أحد الموظفين أنه يستطيع الحصول عليه في غضون ثلاثة أشهر، وفقط في تاريخ محدد، كانت هذه هي الصدمة. الأمر أصبح بمنزلة طريق لدفع رشاوى جديدة. وبعد ثلاث رحلات ذهاب وإياب فاشلة، حصل عليه أخيرًا في المرة الرابعة، مقابل خمسين دولارًا إضافية. أما أسعد ذهب المراسل الذين يعيش في إدلب الواقعة تحت سيطرة «حياة تحرير الشام» فذهب لزيارة إسطنبول لفترة قصيرة في فبراير 2018 لطلب تجديد جواز السفر. وبالإضافة إلى الرسوم القنصلية والرشاوى، كان على أسعد أن يدفع 400 دولار إلى وكالة لإحضار جواز سفره من تركيا؛ فالوثيقة التي حصل عليها بعد سنة من الانتظار، كلفته ما مجموعه 1300 دولار.
مشاركة :