آفاق الاقتصاد السوداني مسدودة بمخلفات الحظر الأميركي

  • 2/9/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم – تكافح الشركات السودانية بعد 16 شهرا من شطب الولايات المتحدة معظم العقوبات التجارية على الخرطوم من أجل النهوض بأعمالها مجددا ولكن دون بصيص أمل ينقذها من مشاكلها المتراكمة. ولا تزال كافة القطاعات غير قادرة على إجراء معاملات دولارية، فسوق إعادة التأمين مغلقة أمام شركات التأمين، وشركة الطيران المحلية متوقفة تقريبا بسبب نقص قطع الغيار. والمشكلات ناجمة من نفس السبب، وهي القيود المرتبطة بالصراع في دارفور واستمرار واشنطن في إدراج الدولة ضمن قائمة الإرهاب. ويرى رجال أعمال ودبلوماسيون أن هذا الوضع لا يزال يضغط على الاقتصاد المتدهور ويساهم في أزمة تغذي احتجاجات على نطاق واسع تشكل أكبر تهديد حتى الآن لنظام حكم الرئيس عمر البشير المستمر منذ ثلاثين عاما. وتؤكد الإدارة الأميركية أنه حتى يتم شطب السودان نهائيا، سيكون محظورا عليه الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهو دعم تحتاجه البلاد بشدة لتقليص معدل التضخم الذي يبلغ 73 بالمئة. ويقول مصرفيون سودانيون إن علاقات المستوردين بالموردين الأجانب لا تزال محصورة في نطاق ضيق، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الافتقار لعلاقات مراسلين مع بنوك أجنبية، إذ لا يوجد بنك في البلاد لديه القدرة على فتح حساب بالدولار. وتنتظر معظم البنوك الأميركية والأوروبية اتخاذ واشنطن الخطوة التالية تجاه الخرطوم، وأبدت قلقها من عقوبات ثانوية لا تزال قائمة بحق أفراد مرتبطين بالحرب في دارفور. ويجب على البنوك الأجنبية والسودانية أن تثبت أنها متوافقة مع هذه العقوبات خشية التعرض لغرامات ضخمة. وقال مصرفي في الخرطوم إن “إعادة بناء العلاقات عملية طويلة ومرهقة”. ونسبت وكالة رويترز لأمين النفيدي، الذي يدير واحدة من أكبر شركات النقل في السودان وأكبر مورد لأفراخ الدجاج إلى صناعة الدواجن في البلاد، قوله إن “معظم البنوك الأجنبية لا تستجيب، فالحجم المنخفض لأنشطة الأعمال لا يشجعها”. وأشار مصرفيون إلى أن شركات سودانية، تحولت بالفعل من استخدام الدولارات واليورو، إلى تسوية جميع أنشطتها تقريبا بالدرهم الإماراتي عبر دبي، في تحرك لا يبدو أن الحكومة الأميركية ستعترض عليه. لكن مثل هذه الصفقات يمكن أن تزيد التكلفة بما يصل إلى 20 بالمئة، فيما تبقى العقوبات مؤثرة.وذكر رجال أعمال أن شركة الخطوط الجوية السودانية، التي تعاني منذ فترة طويلة من مشكلات في الصيانة، تشغل فقط طائرتين مستأجرتين. ولم يتسن الحصول على تعقيب من الشركة. وقال مسؤول تنفيذي في قطاع التأمين إن “شركات التأمين لا تستطيع تحويل دولارات إلى شركات إعادة التأمين العالمية الكبرى، وهو ما يدفعها إلى التعامل فقط مع شركات إقليمية لإعادة التأمين ليست لديها القدرة على الحصول على مدفوعات من السودان”. وأضاف “هذه مشكلة لمشروعات كبيرة مثل مصانع السكر، أو محطات الكهرباء، لديها مخاطر كبيرة لا تستطيع شركات إعادة التأمين المحلية التعامل معها”. وكانت الخرطوم تتوقع تسهيلات ائتمانية لإجراء الاستفتاء الذي أسفر عن انفصال الجنوب في 2011، منتزعا من السودان ربع أراضيه ومعظم إنتاجه النفطي. لكن مع استمرار عقوبات، وافقت بنوك أوروبية، من بينها إتش.أس.بي.سي وبي.أن.بي باريبا في 2013 و2014 على دفع أكثر من 10 مليارات دولار لتسوية قضايا أقامتها الولايات المتحدة بشأن تعاملات مزعومة مع دول تحت طائلة العقوبات من بينها السودان. وقال مصرفي ثان إن “الأمر يشبه من يحرق أصابعه. أي بنك الآن، حتى لو كان سعوديا، يحجم عن التعامل مع بنوك سودانية”. ورفعت واشنطن عقوبات استمرت عقدين عن السودان في أكتوبر 2017، مشيرة إلى تقدم في مكافحة الإرهاب ودخول المساعدات الانسانية، إلا أن الخرطوم بقيت في قائمة الدول الراعية للإرهاب. كما أعلنت في نوفمبر الماضي أنها بدأت محادثات مع الخرطوم لشطبها من القائمة، التي ترجع إلى عام 1993، وترتبط باتهامات بدعم السودان لجماعات متشددة مناوئة لإسرائيل، من بينها حماس وحزب الله. وكانت الخطة تتضمن الاجتماع مرة كل شهر بالتناوب في واشنطن والخرطوم، غير أن العملية تأخرت في يناير الماضي بسبب الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية. وقال دبلوماسيون غربيون إن أي اتفاق سيتم التوصل إليه بين الطرفين، قد يستغرق أشهرا لوضعه موضع التنفيذ. ورغم أن من الصعب قياس الناتج المحلي الإجمالي بسبب الاضطرابات بسبب تشوهات الهبوط السريع في قيمة العملة، فإن مستويات المعيشة تهبط حيث يؤدي نقص السلع إلى طوابير طويلة أمام المخابز ومحطات الوقود وماكينات صرف النقود. ونسبت رويترز لدبلوماسي، لم تكشف عن هويته، قوله إن “الاقتصاد السوداني في حالة متردية بما يجعل الحكومة في أمس الحاجة إلى الخروج من قائمة الإرهاب”.

مشاركة :