وزيـر الأوقـاف: يجب أن يفكر كل إنسان في الغاية من الإنجاب

  • 2/10/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري، عقدت وزارة الأوقاف مساء اليوم السبت، بمسجد الإمام الحسين (رضي الله تعالى عنه) بالقاهرة ندوة للرأي تحت عنوان: "حقوق الطفل قبل مولده"، حاضر فيها: أ.د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وأ.د. عبد الله النجار عميد كلية الدراسات العليا الأسبق، بحضور أ.د. محمد محمود أبو هاشم نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري سابقا، ولفيف من قيادات وزارة الأوقاف، وعدد من أئمة الوزارة، وجمع كبير من المصلين، وأدار الندوة الإعلامي أ. تامر عقل الذي ثمن جهود وزير الأوقاف في نشر روح الحوار والفكر التنويري بين فئات المجتمع في معالجة القضايا المهمة وبخاصة فيما يتعلق بالأسرة. وفي بداية كلمته دعا مختار جمعة وزير الأوقاف للرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية بكل التوفيق في رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، فقد استطاع بسياسته الحكيمة إعادة اللحمة الحقيقية لقارة أفريقيا، ومن واجب جميع مؤسسات الدولة أن تكون خلف سيادته بكل قوتها، مؤكدًا أن وزارة الأوقاف المصرية في إطار دورها التنويري ونشر الفكر الوسطي المستنير، ومواجهة الفكر المتطرف، قررت تخصيص مائة منحة تدريب مجانية بأكاديمية الأوقاف الدولية للأئمة والدارسين الأفارقة. وفي سياق آخر، أكد جمعة، أن موضوع الندوة في غاية الأهمية؛ لأن الاهتمام بالطفل هو اهتمام بالأسرة والمجتمع، وهذا ينبثق من القاعدة التي طالما نؤكد عليها وهي أن مصالح الأوطان لا تنفك عن مصالح الأديان، وأن الأديان جاءت لسعادة الإنسان، مشيرًا إلى أن كثيرا من الناس ينظر إلى الولد على أنه سند للمصلحة الشخصية دون النظر إلى المجتمع، وهذا يؤكد ضرورة أن كل إنسان عليه التفكير في الغاية من الإنجاب، وأن يكون حق الطفل نفسه في حياة كريمة من أولى الأولويات، ومن ثم يجب علينا جميعا أن نعمل على إعداد ما يحتاجه الطفل من مسكن ومطعم وملبس وسائر جوانب الحياة الكريمة. كما أشار معاليه إلى أن بعض المفسرين قالوا: إن الولد نعمة وكذلك العقم نعمة، وهذا واقع مشاهد، فالله تعالى يقول: {يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ ٱلذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانا وَإِنَاثا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيما..}، [الشورى: 49-50]، فالأولاد هبة من الله الخالق سبحانه وتعالى وليست حقا لكل مَنْ ملَك أسبابها، فقد تتوافر الحياة الزوجية ولا يأتي لها ثمرة إنجاب، ويُبتلَى الزوجان بالعقم وهو أيضا نعمة من الله، مشيرًا إلى ما ذكره الشيخ الشعراوي رحمه الله، حيث قال: إن الذي يرضى بهذه الهبة ويؤمن أنها من الله يُعوِّضه الله ويرى من أولاد الآخرين من البر ما لا يراه الآباء، ويتمتع بهذا البر دون تعب ودون مشقة في تربية هؤلاء الأولاد، وفي واقع حياتنا قد يأتي الابن ويكون عاقا لوالديه. كما أكد الوزير أن دعاء إبراهيم (عليه السلام) دليل على أن الولد ليس للمصلحة الخاصة النفعية وإنما لمصلحة الدين والوطن، قال تعالي: "رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"، موضحا أن هذا يؤكد على العلاقة الوطيدة بين الفرد والمجتمع، وأن الفرد لا غنى له عن المجتمع، وأنه لابد من الاهتمام بالفرد لبناء مجتمع قوي، لأن الكثرة الضعيفة لا فائدة منها وأنها غثاء كغثاء السيل، أما قوة الأمم فتكون بقوة أفرادها، فتربية الأولاد لابد أن يقصد بها وجه الله وخدمة الدين والوطن. وفى ختام كلمته أكد أن عدم الاستعداد الكامل لاستقبال المولود ظلم بيّن، وهذا يدل على أن تزويج القاصرات اللاتي لم يكتمل نضجهن عقلًا وجسمًا فيه ما فيه من الضرر والظلم للطفل الذي لن يجد من يقوم بحق رعايته. وفى بداية كلمته أكد الدكتور عبد الله النجار عميد كلية الدراسات العليا الأسبق، أنه استفاد كثيرا من هذا العلم الفياض الذي جادت به أفكار الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، مشيرا إلى أن إنجاب الأولاد يتعلق بمقصود الله تعالى في الأرض، فقد جعل الله الناس خلائف في الأرض يخلف بعضهم بعضًا، وهذا يوضح قضية ذكرها الإمام الغزالي في أن الوالدين هما صاحبا الحق في الإنجاب، وصاحب الحق يتصرف كما يشاء، وأن التمسح في أن هذا من الواجبات والحقوق الإلهية يُعتبر من الخطأ البيّن، لأن الولد النافع هو الذي يستطيع خدمة الدين والوطن. كما أكد فضيلته أن الكثرة التي تدعو إلى المباهاة هي الكثرةُ النافعة القوية المنتجة، التي لا يمكن أن تكون عالة على الآخرين في طعامها وكسائها ودوائها، أما الكثرة الضعيفة الهزيلة التي تكون عالةً على غيرها فهي التي شبهها النبي (صلى الله عليه وسلم) بغثاء السيل، حيث قال (صلى الله عليه وسلم): (يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا) قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ)، فهي كثرة مذمومة لا ممدوحة. وفِي ختام كلمته أكد أن كثرة الإنجاب دون مراعاة للحالة المادية والظروف الاجتماعية وحال الزوجة الصحية يؤثر على تربية الأطفال فلا يستطيع رب الأسرة أن ينفق عليهم، أو يعلمهم، أو يُحسن تربيتهم فيصبحوا عبئًا ثقيلًا على المجتمع، وأن هذا يقتضي التفرقة بين الحكم الشرعي العقدي والحكم الشرعي التكليفي لبيان التفرقة بين الجانب العقدي في أن الله هو الرزاق المتين وبين طلب الرزق والسعي له وأن التزاحم على المباحات يحولها إلى معارضات، وأن كثرة التزاحم على الخدمات المتاحة يحولها إلى سلع ذات قيمة أو يؤثر حتى على إتاحتها. وفي مداخلة للدكتور محمد محمود أبو هاشم نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري سابقا، أشار إلى ضرورة التفرقة بين تحديد النسل وتنظيمه، وإلى ضرورة الاستمرار في هذه الندوات والمحاضرات لزيادة الوعي المجتمعي بقضاياه. وفي ختام الندوة، أكد وزير الأوقاف على ضرورة الوقوف على عدة قواعد مهمة منها، أن التزاحم على المباحات يؤدي إلى معارضات؛ فالتكاثر المتزايد فوق الإمكانات المتاحة مضرة ومفسدة قد تؤدي إلى عدم إمكانية إتاحة الخدمة، والقاعدة الأخرى التي تقول من جهد البلاء كثرة العيال وقلة المال، فإنجاب الأبناء إضافة إلى المجتمع لا خصمًا منه، مؤكدا أن التكاثر ليس معناه الكثرة وإنما معناه الزيادة المنضبطة، وأن الوضع الاقتصادي هو أحد أهم القواعد الضابطة للحياة والمجتمع، وأن التوكل هو الأخذ بالأسباب لإخراج جيل صالح وقادر ونافع لنفسه ولغيره.

مشاركة :