في ذروة موجة الهجرة، كان مركز Cara di Mineo في صقلية أكبر مركز استقبال للمهاجرين في إيطاليا. مؤخراً أعلنت الداخلية عزمها إغلاق المركز بحلول نهاية العام. ما أسباب القرار وتأثيراته على حركة الهجرة ونظام استقبال المهاجرين؟ شهد مركز اللاجئين كارا دي مينييو في جزيرة صقلية يوم الخميس (السابع من فبراير/شباط)، وهو واحد من أكبر مراكز استقبال اللاجئين في أوروبا، نقل أول دفعة للمهاجرين منه استعدادا لإغلاقة بحلول نهاية العام. المهاجرون الذين تم نقلهم حتى الآن هم رجال بالغون بدون عائلات ويقيمون في المركز منذ سنوات. وتم توزيع المهاجرين على مناطق مختلفة من الجزيرة مثل تراباني وسيراكوزا وراغوزا. حتى وقت قريب، كان الآلاف من المهاجرين في صقلية يقطنون في مركز اللاجئين كارا دي مينيو في منطقة كاتانيا. ويشبه المخيم بلدة مصغرة وهي تقع داخل قاعدة جوية أمريكية سابقة تبعد مقدار ساعة سفر بالسيارة عن البلدة. وضم المخيم بين جنباته حوالي 4000 طالب لجوء في عز أيام تدفق اللاجئين. وحتى عام 2018 كانت أعداد النزلاء ما زالت تناهز حوالي 2000 طالب لجوء. أما في الوقت الحالي، في بداية عام 2019، فقد كانت الأعداد تقدر بحوالي 1300 شخص وذلك وفقا لصحيفة Il Giornale di Sicilia التي نشرت عن الموضوع. وقدرت الصحيفة الإيطالية بأن التكاليف السنوية لتشغيل المركز تبلغ حوالي 30 مليون يورو سنويا. يشار إلى أنه في عام 2015، كانت التكاليف التشغيل أعلى نسبياً وذلك بسبب موجة اللجوء حيث بلغت حوالي 100 مليون يورو بالإضافة إلى ستة ملايين يورو تدفعها السلطات لاستئجار العقار والأرض. بالنسبة للكثير من الإيطاليين فإن اسم هذا المركز الخاص باستقبال اللاجئين أصبح مرادفاً للجريمة، والاكتظاظ ، وسوء الإدارة - وهو رمز للكثير من الأخطاء الذي رافقت نظام الهجرة وحركة المهاجرين في إيطاليا. التقارير الواردة عن عصابات الجريمة النيجيرية التي تعمل من داخل المركز هي مجرد غيض من فيض. في الماضي، نشرت صحف إيطالية أخرى عن أعمال عنف واغتصاب وحتى جرائم قتل داخل هذا المركز، كما تم توجيه اتهامات بالفساد إلى بعض أعضاء إدارة مركز الاستقبال. آليات الإغلاق تمضي قدما في أعقاب تقارير الأنشطة الإجرامية، أعلن وزير الداخلية ماتيو سالفيني أنه سيغلق مركز الاستقبال بحلول نهاية العام. وهذا هو ليس المركز الوحيد الذي يعتزم الوزير إغلاقه بموجب مرسومه الجديد بشأن الأمن والهجرة. آليات الإغلاق تمضي قدما في غضون أشهر قليلة. ويرى الوزير أنه كلما كبر مركز الاستقبال، كلما زادت المشاكل المتعلقة بالجريمة والفساد وانعدام الأمن للمقيمين فيه وحتى للإيطاليين الذين يعيشون في الجوار. في الواقع، غالباً ما اشتكت السلطات الإيطالية حول مركز الاستقبال كارا دي مينيو في صقلية من تضرر السكان الذين يعيشون في الجوار، حيث تم نهب الحقول من الفواكه والخضروات، كما أن إقامة مناطق تطوير سياحية في الجوار غير مربحة وذلك بسبب تقارير الجريمة. وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني من أكثر السياسيين تشدداً تجاه اللاجئين نظام الاستقبال CARA كلمة CARA هي اختصار لتسمية (Centri di Accoglienza per Richiedenti Asilo) أو مركز ترحيب لأولئك الذين يطلبون اللجوء. تم تصميم هذه المراكز في البداية لتأمين إقامة للأشخاص لفترة قصيرة حتى يتم دمجهم بعدها بشكل كامل. على الرغم من ذلك، ينتهي الأمر بالكثير من الأشخاص بالبقاء ضمن هذا النظام لفترة أطول حتى تتم معالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم. بيد أن ذلك يستغرق وقتا أطول في الواقع، وغالبا ما يكون ذلك عندما يتمكن شخص ما من الحصول على تصريح الإقامة فقط أو عن طريق الحصول على عمل من قبل شبكة خاصة تعنى باللاجئين أصحاب الحماية والذي يطلق عليه اختصارا SPRAR. نظام التشغيل SPRAR يتم تشغيل شبكة SPRAR من قبل السلطات المحلية وهو مشروع غير ربحي، حيث يمول البرنامج من قبل الحكومة الوطنية من خلال الأموال الموجهة إلى البلديات المحلية وتشمل السكن والدعم المالي والدروس الإيطالية والرعاية الطبية والنفسية (عند الحاجة) وإمكانية الاندماج في المجتمع من خلال برامج التدريب وعروض العمل. وغالباً ما يتم اختيار نظام SPRAR بنظامه التعاوني من أجل توفير العمل والإسكان والتكامل لصالح المجتمع المحلي واللاجئين وطالبي اللجوء. وكثيرا ما كان يشار إلى هذا النموذج كمثال إيجابي نجح في تشغيل حوالي 11 ألف طالب لجوء في أنحاء إيطاليا، ويقوم مبدأ عمل هذا النظام على إتاحة الفرصة للاجئين للقيام بالأعمال الشاغرة ومنها التعاون مع المجتمع المحلي في العديد من الأعمال التي تخدم المجتمع مثل جمع قمامة رياض الأطفال وغيرها من المشاريع، وقد تم تطبيق هذه التجربة في عموم إيطاليا إلا أنها لم تطبق بشكل متساو لغاية الآن. نظام التشغيل CAS جنبا إلى جنب مع نظامSPRAR ونظام CARA يوجد أيضا دعم المؤسسات الخاصة ومراكز الترحيب التي تمول بعض المشاريع والذي يطلق عليه اسم نظامCAS ، حيث تم إقرار هذا النظام عام 2014 بعد موجة قدوم اللاجئين، واستمر بعد ذلك ليخدم بقية اللاجئين. ويتم دعم استراتيجية الموازنة المحلية من قبل الحكومة الاتحادية التي تمول مشاريع يديرها القطاع الخاص. وتبلغ حصة الدعم الحكومي لبرامج التشغيل 35 يورو ليوم عمل للفرد الواحد من اللاجئين الذين يعملون عبر برامج التشغيل السابقة الذكر، بيد أن هناك انتقادات من أن مدراء القطاع الخاص يميلون إلى تخفيض تكاليف التشغيل من أجل الحصول على المزيد من الأرباح وهو ما ينعكس سلبا على الأموال المقدمة لتشغيل اللاجئين وذلك لأن هدف الشركات الخاصة يكون عادة الربح المادي وليس خدمة المجتمع وهو ما دعا الحكومة إلى التحقيق في قضايا فساد بهذا الخصوص. وفي تقرير عن نظام الهجرة في إيطاليا على مجموعة مدونة "لو نيوس" التي تقدم تحليلا اجتماعيا معمقا للقصص الإخبارية الكبرى كتب عالم الاجتماع فابيو كولومبو أن إحدى مزايا شبكة SPRAR تتمثل في أن المال والاستفادة من تدريب الأفراد وإتاحة فرص الاندماج يتم إعادة توزيعها داخل المجتمع المحلي وتتواءم مع حاجاته ما يعود بالفائدة على هذا المجتمع. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة لا ستامبا الصادرة في أواخر عام 2018، فإن أعداد المهاجرين الذين تدعمهم الحكومة الإيطالية هي نسبة ضئيلة للغاية من مجموع 4 ملايين من الأجانب غير الأوروبيين الذين يعيشون في إيطاليا، وقدرت الصحيفة وجود 600 ألف مهاجر خارج نظام المساعدات الذي تقدمه الحكومة وهم بالتالي لا يحملون تصاريح إقامة أو الحق في الإقامة في إيطاليا، ولكنهم يعيشون مع ذلك وبدون أي دعم. "بشر لا مواشي" بعد إعلان الوزير سالفيني الأخير عن إغلاق شركة مركز استقبال اللاجئين، قام المركز اليسوعي (JRS) والذي ينتمي أيضا لشبكة SPRAR بنشر رسالة مفتوحة بالتعاون مع مؤسسات دولية مثل منظمة العفو الدولية في إيطاليا ومنظمة "أنقذوا الأطفال" ومنظمة "أوكسفام إيطاليا" و"أطباء بلا حدود" (MSF) ، أشاروا فيها إلى عواقب إغلاق هذا المركز، مؤكدين أن الحكومة تقطع الروابط بينها وبين اللاجئين بهذا العمل. وخلال الاحتجاجات في روما، اشتكى أحد الرهبان المحتجين من خطط الترحيل، واصفا من يقطنون في هذه المراكز بأنهم بشر وأن هناك حياة موجودة في داخل مراكز اللاجئين، وهم ليسوا "ماشية أو منتوجات حتى يتم إعادة توزيعهم"، الوزير سالفيني قال بأن إغلاق المركز سيوفر على الحكومة الإيطالية مبلغ 6 ملايين يورو، وبحسب منظمات مثل Openpolis وActionAid فإن الحكومة لإيطالية رصدت ما مقداره من 3-3.8 مليار يورو عام 2017 وذلك لمختلف أنواع مراكز الاستقبال الموجودة في إيطاليا. في مدينة كيستيلونوفو هناك 300 شخص منهم 14 قاصرا سيتم ترحيلهم إلى مناطق أخرى في إيطاليا، ما يعني بحسب مركز Centro Astallio أن دراستهم وعملهم وطريقهم للاندماج ستضيع وتصبح أدراج النسيان، آخرون عبروا عن قلقهم من أن هذه الرحلة قد تعني أيضا انقطاع المساعدات والأدوية التي يحتاجها بعض اللاجئين. ويقول بعض المؤيدين إن نقل الناس من المراكز الكبيرة إلى أماكن أصغر قد يمكّنهم من الانضمام إلى البرامج والاندماج بشكل أفضل. بيد أن مدونة "لو نيوس" نشرت أن مثل هذه الفوائد المحتملة للمهاجرين واللاجئين والإيطاليين "تبدو بعيدة كل البعد عن أن تتحقق"، خاصة مع عدم توفر الأمن هناك، ويرى بعض المنتقدين لسياسة سالفيني أن سياسية الإغلاق قد تؤدي إلى خلق المزيد من عدم اليقين والمشاكل الاجتماعية التي قد تكلف الجميع المزيد في المستقبل، حسبما يقول منتقدو سالفيني. إيما واليس/ ع.ج- مهاجر نيوز
مشاركة :