قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه لا يوجد تعارض شرعي بين مفهوم الانتماء للوطن والانتماء والولاء للدين، فالوطن المستقر الآمن يحمي الدين والعقيدة والأخلاق والقيم.وأضاف في الحوار الأسبوعي من حلقة برنامج "مع المفتي" المُذاع على "قناة الناس" الذي يُقدِّمه الإعلامي شريف فؤاد، أن قيمة حب الوطن هي قيمة جليلة تعمق الانتماء والارتباط بين الفرد والأرض، فالوطن رمز عظيم، والانتماء إليه مطلوب فطرةً وشرعًا.وأكد المفتي أن ترسيخ وتنمية حب الوطن يبدأ منذ الصغر وفي إطار الأسرة المستقرة والبيئة المحيطة من الجيران والأقارب والمدرسة، فعندما تسود قيم المحبة والمودة والاهتمام والرعاية حول الطفل سينشأ على الانتماء والحب لوطنه.وعن التوفيق بين متطلبات الحياة ومشاغلها وبين رعاية الأسرة قال مفتي الجمهورية: "لا بد من التوفيق بينهما، ولا بديل إطلاقًا غير التوفيق، فلا فائدة لأحدهما دون الآخر".ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن الانتماء للوطن والحنين له مما جُبِل عليه الإنسان، فنرى كثيرًا من العائدين لأوطانهم من السفر يحرصون على السجود لله شكرًا، بل يُقبِّلون الأرض بعفوية ودون تصنُّع لأنهم جُبِلوا على حب الوطن، وكذلك الجندي المحارب يضحي بنفسه استشهادًا من أجل الانتماء للوطن وحبه له وحماية لأهله ولذويه، بل لكل أفراد وطنه.وأضاف المفتي أن الانتماء للوطن يفرض على الإنسان مساعدة الآخرين، بل قد أجاز الشرع الشريف قطع الصلاة من أجل إنقاذ غريق أو إغاثة ملهوف، وتنوعت عبارات الفقهاء فيما يباح للمصلي قطع الصلاة من أجله، ما بين مضيِّق وموسِّع، وبينوا أنه كما يجوز قطعها للضرورة فيجوز قطعها كذلك للحاجة.وأوضح فضيلته أن عادة "تحية العلم" ارتبطت عند الناس بحب الأوطان، فصارت بذلك وسيلة عامة للتعبير عن حب الأوطان وإظهار الانتماء، وقد تقرر في قواعد الشريعة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإذا كان حب الوطن مِن المطلوبات الشرعية، فإن وسيلتَه الجائزةَ في أصلها تكون كذلك مشروعة.وأشار فضيلة المفتي إلى أن هناك مجموعة من المؤسسات التي تسعى إلى تحقيق مصالح العباد، تبدأ بمؤسسة الأسرة، تلك اللَّبِنة الأولى التي تنتمي للمؤسسة الأخرى وهي المجتمع، وهذه المؤسسات مجتمعة تعمل في تناغم على حماية الوطن من الأمراض التي تعتريه، التي تحاول إثناءه عن غايته في العمل والبناء والتنمية وتحقيق الوئام بين أبنائه.واختتم مفتي الجمهورية حواره بضرورة البناء الجيد للأسرة لأنها لبنة الأساس في بناء الأوطان، حيث إنَّ الانتماء للوطن ينشأ من الانتماء للأسرة، والأسرة هي نواة المجتمع فإن صلحت استقامت الحياة وإن فسدت ضاعت الأمة.
مشاركة :