القاهرة - بيروت: «الخليج» التسامح إحدى القيم الأصيلة التي تسعى الإمارات إلى ترسيخها ونشرها بين الشعوب، من خلال مبادراتها السياسية والفكرية الرائدة في هذا الاتجاه، وجاءت زيارة بابا الفاتيكان والإمام الأكبر شيخ الأزهر، لتؤكد أن الإمارات تحولت إلى مثال يُحتذى في الحوار بين الأديان.يقول د. شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة المصري الأسبق: «أكدت زيارة د. أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس لدولة الإمارات، مبادئ التسامح والمحبة التي تشتهر بها الإمارات وقادتها، وهذا ليس جديداً عليها، فهذه المبادئ قد زرعها المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات وحكيم العرب، ومن بعده جاء حكام الإمارات ليرسخوا هذه المبادئ السامية، ويعملوا على تطويرها وتأكيدها، من أجل مجتمع عربي تسوده المحبة والقيم الإنسانية الرفيعة، لذلك جاءت هذه الزيارة ، لترسيخ القيم الروحية التي تحرص دولة الإمارات دائماً عليها، مما جعل لها مكانة مميزة في العالم».يشير الروائي يوسف القعيد، إلى أن الزيارة عبرت عن عدد من المعاني الراقية، أولها جو التسامح الذي تتميز به دولة الإمارات، والدليل على ذلك أنها رائدة في هذا الاتجاه؛ حيث أنشأت وزارة للتسامح، وهي سابقة تاريخية وسياسية في المنطقة العربية، فلم يكن تأسيس هذه الوزارة نوعاً من الوجاهة أو تحسين صورة الدولة على الصعيد الإقليمي والدولي، لكن من ينظر إلى جميع خطابات الإمارات عبر سياسييها وقادتها وكتابها وعلاقاتها، سيجد أنها قائمة على التسامح، والسعي إلى غرس قيم معينة في المجتمع الإماراتي، مثل التسامح والتعايش والاعتدال. مواقف رائعة الشاعر أحمد سويلم، يقول: «أصبحت الإمارات في السنوات الأخيرة مصدراً لسعادة العرب، لمواقفها الرائدة والرائعة في الوقت نفسه، فهي تحول عبر قادتها الأجلاء الصفات الإنسانية الجميلة إلى فعل سياسي ومبادرات فكرية عميقة المغزى، فليس غريباً على الإمارات، أن تستقبل شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، في مشهد رائع للعالم بكل فخر واعتزاز وتقدير، ولو أردنا وضع عنوان كبير لهذا الحدث، فسيكون «الإمارات دولة التسامح»، وهذا ليس بغريب على تلك البقعة الطيبة من أرض الله، فعبر أكثر من خمسين عاماً، والإمارات منذ وحدتها ترسخ لهذه المبادئ العظيمة، من خلال مبادرات قادتها بداية من حكيم العرب الراحل الكبير الشيخ زايد».وأضاف: «وقد رأينا كيف أنشأت حكومة الإمارات وزارة خاصة باسم «وزارة السعادة»، التي تعمل على ترسيخ القيم الإيجابية والسعادة في المجتمع، باعتبارها أسلوب حياة، وكذلك «وزارة التسامح»، التي من أهدافها العمل على نشر الرؤى والأفكار المستنيرة، وإلغاء الفوارق العنصرية والسياسية بين الشعوب والأمم والالتزام بحقوق الإنسان، وعدم السماح للضرورات الفردية العقائدية والمذهبية، بأن تطغى على الضرورات الإنسانية، والانفتاح الفكري على العالم، من خلال الحوار بين الأديان والثقافات، وكلها مبادئ أصيلة تؤكدها حكومة ودولة الإمارات دائماً». ويؤكد الكاتب المسرحي، محمد أبو العلا السلاموني، أن استقبال دولة الإمارات، شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان معاً، يؤكد القيم المعروفة عنها وعلاقاتها الجيدة مع العالم، كذلك تؤكد المبادئ الأصيلة، التي انتهجتها في الأعوام الماضية كدولة للتسامح والتقارب بين الشعوب والأديان.ولم يتوقف دور دولة الإمارات عند إصدار القوانين أو إنشاء وزارة، بل تعدى الأمر إلى المبادرات الرائعة من قادتها لنشر الوعي الفكري المستنير بين الأجيال الجديدة، ومنها مبادرات معرفية رائدة، مثل «تحدي القراءة» لتعليم الأطفال كيف يقرأون لأعلام الفكر المستنير في العالم العربي.ويتفق مع هذا الرأي المخرج المسرحي إميل شوقي، قائلاً: «ما يحدث ليس جديداً على دولة الإمارات صاحبة المواقف النبيلة في المنطقة العربية؛ حيث تعمل دائماً على مد جسور التواصل مع الشعوب العربية المختلفة، عبر رؤى مستنيرة، تؤمن بالاختلاف الثقافي والفكري، مؤكدة دائماً مبدأ الحوار الخلاق بين الثقافات والأديان المختلفة». عبر ودروس يقول جوزف قصيفي: «إن زيارة قداسة البابا فرنسيس وسماحة شيخ الأزهر، مناسبة كبيرة وزيارة تاريخية، وحدثاً غير مسبوق، ينبغي التوقف عندهما، واستخلاص العبر والدروس».فليس عابراً أن يلتقي زعيمان دينيان بحجم بابا وشيخ الأزهر، بما يمثلان من قيم روحية وأخلاقية، وما يعكسان من رسالة عابرة للقارات والحدود، على أرض عربية، لأن في ذلك دلالة على أن العروبة بمعناها الأصيل والحقيقي وعاء حضاري يتميز بالتنوع والثراء الديني والثقافي. إن الديانات الإبراهيمية التي تعبد إلهاً واحداً، وتتقاسم مشتركات إيمانية، أبصرت النور في هذا الجزء من العالم، وأن مظاهر التطرف، والنزعة الإلغائية غريبة عن المنطقة العربية وشعوبها التي غالباً ما كانت وقوداً لمخططات، هدفت إلى إضعافها بالفتن والعنف وإشاعة ثقافة نفي الآخر، وإلغاء الحق في الاختلاف؛ حيث إن هذه المظاهر جميعها لا تمت إلى العرب والإسلام بصلة، هذا الإسلام الذي يشدد على عدم «الإكراه في الدين» و«المجادلة بالتي هي أحسن»، عانى كثيراً من محاولات تحريفه عن روحيته وأصالته، خصوصاً في السنوات الأخيرة. وقد جاءت الخطوة الإماراتية بدعوة البابا وشيخ الأزهر، تتويجاً لحوار الأديان وانتصاراً للإخاء الإنساني وقيم التسامح، و ليس غريبا أن تكون الزيارة الأولى للبابا إلى الخليج لدولة الإماراتالتي اتسمت بالانفتاح الديني السمح منذ عقود من السنين، مما يؤكد الدور المحوري لهذه الدولة في عملية التحول النوعي من خلال تعميق الحوار الإسلامي- المسيحي. لا شك في أن الحوار بين الأديان، سعيا وراء ترسيخ الأخوة الإنسانية، يكرس التقارب، ويعزز المشتركات، ويعمل على نسج الثقة بين اتباع الديانات السماوية، ويسهم في تبديد الشكوك ومشاعر الحذر. لا يمكن لأي منصف أو مراقب مدقق، أن يقلل من شأن ذلك اللقاء الذي عقد على أرض الإمارات، لا لأنه يتميز بفرادة تشد إليها اهتمام المعنيين من رجال سياسة ودين وإعلاميين، بل لمعانيه السامية ولمقام المرجعين وما يمثلانه من غنى روحي وثقافي، ولمسات إنسانية. وهذا ما يجعله لقاء مختلفاً في الشكل والمضمون عن أي لقاء سابق تحت عنوان مماثل. إن لقاء البابا فرنسيس وشيخ الأزهر، على أرض الإمارات، هو جسر عبور روحي إلى آفاق السلام المنشود، والذي لا يزال صعب المنال. إنه واحد من أكثر اللقاءات أهمية ورمزية، لأنه يجسد ذروة لقاء الروح والعقل، والرحابة والتسامح. خطوة موفقة جورج بشير، عضو مجلس نقابة الصحافة في لبنان يقول: «جُل المراقبين الذين يواكبون مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة الحضارية، يرون أن إنشاءها وزارة خاصة بالتسامح هو خطوة موفقة، لا بل ضرورية في هذا الزمن الذي تشهد فيه الإنسانية موجات من الصراعات والحروب وعدم الاعتراف بالآخر، وكأن هذا العالم أصبح بعيداً عن التسامح والغفران والاعتراف بالآخر.وعلى هدى هذا السلوك الحضاري، فإن العالم كله واكب من دون شك مجرى الملتقى الإنساني الذي شهدته أبو ظبي متمثلاً في الزيارة التاريخية التي قام بها البابا فرنسيس إلى الإمارات.البابا، كما يقول عنه المطران الماروني الناسك شربل مرعي، الذي كان أحد رفاقه وشغل منصب راعي موارنة الأرجنتين، يحترم كثيراً صيغة العيش المشترك الحضارية في دولة الإمارات؛ إذ إن كبار رجال الدين يبشرون بالإيمان بالله والمحبة والتسامح، ويدعون إلى الاعتراف بالآخر والعيش معه باحترام وسلام، وفي مقدمتهم البابا فرنسيس وشيخ الأزهر، والذين شاركوا في هذا اللقاء، سوف يدعون إلى ترسيخ صيغة العيش المشترك وتبادل الأفكار والحوار المتواصل بين اتباع الديانات السماوية وترسيخ الإيمان والحوار والاحترام بين اتباع هذه الديانات. لقاح ضد التطرف فادي تميم، رئيس النادي الثقافي العربي في بيروت، يقول: حل البابا فرنسيس ضيفاً على الإمارات في زيارة تاريخية هي الأولى إلى منطقة الخليج العربي، وذلك في إطار المشاركة بلقاء الحوار العالمي بين الأديان حول الأخوّة الإنسانية. ولطالما أشاد البابا، بسياسة الإمارات المنفتحة والمتسامحة، معتبراً إياها في أكثر من محطة، مثالاً يحتذى به، ونبعاً لقيم التسامح واحترام الغير، وحرية ممارسة الأديان، مثنياً على ترسيخ قيم التسامح والتعايش والانسجام في هذه الدولة. ما أحوجنا في منطقة الشرق الأوسط، إلى هكذا زيارات تزيد من منسوب الأمل والتفاؤل، فهي بمثابة لقاح ضد التطرف والإرهاب اللذين عانت منهما الأديان كلها في العالم كله بلا استثناء، ألم يقل الله عز وجل في التنزيل الحكيم: «(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، فندعو الله أن يلهمنا دوماً، لغة الحوار وثقافته. بداية حقيقية يقول الكاتب الصحفي نبيل زكي: ما أحوج العالم في اللحظة الراهنة إلى التسامح، الذي يمثل حجر الزاوية في فكرة السلام العالمي، كما أنه أعلى قيم الاستنارة، نظراً لأن السنوات الماضية، شهدت حروباً طاحنة، راح ضحيتها الملايين من البشر، على مختلف ألوانهم وجنسياتهم، ولو استمر الحال على هذه الوتيرة، فإن الحياة ستكون في غاية الصعوبة، ما يهدد الوجود الإنساني على ظهر هذا الكوكب، لذا جاءت الزيارة التاريخية - التي شهدتها الإمارات، وتحمل شعار (الأخوّة الإنسانية) بحضور شيخ الأزهر والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان - في وقتها تماما، حيث حملت عدة معانٍ سامية.من بين هذه المعاني ، التقارب بين الأديان والتلاقي بين الشعوب، حيث دعا اللقاء للتعامل بحكمة مع القضايا الإنسانية المختلفة، وترسيخ مفاهيم المواطنة، وهذه هي المرة الأولى التي تزامنت فيها زيارة رمزين دينيين كبيرين لبلد عربي، في وقت واحد، وبذلك تضرب الإمارات مثالا عمليا، يؤكد صحة ما يؤمن به حكامها، فهم يبذلون جهودا كبيرة في مسألة التقارب بين الأديان والعقائد المختلفة.لقد أكدت الزيارة ضرورة التعايش الإنساني المشترك، واللقاء بين هذين الرمزين الكبيرين على أرض الإمارات، ترك آثاره الإيجابية على الصعيد العالمي، وربما خفف هذا اللقاء بنتائجه الإيجابية على المنطقة العربية، التي تأمل في نزع فتيل الأزمة، التي يسببها الإرهاب المأجور.لقد بحث لقاء القطبين الدينيين الكبيرين الطرق التي تؤدي إلى تفعيل أواصر الصداقة والتعاون بين الشرق والغرب، ودرس السبل المتاحة لإرساء ثقافة السلم، لتكون بديلا عن العنف وثقافة الكراهية والطائفية، وأعتقد أن هذا اللقاء التاريخي بداية حقيقية، وخطوة على طريق الاستقرار والتعايش السلمي بين الشعوب. مبادرة خلّاقة يؤكد د. محمد عفيفي - أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب جامعة القاهرة - أن المنطقة العربية كانت في حاجة ملحة لهذه الزيارة، لأنها تستهدف التقارب بين الأديان والعقائد، والتعايش في الوطن الواحد على أساس المواطنة، من خلال تفعيل دور المؤسسات الدينية على اختلافها، كما أكدت هذه الزيارة تعزيز ثقافة الأخوّة، باعتبارها دافعا حقيقيا للحوار المتبادل ما بين رموز الإسلام والمسيحية، كما أنها دعوة للسلام بين شعوب العالم.ويقول: إن الجهود الإماراتية تواكب المشاريع الفكرية والمبادرات الخلاقة، التي تطلقها في السنوات الأخيرة، والتي تهدف إلى نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي في المنطقة. هذا ليس غريبا على دولة الإمارات حيث يوجد على أرضها جنسيات متنوعة الأديان، وتنتمي إلى مختلف دول العالم، لقد تابعت وسائل الإعلام العالمية هذا اللقاء التاريخي، الذي حظى باهتمام كبير على المستوى السياسي، والأهم على المستوى الإنساني، فهذا اللقاء عقد بدعوة كريمة من دولة الإمارات، ولأن القطبين الدينيين الكبيرين يتسمان بسمات إنسانية وفكرية مهمة، فإن علينا جميعا أن نعمل على تطبيق «وثيقة الأخوة الإنسانية»، التي صدرت في ظل انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة في كثير من دول العالم، وأغلبها يلبس عباءة الدين، والدين منهم براء.
مشاركة :