أكدت النقاشات التي شهدها اجتماع مائدة مستديرة رفيع المستوى استضافته وزارة التغير المناخي والبيئة بمشاركة نخبة من صناع القرار والخبراء العالميين، ضمن أعمال منتدى التغير المناخي المقام على هامش القمة العالمية للحكومات 2019 في دبي، على ضرورة اعتماد حلول مبتكرة قابلة للتنفيذ على المدى القريب لخفض حدة تداعيات التغير المناخي، والتكيف معها، لتقليل تأثيرها في صحة البشر والبيئة بشكل عام. طرح الاجتماع مجموعة من المعطيات الهامة التي تستدعي سرعة التحرك وتكثيف الجهود المبذولة عالمياً، أهمها أن أعداد النازحين سنوياً تزيد على 23.5 مليون شخص بسبب الكوارث التي تخلفها تداعيات التغير المناخي، كما تصل كلفة الرعاية الصحية للمتضررين من هذه التداعيات عالمياً إلى 4 تريليونات دولار بما يعادل 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2018. وأشار المشاركون في الاجتماع إلى أن عدد الظواهر المناخية ذات التأثيرات الكارثية ارتفع من 80 ظاهرة عالمياً في 1970 إلى 400 ظاهرة في 2017، التي بدورها تتسبب بتشريد ونزوح 23.5 مليون شخص سنوياً، كما تتسبب معدلات تلوث الهواء المرتفعة والمرتبطة بزيادة انبعاثات غازات الدفيئة بتسجيل 7 ملايين حالة وفاة سنوياً. شارك في الاجتماع نخبة من كبار المسؤولين الدوليين في مجال البيئة والتغير المناخي وممثلي المنظمات الدولية المعنية بهذا المجال، وفي مقدمتهم الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة. وأكد الدكتور الزيودي أن دولة الإمارات تولي العمل من أجل البيئة والمناخ اهتماماً كبيراً وفق استراتيجيتها وخططها التنفيذية في هذا الشأن، على المستويين المحلي والعالمي، إذ تخصص الدولة 1% من إجمالي الدخل المحلي للمشاريع التي تتداخل مع قضايا الصحة، والإغاثة، والجهود الإنسانية المتعلقة بتداعيات تغير المناخ، مشيراً إلى انفتاح الدولة على العمل مع الشركاء من المنظمات الدولية لمواجهة التحديات التي تواجهها الإنسانية والناجمة عن التغير المناخي وأثر ذلك في صحة الإنسان. وأشار إلى أن: «دولة الإمارات وعت هذا التأثير مبكراً، وتبذل جهوداً رائدة عالمياً في العمل من أجل المناخ بشكل عام، وفي قضية العلاقة بين تغير المناخ والصحة العامة، وعبر وزارة التغير المناخي والبيئة وبالتنسيق مع الجهات الحكومية كافة في الدولة، عملت على وضع خطة وطنية للتكيف مع هذا التغير تشمل آليات وتدابير تحقيق هذا التكيف على مستوى القطاعات الرئيسية كافة، وفي مقدمتها القطاع الصحي». من جانبه، عبّر بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، عن تقديره للجهود التي تقوم بها دولة الإمارات في المجال البيئي والتغير المناخي. أما لوران فابيوس، فأكد أن مخاطر التغير المناخي يجب أن تناقش في نطاق أعم وأشمل وهو الأمن والسلم العالميين، والأخذ في الاعتبار تراكم تلك المشكلة عبر السنوات الماضية. رسالة قوية من جهتها، أشارت ماريا فرناندا إسبينوزا، رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن تنظيم دولة الإمارات لمنتدى التغير المناخي والصحة العامة يبعث رسالة قوية، وينم عن اهتمامها الكبير بهذا الملف، لاسميا أن المنتدى يستضيف مختلف المؤسسات والهيئات الدولية العاملة في مجال البيئة والطاقة المتجددة، والتغير المناخي، ما سيسهم من دون شك في الوصول إلى رؤى مشتركة ويحفز على صياغة أهداف واضحة حول القضايا البيئية والمساهمة في إنقاذ الملايين الذين يموتون جراء الأمراض الناجمة عن التغير المناخي. ولفتت د. ماريا نيرا مديرة الصحة العامة، منظمة الصحة العالمية، إلى المسؤولية المشتركة للمنظمات والمؤسسات المعنية بالملف البيئي، وضرورة تضافر الجهود لتحقيق الأهداف وتفعيل دور البحث العلمي وتوفير الميزانيات لتمويل الخطط الرامية من الحد من التحديات البيئية التي تواجه العالم. من جهتها ترى جينا مكارثي، أن التعامل مع تهديدات تغير المناخ للصحة العامة على أنها كارثة كبرى وإيصال هذه الصورة للجمهور العادي أمر خاطئ للغاية، فهذه الطريقة ستخلق حالة من التخبط والهلع ولن نصل عبرها إلى حلول من جانبه، أكد عدنان أمين، المدير العام، الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، على أهمية الجهود التي تبذلها الإمارات في مجال الحد من التغير المناخي. أما آخيم ستينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد لفت إلى أن المجتمع الدولي مدعو للالتفاف حول تنفيذ ما دعت إليه اتفاقية باريس للمناخ، والتوافق على أن مسؤولية التصدي لتحدي تغيّر المناخ هي مسؤولية مشتركة بين الدول، ودعوة المجتمعات للعمل معاً لتحقيق أهدافها.
مشاركة :