"أقصر مسافة بيننا".. الفوتوغرافيا في إسقاطها المدوّي على الروح

  • 2/9/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سحر الفوتوغرافيا، يكمن في قصتها الإنسانية، لذلك تمتلك الصورة التوثيقية، إسقاطها المدوي على الروح، تتسيد مشهد تحويل الجدران إلى مسارح. هذا ما حدث عند تسمّري أمام لوحة فوتوغرافية للمصور الفوتوغرافي عمر إمام من سوريا، مساء أول من أمس، في افتتاح «أسبوع التصوير»، بالسركال آفنيو، متضمناً نحو الـ 26 ورشة عمل، و6 حلقات محادثة مجانية، بالإضافة إلى 12 جلسة إرشادية وتعليمية، انطلقت بحضور عبد المنعم السركال، مؤسس السركال آفنيو، ومجموعة من الفنانين والمهتمين بقطاع التوثيق الفوتوغرافي في المنطقة، وبتنظيم من «جلف فوتو بلس». لوحة عمر إمام التي حضرت بسطوع في معرض «أقصر مسافة بيننا: قصص من برنامج التصوير الفوتوغرافي الوثائقي العربي»، لم تكن وحدها.. ثمة قصص كثيرة تترك أثراً مدوياً على الروح.. هنا بعضها. لعبة السياسة! كتب عمر يخبرنا أنه خلال هذا المشروع أعاد اكتشاف نفسه، من خلال قصص اللاجئين. لحظة الغرابة المدهشة لا تكمن في ما طرحه المصور عمر إمام وقتها من وجهة نظره، ولكن ما شكله في الصورة؛ عدد من اللاجئين السوريين يقفون بشكل يشبه فريق كرة القدم، ورغم تداعيات الفكرة، على المتلقي، إلا أن قوتها في لغتها الشعبية. متى بدأ الخوف؟ قالت إنها قامت بمحادثات على «الفيسبوك»، واستمر مشروعها قرابة العامين، وسؤالها انبثق تحديداً بعد معايشتها لتجربة الانفصال عن زوجها، والمحاذير المجتمعية لوضعها الاجتماعي، نظرت المصورة الفوتوغرافية المصرية هبة خليفة في وجهي مباشرة، في غمرة حديثنا عن أعمالها الفوتوغرافية، وقالت: «سألت نفسي منذ متى هذا الخوف، هل هو فعلياً عند قرار الانفصال، أم أنه نشأ معي منذ أن ولدت كوني فتاة؟»، ولما أخبرتها أنها أرادت كسر المرآة، ابتسمت، ولفتت إلى أنه بالانغماس في قصص النساء، التي حاورتهن طوال عملها على المشروع.. عليك أن تتخيلي أن موضوع النقاش يبدأ في أن المشكلة كونها امرأة سمينة، وينتهي في كشفها لمدى حاجتها للحب، ومجاراة لمعنى «الاحتياج». تسمّم إنساني صمتنا برهة، أحدثنا نغمة هدوء تشبه اغمضاض العين في أوج تسلل الشمس نحو الوجوه المرتابة، لتلك الشخصية التي اختارها المصور الفوتوغرافي محمد مهدي من مصر، ليسرد قصص «وادي القمر»، في غرب الإسكندرية، وكيف أن غبارها المنتشي بحركة مصنع الإسمنت، أصبح ساماً، ويسبب تدهوراً صحياً، لأناس المكان، الذين يقدر عددهم نحو الـ60 ألف نسمة، ما يجعلك تتساءل عنهم عبر تأملك لصورة فوتوغرافية لطفلة صغيرة تجلس على الصفة في منزلها، واضعةً قناع أكسجين يمدها بالهواء، وتتوقع منها أن تزيل القناع، وتصرخ في وجوهنا جميعاً: كيف يمكن أن أشعر بالاختناق في بيتنا، كيف؟! انكشاف عاشوا سنوات في السجن، تختلف قصصهم، إلا أن مغامرتهم في تجاوز ما هو غير قانوني، يجمعهم في التوازي نحو البحث عن الذات، وربما كان هروباً مقصوداً، لما هو أكبر من الذات نفسها. إنها الحياة، ولكن في الانكشاف الفعلي لما أرادت المصورة الفوتوغرافية إلسي الحداد من لبنان قوله. سألتها: لماذا تجربة أخيك مع السجن هنا، هل هي محاكاة لمدى واقعية النص الفوتوغرافي؟، توقفنا لدقيقة، جلست إلسي الحداد، تتحدث لطفلتها بالقرب من الأعمال، ونظرت إلي مجدداً، مفسرة كل شيء: «شعرت في حواري مع أخي، وخلال بحثي في المشروع، أني فتحت له نافذة، ربما هو نفس ذلك القبول الذي أود أن يستشعره الناس، أثناء محاولتهم تجاوز ما هو نمطي وحكمهم المسبق على الأشخاص». واجهة.. ووجاهة عفوية الحديث بين إلسي الحداد وطفلتها جعلتني أفكر ملياً في أعمال المصور الفوتوغرافي حسين الموسوي من الإمارات، ضمن معرضه المنفرد: «واجهة إلى واجهة»، التففت حوله مباشرة، وهو يشرح لأحد الأشخاص أعماله، وسألته: هل ترى أن عمارة تم بناؤها في السبعينيات والثمانينيات أو التسعينيات جزء من تراث دولة الإمارات، هل الـ20 سنة أو الـ30 سنة، تعتبر مقياساً، لنقلها إلى أجيال قادمة؟ بكل تريث واتزان، أجاب حسين الموسوي: بطبيعة الحال، فإن التغير سريع جداً في الإمارات، وهذه السرعة، تجعلنا أمام سؤال مدى التغير الفعلي للعمارة، وأثر التصميم على تحركنا الاجتماعي، بالنسبة لي، فإن اعتبارها تراثاً معمارياً، أمر مهم، لإثراء توثيقه وإضفاء القيمة لما تم إنشاؤه إبان تأسيس الدولة، بل التوسع لقراءة قصص سكانها، بالتالي تحقيق هدف المعنى نفسه من العمارة، أُظهر هنا السلسلة الأولى، وأنا في طريقي لاستكمال المشروع.

مشاركة :