لم يعد يخفى على أحد منا مخاوفه من سيطرة الأجهزة الذكية على مجريات حياتنا على مستوى الأسرة أو على مستوى العلاقات الاجتماعية، وقد كنا نشاهد أفلام الخيال العلمي عن أجهزة صنعها الإنسان وزودها بالذكاء الصناعي تمكنت بهذا الذكاء من السيطرة على الكرة الأرضية. وبما أن بعض قصص الخيال العلمي قد تحققت في واقعنا فهل ما يحدث الآن هو استعمار وسيطرة من الأجهزة الذكية التي صنعنا ذكاءها بأنفسنا ووقعنا في حبائلها وشباكها نحن وأعز ما نملك من أبنائنا وبناتنا لتجعل منا ومنهم مسلوبي الإرادة لا تجيد فقط إلا التصفح «الفرجة» في الوقت الذي كان من المفروض أن نستغل ذكاءها لتطوير ذكائهم وقدراتهم ومواهبهم. وعوضا عن ذلك وجدنا أنفسنا أمام ظواهر خطيرة جدا أعراضها باتت لا تخفى على أحد، فانزواء الأبناء في الغرف المغلقة، وبقاؤهم الساعات الطوال أسرى لهذه الأجهزة الذكية يخوضون في بحور الإنترنت التي يجتمع فيها كل أنواع الانحراف المتمثل بأشخاص مرضى نفسيين وجدوا في شبكات التواصل هذه بيئة مناسبة لنصب شباكهم ونفث سمومهم وترويج أفكارهم المضللة والهدامة. وقبل أن تفكر في انتقاد قولي هذا فإنني أحيلك إلى إحصائيات هذه المواقع فستخبرك بالمواضيع والمحتويات والدول التي تتصدر قائمة الإحصائيات، ولتنظر إلى عيون أبنائنا وبناتنا وملامح وجوههم الضائعة ومدى التبلد واللامبالاة في تصرفاتهم وسلوكياتهم والفوضى التي يعيشونها في نومهم ودراستهم وتحصيلهم العلمي وتفكيرهم، ستصاب بالصدمة عندما تكتشف ضعف المهارات التي يعيشون بها هذا إن كان لديهم مهارات، كما أذكرك بزيادة حوادث السيارات نتيجة لانشغال السائقين على مختلف أعمارهم بهذه الأجهزة. وحتى يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه ونحمي أبناءنا وبناتنا ونخلصهم من أسر الأجهزة الذكية ونستعيدهم، علينا أن نزودهم بما يمكنهم من ترويضها وتسخير ذكائها فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة وأن نفعل القوانين المتعلقة بالمواقع والأشخاص والمحتويات التي تنشر الرذيلة وتستغل الإنترنت أسوأ استغلال وأن تكثف حملات التوعية المناسبة والواقعية والمدركة لحجم المخاطر التي سيقع فيها المجتمع إن ترك هذا الأمر على ما هو عليه الآن. وتوحيد الجهود من خلال مواجهة منظمة ومدروسة شاملة وعميقة التأثير دينيا وأمنيا وتربويا. عبدالمجيد بن سليمان النجار (جدة)
مشاركة :