تسير القطاعات الاقتصادية المختلفة بصورة متوازنة في المملكة، ضمن الإطار العام لـ"رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. ولأن "الرؤية" تستهدف في الواقع البناء الاقتصادي الجديد في البلاد، فهي تشمل كل شيء، بما في ذلك استحداث قطاعات وخدمات جديدة ذات قيمة مضافة للتحول وللعائد الاقتصادي المستهدف. ويمضي الاقتصاد وفق هذا المخطط. فعلى سبيل المثال يتم تعزيز قدرات السعودية في مجال الطاقة التقليدية، وفي الوقت نفسه ترصد استثمارات في قطاع الطاقة المتجددة. أي إن الأبواب مفتوحة على كل ما يدعم مسار "رؤية المملكة"، مدعومة بالطبع بمرونة تمويلية كبيرة، وبتشريعات تواكب هذا التحول التاريخي الهائل. ومن ضمن القطاعات التي تمثل محورا في عملية التنمية ككل، قطاع التنقيب عن المعادن في المملكة. وهذا القطاع يكتسب أهمية، لأنه يدخل أيضا ضمن إطار الهدف الرئيس في "الرؤية" وهو تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط في الحراك التنموي العام. وعلى هذا الأساس قررت السعودية استثمار 3.8 مليار دولار في مجال التنقيب عن المعادن، وذلك لتيسير إتاحة البيانات الجيولوجية، وتقليص المعوقات الإدارية، وفق ما تم إعلانه. وبالطبع ستكون هذه الأموال ضمن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية. ويعترف المسؤولون في المملكة بقلة البيانات الجيولوجية المتاحة في الفترة الماضية، ومنح التراخيص على مدد طويلة جدا، بل الافتقار للشفافية. وعلى هذا الأساس، ستكون الاستثمارات الضخمة المزمعة نقلة نوعية في هذا المجال، وستوفر الأسس العملية ليس فقط لانطلاق الاستكشافات المطلوبة، بل مسح شامل لكل المكونات الطبيعية في البلاد. وهذه الخطوة الواعدة تتضمن أيضا سلسلة من الإجراءات الخاصة بتسهيل عملية منح التراخيص، وتخفيف القيود ضمن المصلحة الوطنية، ما يواكب في الواقع المفهوم الإجرائي الذي جلبته "رؤية المملكة" للاقتصاد الوطني ككل. فالخطة الآن، أن تمنح التراخيص بحدود 60 يوما فقط، بينما كانت تمنح في غضون ستة أشهر، ما أسهم في بطء عجلة التنقيب عن المعادن في كل مناطق المملكة. فالتشريعات المرنة مطلوبة في كل القطاعات، وتشكل دافعا قويا لكل من يرغب في الوصول إلى الساحة الاستثمارية السعودية. والسعودية تتمتع بقدرات كبيرة في هذا المجال بالفعل. فهي من بين أكبر مصدري الفوسفات في العالم، وقطاع التعدين فيها يضم قرابة 250 ألف عامل وموظف، الأمر الذي يصب أيضا في مجال توطين الوظائف. وهذا المجال "كما هو معروف" يمثل محورا أساسيا في "رؤية المملكة 2030". وتقدر مبدئيا قيمة الموارد المعنية في المملكة بأكثر من 1.3 تريليون دولار. وهذا مستوى هائل من حيث القيمة، ما يسمح بالطبع لاستقطاب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، خصوصا إذا ما علمنا أن القوانين الجديدة تتيح ملكية تصل إلى 100 في المائة في هذا القطاع الحيوي الكبير. بالطبع ستعزز المفاهيم الاقتصادية التي تنفذها القيادة في البلاد مسيرة التحول الشاملة، وقطاع التعدين ليس سوى قطاع آخر يمثل قيمة مضافة لاستراتيجية البناء الاقتصادي الوطني. فكل شيء مطروح للاستثمار بما يخدم أهداف "الرؤية". والمملكة التي تعزز مسيرتها في مجال التعدين، تفتح آفاقا جديدة، بينما تتمتع بأعلى مستوى من التصنيف الائتماني العالمي، الذي يكفل لها دائما استقطابا متواصلا للاستثمارات المختلفة.
مشاركة :